تقارير

تحذيرات مضللة من الجيش الإسرائيلي: كارثة إنسانية في جنوب لبنان

قالت منظمة العفو الدولية إن الإنذارات بالإخلاء التي أصدرها الجيش الإسرائيلي لسكان ضاحية بيروت الجنوبية وجنوب لبنان تفتقر إلى الفعالية، بل تُعتبر مضللة في الكثير من الحالات، مشددة على أن هذه التحذيرات لا تعفي إسرائيل من مسؤولياتها بموجب القانون الدولي الإنساني.

فبالرغم من النداءات الموجهة للمدنيين، يبقى الوضع مقلقًا، حيث يتعرض هؤلاء للخطر دون أي تدابير كافية لحمايتهم.

تشير التقارير إلى أن قانون النزاعات المسلحة يفرض على الأطراف المتحاربة الالتزام باتخاذ كافة التدابير الممكنة لتقليل الأضرار التي تلحق بالمدنيين. يجب أن يُعطى تحذير فعال قبل أي هجوم إلا إذا كانت الظروف تحول دون ذلك.

في هذا السياق، تحدثت أنياس كالامار، الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية، عن تحليل يكشف أن الإنذارات التي أطلقها الجيش الإسرائيلي كانت غير كافية وصدرت في أوقات غير مناسبة، مثل تلك التي جاءت قبل أقل من 30 دقيقة من بدء الغارات، مما يضع حياة الناس في خطر حقيقي.

أظهرت البيانات أن الإنذارات لم تتضمن خرائط دقيقة، بل كانت مضللة بشكل كبير، مما يعزز الشكوك حول النوايا الحقيقية وراء هذه التحذيرات.

إذ تم إصدار الأوامر في ساعات متأخرة من الليل عبر وسائل التواصل الاجتماعي، في الوقت الذي كان فيه معظم السكان نائمين أو غير متصلين بالإنترنت، مما يجعلها غير فعالة.

تستمر التحذيرات بالتراكم، حيث تشمل إنذارات الإخلاء مناطق شاسعة، مما يثير تساؤلات حول إمكانية تحقيق نزوح جماعي غير مُبرر.

يبدو أن التصريحات السياسية والعسكرية الإسرائيلية تشير إلى أن المدنيين يمكن اعتبارهم أهدافًا مشروعة، حيث تحدث بعض المسؤولين عن وجود “صواريخ في كل مطبخ”. هذه التصريحات تترافق مع تصاعد القصف الجوي الذي أسفر عن مقتل أكثر من 2083 شخصًا ونزوح 1.2 مليون آخرين.

في الأيام الأخيرة، تعرضت ضاحية بيروت الجنوبية، مثل حي الليلكي، لعدة غارات قاسية. عندما أصدرت إسرائيل إنذارات بالإخلاء، استجابت بعض العائلات في حالة من الذعر، حيث لم يكن لديهم الوقت الكافي لتحضير أنفسهم.

فتحدثت فاطمة، إحدى سكان الليلكي، عن كيفية مغادرتها بينما كانت تحاول إنقاذ عائلتها في حالة من الفوضى. كانت هناك حالات مشابهة، حيث كانت الأسر تخشى على حياتها من قصف وشيك.

الأمر لا يقتصر فقط على النقص في فعالية الإنذارات، بل يمتد ليشمل الأسلوب القاسي الذي يتعامل به الجيش الإسرائيلي مع المدنيين.

حتى مع وجود إنذارات، لم يكن هناك أي ضمانات على سلامتهم. تحدث أحد سكان برج البراجنة عن شعوره بالخوف والترويع من خلال هذه التحذيرات، التي اعتبرها أداة للضغط النفسي.

يتعين أن تشمل الإنذارات معلومات دقيقة حول الطرق الآمنة والمناطق التي يجب الابتعاد عنها. لكن التحليلات أظهرت أن الخرائط التي نشرتها إسرائيل كانت مضللة، حيث أظهرت مساحة أقل بكثير مما كان يتوجب على السكان مغادرته. ذلك يُعكس عدم الاكتراث بحياة المدنيين ويظهر كيف يتم استخدام الحرب كوسيلة للضغط على المجتمعات.

في ضوء ما سبق، تتزايد المخاوف من أن هذه الإنذارات تمثل استراتيجية لتشريد السكان المدنيين بدلاً من حماية حياتهم. إن غياب الإجراءات اللازمة لضمان سلامتهم، وسط غارات مستمرة، يشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي.

تؤكد منظمة العفو الدولية على أن الجيش الإسرائيلي يتحمل مسؤولية احترام حقوق الإنسان في كل الظروف، بما في ذلك حماية المدنيين في زمن الحرب.

وينبغي أن يكون للإنذارات التي يتم إصدارها دور فعّال في حماية الناس بدلاً من أن تكون مجرد كلمات تُلقى دون أي تبعات.

يتعين على المجتمع الدولي أن يتخذ موقفًا حازمًا تجاه هذه الأفعال، وأن يُحمل المسؤولين عنها المسؤولية. إن الانتهاكات المستمرة للقانون الدولي تستدعي استجابة فورية وعاجلة لحماية المدنيين وضمان عدم تفاقم الكارثة الإنسانية.

من المهم أن تُستمع أصوات الضحايا في هذه الأزمة. فكل إنذار يأتي متأخرًا، وكل غارة تسقط على المناطق السكنية، تُشدد على الحاجة الملحة للتدخل.

لقد آن الأوان لإعادة التفكير في الاستراتيجيات العسكرية المستخدمة وتوجيه الجهود نحو تحقيق السلام والحماية الفعالة للمدنيين.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى