تقاريرثقافة وفنون

جرح لبنان الغائر يهدد مهرجان الموسيقى العربية بمصر

تحت أضواء القاهرة الساطعة وفي أجواء من الفرح والاحتفال يبرز ألم لا يمكن تجاهله يؤثر على مهرجان الموسيقى العربية في دورته الثانية والثلاثين

الذي سيبدأ اليوم في مشهد فني كان ينتظر الجميع إحيائه بالأصوات اللبنانية الشهيرة لكن المأساة تلقي بظلالها على الاحتفالية البارزة بفعل الأحداث المؤلمة التي يشهدها لبنان هذه الأيام.

غابت الأسماء اللبنانية اللامعة التي كانت من المفترض أن تشارك في إحياء الحفلات على مسارح الأوبرا المصرية بسبب الظروف القاسية التي تمر بها البلاد حيث اعتذر المطرب وائل جسار عن إحياء حفله بعد الإقبال الكبير على التذاكر مما ترك فراغاً في جدول المهرجان.

تزامن ذلك مع قرار الفنان عاصي الحلاّني بعدم المشاركة في الفعالية بسبب وفاة أحد أفراد عائلته نتيجة القصف المستمر الذي طال جنوب لبنان، في موقف يعبّر عن الكارثة الإنسانية التي يعيشها الشعب اللبناني.

لكن بين مشاعر الحزن والألم، أظهرت المطربة عبير نعمة شجاعة نادرة حيث قررت المشاركة في الحفل المقرر في السادس عشر من أكتوبر وقررت التبرع بكامل أجرها لصالح الأسر المتضررة من الأحداث الدامية في لبنان.

وهذا القرار يعكس عمق الروح الإنسانية التي تسكن الفن ويؤكد أن هناك دوماً بصيص أمل في الأوقات العصيبة.

الإلغاء المفاجئ لحفلات النجوم اللبنانيين خلق أزمة كبيرة لإدارة المهرجان، خاصة أن معظم التذاكر قد بيعت بالفعل وأصبح البحث عن بدائل في وقت ضيق مهمة صعبة جداً.

إضافة إلى ذلك، يطرح هذا الوضع تساؤلات حول مدى قدرة المهرجان على التعافي من هذا الفقد، وما إذا كان يمكن أن يحتفظ بجوهره الفني في ظل هذه الظروف.

يمتد المهرجان ليشمل 45 حفلاً هذا العام موزعة على مسارح دار الأوبرا في القاهرة والإسكندرية ودمنهور ومسرح الجمهورية ومعهد الموسيقى العربية،

لكن غياب الفنانين اللبنانيين الذين كانت لهم بصمة واضحة على المهرجان قد يؤثر سلباً على المستوى الفني والروحي للفعاليات.

في خضم هذه الأوضاع، يبرز غياب أي موقف واضح من الفنانين المصريين المشاركين، مما يعكس عدم الاستجابة للألم الذي تعيشه المنطقة، وهذا قد يسبب أزمة حقيقية للمهرجان من حيث التنسيق والعرض.

هل سيتمكن هذا الحدث الفني الكبير من المضي قدماً رغم هذه التحديات؟ أم أن الجرح اللبناني الغائر سيظل جاثماً على صدور الجميع حتى بعد انتهاء الحفلات؟

يعتبر المهرجان مناسبة للتعبير عن الروح الثقافية والفنية للمنطقة، لكن هذه الدورة ستبقى مميزة بمرارة الألم الذي يعيشه لبنان.

فقد كان هذا المهرجان دائماً جسراً يجمع الفنانين من مختلف البلدان، لكن الظروف الحالية تضعه أمام تحدٍ لم يسبق له مثيل.

ومع اقتراب موعد انطلاق المهرجان، يبقى السؤال الأهم: هل ستتمكن هذه الفعالية الفنية الكبرى من تجاوز العقبات وتحقيق النجاح المرجو وسط حالة القلق والوجع التي يعيشها الفنانون والجماهير على حد سواء؟

إنه تحدٍ ليس سهلاً، لكن التحديات هي ما تصنع الفنون وتجعلها أكثر عمقاً وتأثيراً. لننظر إلى تلك اللحظات التي يتجاوز فيها الفن الأزمات وينبض بالحياة حتى في أحلك الظروف.

المهرجان هذا العام هو تجسيد لصمود الفن وللأمل الذي يظل حياً رغم كل الجراح، فهل سيكون ذلك كافياً لإضفاء البهجة على القلوب المكسورة؟

تتسابق الأفكار والمشاعر في هذه اللحظات بين الفرح والألم، ومع كل نغمة قد تنطلق من المسارح تبقى أرواح الفنانين اللبنانيين حاضرة، تنبض بالأمل وتدعو للتضامن مع معاناتهم.

لا تزال الفنون قادرة على إعادة بناء الجسور، فهل سنشهد ولادة جديدة لأصوات تعبر عن ألم الواقع وتضج بالفخر والتحدي؟ الأمر يتطلب منا أن نكون أكثر وعياً وأن نتذكر أن الموسيقى لا تنحصر في الكلمات فقط، بل هي تعبير عن المشاعر المشتركة بين البشر.

سيظل المهرجان حلبة للتعبير عن الإنسانية التي تجمعنا رغم الاختلافات، وعلى الرغم من كل الظروف القاسية فإن الفن سيبقى نوراً يهتدي به الجميع.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى