أشعر بالشلل هذه الأسابيع في مواكبة الحكم الانفرادي الأمريكي في العالم ، وحالة الخنوع العربي والدعم الضمني غير المباشر للبعض ممن يدعون أنهم عربا وهم يمدون إسرائيل بالدعم اللوجستي والسياسي والعسكري ، والوقاحه لدى البعض من الوزراء ممن يصرحون أن موقف بلادهم واضحا لدعم اسرائيل، وأقراء وأتابع كل ما ينشر سواء كان الأمر يتعلق بمصير الملك عبد الله الثاني ومصير الأردن، أو الشرق الأوسط الجديد، أو حرب الابادة في لبنان وغزة، أو المسألة الأوسع نطاقاً المتمثلة في شراهة وجوع إسرائيل لاحتلال المزيد من الأراضي الممتدة من نهر النيل في مصر إلى نهر الفرات في سوريا والعراق تحقيقا لعقيدتهم الدينية المعتمدة علي التوراة، حيث يعتمد بقاء الملك والملكية والاردن كثيرا على كيفية حل قضية الدولة الفلسطينية وعلي أي ارض ستقام؟ و متى ؟، ومن سيكون عليها الدور لتصبح دولة محتلة تالية وسط تصعيد خطير ، ومن سيسقط قبل الاخر الأردن ام مصر ام السعودية ام الخليج؟
لذلك نجد تصريحات من الأردن انه لا بد من حل الدولتين، ولا للوطن البديل ؟ و ترتفع وتيره الصراخ أحيانا في منابر دولية علما ان الوطن البديل قام منذ استقبل الأردن الفلسطينيون عام ١٩٤٨ و منحوا كافه الحقوق واصبحوا نوابا ووزراء ورؤساء وزراء ومجالس نواب وأعيان ولدي اكثر من أربع ملايين فلسطيني جوازات سفر وجنسية وارقام وطنية الي حد ان المخيمات الفلسطينية اصبح لها نواب وحق التصويت و الانتخاب و الترشح!! و ذلك في اكبر تعدي علي أصحاب الأرض الأصليين والتهام لأجزاء من حقوقهم واراضيهم وهذا لا يخدم الأردن ولا الفلسطينيون الذي يجب ان يتمسكوا بفلسطينيتهم و يعودوا الي وطنهم عند التحرير وتسترجع الجنسية يحملوا جنسية فلسطين وطنهم الأول والأخير.
ولا زال الإنكار الحكومي انه لا للوطن البديل في وقت كل التصريحات تتحدث عن “نظام بديل ” ، وو حديث أن القدس خط احمر في وقت التهمت الالة العسكرية أراض من القدس والضفة الغربية وغزه وغيرها، وإعلان رسمي و تصريحات و ندوات متلفزة صادرة من رئيس وزراء إسرائيل بموافقة أمريكية تتحدث عن تمدد إسرائيل بحجة مساحتها الصغيره، و ظهرت خارطة صهيونية حملها الي العلن رئيس وزراء إسرائيل نتانياهو تضم الأردن وسيناء الي إسرائيل الكبرى، والمستشارون و بعض الوزراء في الأردن يطبلون ويزمرون وينافقون الملك ويكذبون الحقيقة ويغطونها ويداهنون ويحاولون تشتيت الاعلام و تحويل المسار للهجوم على ايران التي نختلف معها والتي لا تقل في اطماعها عن إسرائيل في المنطقة و لكن بطريقة مختلفة.
و عندما بدأت إسرائيل تدخلها العسكري لابادة غزة ،ثم حولت زخم حرب الإبادة الي لبنان لصالح تدمير حزب الله في وقت ساعدها وأيدها بعض من النظم العربية التي تسير في الفلك الامريكي اعتقدت هذه النظم خطاءا انه لا داعي للقلق أبدا بشأن نوايا إسرائيل التالية ناحيتها .
واليوم واضحا ان نوايا إسرائيل هي “الأردن” أولا و “مصر سيناء” ثانيا و لن يقف ضدها احد و لن تنفع لا أمريكا ولا بريطانيا ولاخطابات في الأمم المتحدة ولا صور الغضب ولا تصريحات وزراء دفاع او وزراء إعلام او وزير خارجيه كله لا قيمه له وإسرائيل تعي تماما ان السياسات وخطاباتها التي يصدرها البعض شيء والدعم الاقتصادي واللوجستي شيئا اخر. اللعبة باتت مكشوفة.
و أيضا لا يمكن تجاهل تصريحات رؤساء أمريكا الجمهوريون والديمقراطيون ممن هم على رأس عملهم ومن هم مرشحون وهي المتوافرة على الإنترنت وشاشات التلفاز وفي مجلات السياسات الخارجية الامريكية والداعيه والداعمة لتوسع إسرائيل وتآييد تمددها علي حساب جيرانها ويقصدون صراحه الأردن مصر.
ولا استبعد ان حاولت جيوش أي منهم الاعتراض العسكري علي هجوم إسرائيلي بري ان تكون القواعد العسكريه الامريكية نفسها في تلك الدول من يقوم بالدفاع عن الأطماع العسكرية الصهيونية خصوصا و ان العالم يرى ان من يقاتل ومن يرسل الأسلحة و الصواريخ والعتاد والطائرات هي أمريكا بالدرجة الأولى. طائرة عسكرية كل ١٦ ساعه تأتي الي إسرائيل.
و هنا يجب ان نتذكر دوما ما هو مدونا على مدخل الكنيست حتى يومنا هذا ورغم كل معاهدات الاستسلام التي وقعت و منحت إسرائيل حق الحياة والبقاء والتمدد الا انه لازال :” و لما تجلى الرب على أبراهام ، منحه الأرض المقدسة من النيل الي الفرات”. وهو ما يتم تدريسه في مناهج دولة الكيان الإسرائيلي.
و انقل حرفيا عن المنهاج الاسرائيلي الذي يدرس حاليا في إسرائيل ” في ذلك اليوم عقد الله ميثاقا مع أبراهام قائلا: سأعطي نسلك هذه الأرض، من وادي العريش الي النهر الكبير، نهر الفرات، ارض القينيين، و القدمونيين، و الحيثيين، و الفرزيين، و الرفائيين، و الأموريين، و الكنعانيين، و الجرجاشيين، و اليبوسيين”.
و في المقابل قامت الحكومة الأردنية بإلغاء سبع آيات قرآنية من المنهج ومنها ما تتحدث عن فساد عقيدة اليهود ” قول الله تعالى لتجدن اشد الناس عداوة للذين امنوا اليهود” و الايات الداعية الى أعداد القوة وايآت عن صفات اليهود وألغيت ايات الجهاد ومسحت تاريخ صلاح الدين والقدس وفراس العجلوني وكايد العبيدات واستبدلتها بسميرة سعيد و أغانيها ” يامى يامى و الساعه اثنين بالليل وقال جالي بعد يومين”.
قبل اكثر من عشر سنوات كتبت الأكثر أهمية و يجب الحذر منه هو أن إسرائيل ستتمدد وستأخذ الأردن وتنهي الملكية ( طبعا نحن نرفض ذلك بالمطلق ) ولكن إسرائيل تصمد أمام التحديات التي تواجهها بمساعدة أمريكية خالصة عسكريا وماليا وسياسيا في المحافل الدولية ومن على منبر الأمم المتحدة ، وهو ما يحدث الان في حربها لابادة حماس غزة وحزب الله بدعم أمريكي بريطاني وتأييد من بعض “العرب المتصهينين “.
إن الحاجة الي التنافس بشكل اكثر فعالية لكسب الساحة الأردنية هي السبيل الوحيد لدفع الجهود الرامية الي تعزيز الدفاع عن الأردن الذي هو في مرمى الخطر اليوم قبل غدا، لا أمريكا ولا بريطانيا مع الأردن امام إسرائيل ان قررت التمدد والتهام الأردن وإقصاء الملكية ، والأمثلة كثيره من شاه ايران الي سادات مصر الي صدام حسين ، لا داع لخداع النفس و دف الرا« في الرمال.
الشعب وحده قادر علي الالتفاف وحماية الوطن والملك و نقل الحكم لمن يآت بعد الملك بعد عمر طويل استمرارية للهاشميين ، لا هي أجهزة الامن ولا خطابات الأمم المتحدة ولا انتخابات نيابية ولا رئيس وزراء برتبة مدير مكتب كبير باحثا عن ثقة ستمنح له بالهاتف او بالتخجيل، اجلاً او عاجلا مع احترامي له، انها مرحلة عصيبة وليست وقت ثقة ولا وقت اقتصاد رغم أهميته ، انه وقت الحفاظ علي الأردن والإبقاء علي الملك ، لذا المكاشفة و المصارحة مطلوبه ، إيضاح الصوره ان هناك من يعترض علي السياسات ولا يقف مع ما تقوم به الحكومة و لا تتوقف المعارضة عند الحكومة ، لذا الصدق مطلوب و ايضا حكومة سياسية وطنية من أصحاب الأرض الاصليين والعشائر والمفكرين والمفاوضين لان القادم صعب بعكس ما ينافق به بعض الوزراء والمستشارون وكتاب التدخل السريع في بعض من صحافة لا يثق بها احد ، و هم في النهاية “الأردن” بالنسبة لهم مكاسب ومناصب و حقيبة سفر وقت الازمات.
لعل مكتب الملك الإعلامي يجمع له كل ما ينشر في الخارج و ما يكتب في المجلات ، الجرائد ووسائل التواصل عن انهاء الملكية وعن محاولات تغيير الجغرافيا في الأردن بشفافية لا فقط ما يمدح الملك و يشيد به، حيث افاد البعض ان الملك لا يعلم ( و انا اشك في ذلك ) بينما اخرون يقولون الملك يعلم والله اعلم.
ومن الشفافية ان يعلم الشعب في الحالتين ما هو رأى الملك وحقيقة توجهاته و شعوره بالخطر المحيط به و بالأردن، ماذا يمكن ان يفعله او نفعله معا يدا بيد إذا مااراد البقاء او”المغادرة “مثلما غادر الشاه ايران او “التنازل” مثلما فعل حسني مبارك؟
الأيام صعبة والغيوم ملبده و نتنياهو يقود قطار سريع لا يتوقف في المحطات ولا يوجد من يوقفه وربما أغنية سمير سعيد التي اقرت في المنهج هي مثل تنبوأت و توقعات السيده اللبنانية ليلي عبد اللطيف ” جالي بعد يومين” سيصل القطار الي الأردن بعد يومين ، فاحذروا حيث لا نريد كارثة تدمع لها العيون.