تقاريرثقافة وفنون

حسين الجسمي ونانسي عجرم في مرمى نيران التطبيع بعد لقاءات مع شخصيات إسرائيلية

في ظل الجرائم المستمرة التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني، تتسع رقعة المعارك لتشمل ليس فقط الأسلحة والمجازر بل أيضًا حربًا نفسية إعلامية شرسة.

الاحتلال يسعى لخلق حالة من التشتت والضبابية داخل المجتمعات العربية عبر استغلال علاقات المشاهير مع شخصيات إسرائيلية للتأثير في الرأي العام وإثارة التساؤلات حول مواقفهم من القضية الفلسطينية.

في هذه الساحة التي تتشابك فيها الأبعاد السياسية والاجتماعية، لم يكن للمشاهير العرب مفر من الدخول في دائرة الضوء الساخن.

في الساعات الماضية، اجتاحت وسائل التواصل الاجتماعي حالة من الجدل بعد أن ظهر الفنان الإماراتي حسين الجسمي في صورة تجمعه ببلوجر إسرائيلي يُدعى إتزيك بلاس.

الصورة التي تم نشرها على حساب البلوجر على “إنستجرام”، أرفق معها تعليقًا يقول: “اتشرفت بلقاء النجم الإماراتي حسين الجسمي في برج العرب بدبي، شكرًا على وقتك وقلبك الأبيض”.

هذه الكلمات القصيرة التي ربما تبدو للبعض عادية، كانت كافية لتفجير موجة من الانتقادات والاتهامات الموجهة ضد الجسمي عبر الإنترنت.

مفاجأة اللقاء بين الجسمي وإتزيك بلاس لم تكن بالأمر العابر في نظر الجمهور العربي. البلوجر الإسرائيلي قد سبق له أن ظهر في صور أخرى مع مشاهير عرب، أبرزهم الفنانة اللبنانية نانسي عجرم، وهو ما أثار حينها أيضًا ضجة إعلامية كبيرة واتهامات للفنانة بالتطبيع مع الكيان الصهيوني.

وعلى الرغم من ذلك، فإن ما يثير القلق الأكبر هو تلك اللقاءات التي تأتي في وقت حساس تتزامن فيه مع المجازر الوحشية التي يرتكبها الاحتلال بحق المدنيين العزل في غزة.

هذه الأجواء تجعل أي لقاء من هذا النوع بمثابة جرح جديد في وجدان الشعوب العربية المتعاطفة بشدة مع القضية الفلسطينية.

اللافت أن حسين الجسمي لم يقم حتى الآن بنشر أي تعليق أو صورة عن اللقاء عبر حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي، بل اكتفى بالصمت أمام العاصفة.

هذا الموقف الغامض جعل الكثيرين يتساءلون عن مدى وعيه بالعواقب المحتملة لمثل هذه اللقاءات ومدى تأثيرها على صورته لدى الجمهور.

في ظل ذلك، اتجه البعض إلى البحث عن هوية البلوجر الإسرائيلي الذي ظهر معه، لتتكشف تفاصيل أكثر حول الشخص الذي يقف خلف هذا الجدل المتواصل.

إتزيك بلاس ليس بالوجه الجديد في عالم المشاهير، فهو قد سبق له أن ظهر مع العديد من النجوم العرب، وكان لقاءه بالفنانة اللبنانية نانسي عجرم في فبراير من العام الحالي الأكثر إثارة للجدل.

في ذلك اللقاء، ظهرت نانسي وهي تتبادل الحديث وتصافح بلاس، مما أدى إلى موجة من الانتقادات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وصلت إلى حد وصفها من قبل البعض بأنها “مطبعة مع الكيان الصهيوني”.

تلك الصورة التي تم تداولها بسرعة كبيرة حينها جلبت للفنانة اللبنانية انتقادات لاذعة، خاصة من الأطراف المتشددة ضد أي محاولة للتواصل مع الإسرائيليين.

وسائل الإعلام الإسرائيلية لم تفوت الفرصة، واحتفت بهذه اللقاءات على نطاق واسع. قناة “كان” الإسرائيلية نشرت تقريرًا حول اللقاء مع نانسي، متسائلة عما إذا كانت هذه الصور ستضعها في مواقف حرجة مرة أخرى.

الصحفي الإسرائيلي إيدي كوهين المعروف بمواقفه المثيرة للجدل، لم يتردد في نشر الصور مع تعليق هجومي يقول فيه: “نانسي عجرم تتجول في حفلات الإسرائيليين في نيويورك والآن تلتقيهم في قبرص وتركيا”.

أما الصحفي الإسرائيلي روعي كايس فكان أكثر صراحة في تغريداته التي جاءت بتعليقات مبطنة تتناول مدى ما وصفه بـ”الرومانسية” بين نانسي والجمهور الإسرائيلي.

هذا المشهد المتكرر أثار تساؤلات عديدة في الأوساط العربية حول الدور الذي يلعبه المشاهير في التعامل مع قضايا حساسة مثل قضية التطبيع مع إسرائيل.

وعلى الرغم من أن نانسي عجرم حاولت تجاهل الجدل المثار حولها عبر الصمت وعدم الرد، إلا أن الجمهور العربي لم يتوقف عن طرح الأسئلة حول موقفها الحقيقي من هذه اللقاءات.

جمهورها الضخم الذي طالما كان يعتبرها رمزًا فنيًا كبيرًا في العالم العربي، بدأ يتساءل عن مدى توافق تصرفاتها مع ما يراه الشارع العربي كخطوط حمراء فيما يتعلق بالعلاقات مع إسرائيل.

في يوليو من العام الماضي، تصاعد الجدل مرة أخرى عندما تم تداول صورة أخرى لنانسي عجرم مع شخصية إسرائيلية في قبرص.

هذا اللقاء الجديد أثار موجة غضب أخرى ضد الفنانة اللبنانية، لكنها قررت هذه المرة الخروج عن صمتها عبر تغريدة حادة على “إكس” قالت فيها: “لن أقدم شهادة بوطنيتي لأحد، ولن أعلق بعد الآن فانتمائي لهذه الأرض وجذورها يعلو فوق التفاهات”.

هذه الكلمات لم تكن كافية لتهدئة العاصفة التي كانت قد اندلعت بالفعل، بل زادت من الجدل حول مواقفها وأفعالها.

وفي خضم كل هذه الأحداث، يبدو أن المشاهير العرب يواجهون معضلة كبيرة. بينما يحاول البعض منهم الفصل بين حياتهم الفنية والمواقف السياسية،

فإن الواقع يفرض عليهم ضرورة اتخاذ موقف واضح، خاصة في ظل تصاعد الغضب الشعبي ضد التطبيع مع إسرائيل.

وسائل التواصل الاجتماعي جعلت من المستحيل تقريبًا لأي شخص أن يظل بعيدًا عن الجدل، فكل حركة وكل صورة تصبح مادة دسمة للنقاش والانتقاد.

المسألة الأهم في هذا السياق ليست مجرد لقاء بين فنان وشخصية إسرائيلية، بل تدور حول السياق الأوسع الذي يحيط بهذه اللقاءات.

في الوقت الذي ترتكب فيه إسرائيل جرائم يومية بحق الشعب الفلسطيني، فإن أي نوع من التفاعل بين المشاهير العرب وشخصيات إسرائيلية يعتبره الكثيرون بمثابة تأييد ضمني أو غير مباشر لتلك الأفعال.

وبالتالي، يتوجب على هؤلاء النجوم أن يكونوا على قدر عالٍ من المسؤولية والحذر في تعاملاتهم، خاصة في ظل الظروف الحالية التي تجعل أي خطأ صغير يتحول إلى قضية كبيرة.

أما عن حسين الجسمي، فيبدو أن الأيام القادمة ستكشف عن المزيد من التفاعلات حول هذا اللقاء الذي أثار الكثير من الجدل.

فهل سيقرر الجسمي الرد وتوضيح موقفه، أم أنه سيظل متمسكًا بصمته كما فعلت نانسي عجرم؟ وهل ستتكرر مثل هذه اللقاءات في المستقبل مع مشاهير آخرين؟ كلها أسئلة تظل عالقة في الأذهان وتنتظر الإجابات.

وتبقى قضية التطبيع مع إسرائيل من أكثر القضايا الشائكة التي تواجه العالم العربي. وبينما يظل الشعب الفلسطيني يقاوم على الأرض ويكافح من أجل حريته، يجب على المشاهير أن يكونوا واعين لدورهم في هذا الصراع.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى