الفساد في كهرباء مصر: حماية الفاسدين تعصف بأموال الدولة
في مشهد يثير القلق ويتجاوز حدود المقبول تتوالى الأحداث في شركة الوجه القبلي لإنتاج الكهرباء التابعة للشركة القابضة لكهرباء مصر
حيث تتكشف حقائق مرعبة عن استهتار غير مسبوق بأموال الدولة وقرارات الأجهزة الرقابية يعدّ تصعيداً خطيراً لحالة الفساد المستشري الذي يبدو أنه لا يعرف حدوداً وسط صمت مريب من الجهات المعنية
حيث أظهرت تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات توصيات صارمة تطالب بتخفيض درجة رئيس قطاعات الإنتاج في الشركة لكنه بدلاً من تطبيق تلك التوصيات الصارمة أُصيب الجميع بالذهول
حينما واصلت الشركة القابضة لكهرباء مصر رفض تلك التوصيات وكأن شيئاً لم يكن وكأن الأموال العامة ليست أمانة في أعناقهم
والمثير للدهشة أن الإجراءات القانونية قد بدأت من قبل القطاع القانوني في الشركة القابضة وكذلك الجهاز المركزي للمحاسبات لتقصي الحقائق حول مخالفات مناقصة توريد حشو بلوف لزوم الوحدات المركبة بالكريمات
وبالرغم من وضوح المخالفات إلا أن قرار الجزاء الذي صدر بحق رئيس قطاعات الإنتاج جاء ليعكس عجزاً عن تطبيق العدالة حيث اكتفى بقرار لوم كان وكأنه تحذير لفظي ينتهي في الهواء بينما يبقى الجاني في منصبه دون أي تغيير
تتجلى أزمة الثقة هذه في ردود أفعال الموظفين الذين عبروا عن استيائهم العميق إزاء الوضع القائم حيث يتساءلون كيف يمكن لرئيس في مثل هذه الظروف أن يبقى في منصبه بل ويتقاضى راتباً دون أن يتحمل عواقب أفعاله بينما تسعى البلاد إلى تحقيق إصلاحات حقيقية
والسؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح هو لماذا تستمر هذه الحماية المفرطة للفساد حتى في مواجهة الحقائق الواضحة التي لا يمكن إنكارها لماذا يظل الجواب مفقوداً لدى القيادات العليا في الشركة القابضة وكأن الأمر لا يعنيهم بينما يتابع الجميع حراكهم الصامت في وجه الغضب الجماهيري المتزايد
وبينما يتنصل القطاع القانوني من مسؤوليته يبدو أن ولاءه يذهب لأطراف غير تلك التي تمثل الدولة التي عانت طويلاً من الفساد
وفي الوقت الذي يدعو فيه هشام متولي المستشار القانوني في الشركة القابضة إلى التصحيح ومواجهة الفساد ومحاكمة المتورطين نجد أن مهندس جابر الدسوقي يصر على حماية الفاسدين بدلاً من دعم عمليات الإصلاح وكأن الخلاف هنا هو بين نوايا حسنة وأجندات خاصة تضع المصالح الشخصية فوق المصلحة العامة
ما يحدث ليس مجرد تجاوزات إدارية بل هو كارثة متكاملة الأركان فالشركة القابضة لكهرباء مصر لم تعد قادرة على حماية المال العام بل أصبحت مرتعاً للفاسدين وملاذاً للمتلاعبين بمقدرات الشعب وموارد الدولة الأمر الذي يتطلب تدخل عاجل وحاسم من الحكومة
ووزارة الكهرباء لوضع حد لهذا العبث الذي لن يؤثر فقط على استقرار الشركة بل سيؤثر سلباً على أداء القطاع بأسره
السؤال الأهم الآن هو كيف يمكننا كمواطنين أن نثق في مؤسساتنا إذا كانت قادرة على تجاهل أوامر الرقابة بهذا الشكل الفاضح وبهذه العقلية التي تبدو وكأنها متعمدة لتمرير الأجندات الفاسدة
ولم نرى أي نوع من أنواع المحاسبة أو حتى ردود أفعال رسمية توضح موقفهم من تلك الفوضى وهذا التغاضي عن حقوق الدولة
لذا يجب أن يكون هناك وقفة حازمة من الجهات الرقابية ويجب على كل من يضع مصلحة الوطن فوق مصلحته الشخصية أن يتحرك وأن ينقلب السحر على الساحر
قبل فوات الأوان لأن المواطن بات يدرك جيداً أن الفساد ليس مجرد قضية إدارية بل هو مرض ينخر في جسد الدولة بأسرها ويتطلب معالجة جذرية على كافة الأصعدة
إنها دعوة للتغيير ولإعادة التفكير في الطريقة التي تتعامل بها المؤسسات مع قضايا الفساد لأن السكوت لن يؤدي إلا لمزيد من التدهور وعلينا أن نتذكر دائماً أن الأموال العامة ليست ملكاً لأحد
بل هي أمانة في أعناقنا جميعاً وعلينا أن نحميها بكل ما أوتينا من قوة لأن استمرار هذا الوضع لن يؤدي إلا إلى عواقب وخيمة على مستقبل الوطن بأسره
ولعلنا ننتظر بفارغ الصبر الخطوات القادمة من الجهات المسؤولة لنرى إن كان هناك أمل في تصحيح المسار وإعادة الأمور إلى نصابها أم أن الفساد سيظل هو السائد وأن الكارثة ستستمر في تهديد استقرارنا وأماننا.