تقارير

أسواق اللحوم والدواجن في أزمة: غلاء يهدد حياة المصريين

تشهد الأسواق المصرية حالة من الارتفاع الجنوني غير المبرر في أسعار اللحوم الحمراء، ما دفع الكثير من الأسر إلى البحث عن بدائل أرخص مثل الدواجن.

هذه الصناعة التي كانت تُعتبر ركنًا أساسيًا على موائد المصريين، أصبحت ضحية لأسعار فاقت قدرات المواطنين.

لم يعد بإمكان الأغلبية تحمل تكاليف البروتين الحيواني الذي كان يوماً ما متاحاً، مما حول مئات الآلاف إلى خيارات أخرى قد تكون أقل جودة أو خطورة على الصحة.

الوضع الراهن في أسواق الدواجن أيضًا لم يكن أفضل، إذ ارتفعت الأسعار بشكل غير منطقي، حيث وصل سعر الكيلو من الدواجن في بعض المناطق إلى أكثر من 110 جنيهات، في وقت كانت فيه أسعار اللحوم الحمراء قد أغلقت أبوابها في وجه الفئات الضعيفة.

ومع زيادة تكاليف الحياة اليومية، مثل فواتير الكهرباء والمياه والمواصلات، أصبح الحصول على البروتين الحيواني من الأمور الصعبة، بل والكمالية، بالنسبة لكثير من الأسر.

تراجع الإنتاج بنسبة تجاوزت 35% في ظل انسحاب 40% من صغار المربين بسبب الخسائر الكبيرة التي تعرضوا لها في العامين الماضيين.

الوضع الاقتصادي المعقد الذي تمر به البلاد يفاقم الأزمة، حيث أصبح المستهلكون يعانون من غلاء المعيشة، مما جعلهم يفرضون تقشفًا غير مسبوق في ميزانياتهم اليومية.

وفي ظل هذه الأجواء، لا تزال هناك آمال في إنقاذ صناعة الدواجن من خلال استيراد الكتاكيت، وهو قرار صادر عن وزارة الزراعة في محاولة لتحجيم جشع المنتجين الكبار.

هذا القرار قد يُسهم في توفير احتياجات السوق، لكن الشكوك تظل قائمة حول جدوى التنفيذ ونجاحه في تخفيض الأسعار، خاصة في ظل غياب الرقابة الفعالة.

إحدى ربات البيوت وتدعي “خديجة محمد”، عبرت عن استيائها من هذا الوضع، حيث أكدت أن ارتفاع الأسعار جعلها تتخلى عن فكرة شراء اللحوم الحمراء، وهو ما أثر بشكل مباشر على صحة أطفالها.

الوضع المعيشي السيء دفعها للبحث عن بدائل لا تلبي احتياجاتهم الغذائية. أما أم محمد، فهي تعاني من نفس المشكلات،

حيث صرحت أن المعاش الذي تتقاضاه لم يعد كافيًا لتلبية احتياجات أسرتها، وأصبحت تعتمد على أرجل الدجاج فقط، في ظل ارتفاع أسعار جميع أنواع البروتين.

هذا الاستياء العام بين المواطنين يعود إلى تباين الأسعار بين المناطق، حيث يشعر البعض بأن الأسعار مرتفعة بشكل غير مبرر، مما يطرح تساؤلات عديدة حول دور الدولة في مراقبة الأسواق.

من جانبها، أعربت حسناء محمود، إحدى سكان الريف، عن استيائها من الوضع الراهن، مؤكدة أن أسرتها توقفت عن شراء البيض نهائيًا، لأن ميزانيتهم لم تعد تحتمل ذلك.

وفي هذا السياق، قال الدكتور عبدالعزيز السيد، رئيس شعبة الدواجن باتحاد الغرف التجارية، إن الاحتكار من قبل الشركات الكبرى كان السبب الرئيسي وراء ارتفاع الأسعار.

حيث أن الشركات الكبرى ترفض زيادة إنتاجها، ما يؤدي إلى نقص المعروض ويجعل الأسعار تواصل ارتفاعها. ومن الضروري أن تتدخل الحكومة بصرامة وتقوم بمعاقبة هذه الشركات لوقف نزيف الخسائر الذي يتعرض له صغار المربين.

وعلى الرغم من وجود تراجع ملحوظ في أسعار الدواجن الشهر الماضي، إلا أن هذا التراجع لم يستمر طويلاً. فقد عادت الأسعار للارتفاع مرة أخرى بسبب نقص الكتاكيت.

وبلغ سعر الدواجن الآن من المزرعة 75 جنيهاً، بينما تصل إلى المستهلك بأسعار تتراوح بين 88 إلى 100 جنيه، حسب المنطقة.

زيادة الأسعار المبالغ فيها تُعزى أيضًا إلى ضعف الرقابة على السوق، حيث يستغل بعض التجار الأوضاع الراهنة لرفع الأسعار بشكل غير مبرر، مما يؤدي إلى إضعاف القوة الشرائية للمواطنين.

الدكتور مصطفى خليل، خبير الثروة الحيوانية، أكد أن استيراد الكتاكيت قد يُسهم في تخفيض الأسعار على المدى الطويل، لكن العملية تتطلب وقتًا.

يجب على الحكومة أن تعمل على تعزيز الرقابة لتفادي استمرار ارتفاع الأسعار خلال الفترة المقبلة. هذه الدعوات لفرض رقابة أقوى تأتي في وقت يشهد فيه السوق اضطرابات واضحة.

ومع زيادة التكاليف، يتفاقم الوضع، خاصة في ظل الارتفاع الملحوظ في أسعار الأدوية البيطرية واللقاحات، مما يهدد بزيادة جديدة في تكاليف الإنتاج، وبالتالي رفع أسعار الدواجن بشكل أكبر.

أما أصحاب المزارع، فقد عبّروا عن إحباطهم بسبب المعاناة التي يتعرضون لها. العديد منهم يرون أن الحكومة تخذلهم، ولا توفر الحماية اللازمة لصغار المربين.

إذ أن تكلفة إنتاج دورة واحدة لإنتاج 5000 دجاجة تصل إلى حوالي 700 ألف جنيه، وهو مبلغ كبير في ظل الأسعار الحالية.

يجب أن تكون هناك حلول جذرية لتعزيز قطاع الدواجن في مصر، من خلال وضع آليات سعرية عادلة وتوفير دعم حقيقي للمزارعين الصغار. يجب أن تعيد الحكومة النظر في سياستها لتكون أكثر فاعلية وتؤمن استدامة هذه الصناعة الحيوية.

في النهاية، الأزمة الغذائية في مصر ليست مجرد أزمة أسعار، بل هي أزمة ثقة بين الدولة والمواطن، تحتاج إلى معالجة جذرية وسريعة قبل أن تفقد الأسر قدرتها على تأمين احتياجاتها الأساسية.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button