في خضم الصراع المستمر في الشرق الأوسط، تواصل إسرائيل تنفيذ عمليات عسكرية تُسفر عن مقتل المدنيين الأبرياء، مما يثير تساؤلات جدية حول مشروعية هذه العمليات بموجب القانون الدولي. يتجلى ذلك في الحوادث الأخيرة، حيث قُتل طبيب يمني وزوجته وثلاث طفلات في قصف إسرائيلي على حي المزة بدمشق بالإضافة إلى طبيبة سورية ليصل عدد الضحايا المدنيين إلى ٩ كل ذلك اثناء عملية القصف التي تتحدث عنها إسرائيل عن استهدافها احد قيادات الحرس الثوري الإيراني في دمشق . كيف يمكن لإسرائيل أن تبرر قتل هؤلاء المدنيين بحجة استهداف “أهداف عسكرية محتملة”؟ وفقًا للقانون الدولي الإنساني، لا يمكن بحال من الأحوال تبرير مثل هذه الأفعال، وهي تشكل انتهاكًا جسيمًا للقواعد التي تحكم النزاعات المسلحة.
المسؤوليات القانونية لإسرائيل
وفقًا للقانون الدولي، وبالأخص الاتفاقيات المتعلقة بالقانون الدولي الإنساني، فإن الأطراف المتحاربة ملزمة بالتمييز بين الأهداف العسكرية والمدنيين. يُعتبر هذا المبدأ أساسيًا في أي نزاع مسلح. يجب على إسرائيل، كدولة معترف بها دوليًا، الالتزام بمسؤولياتها تجاه حماية المدنيين أثناء تنفيذ العمليات العسكرية. ومع ذلك، يشير التاريخ إلى أن إسرائيل فشلت في كثير من الأحيان في القيام بذلك، حيث كانت الهجمات تتسبب في مقتل الأبرياء، بدلاً من تركيزها على الأهداف العسكرية المحددة.
مبادئ الحرب والقانون الدولي الإنساني
مبدأ التمييز: ينص هذا المبدأ على ضرورة التمييز بين الأهداف العسكرية والمدنيين. يتطلب من الأطراف المتحاربة اتخاذ جميع الاحتياطات اللازمة لحماية المدنيين وعدم استهدافهم. عندما تُطلق إسرائيل قذائفها على مناطق سكنية بحجة وجود “أهداف عسكرية”، فإنها تنتهك هذا المبدأ، مما يجعل من عملياتها جرائم حرب.
- مبدأ التناسب: يفرض هذا المبدأ ضرورة أن تكون الأضرار الموجهة إلى المدنيين متناسبة مع المكاسب العسكرية المرجوة. في حالات مثل القصف على حي المزة، حيث قُتل العديد من المدنيين، يُظهر ذلك بوضوح أن الأضرار الناجمة تفوق بكثير أي فوائد عسكرية محتملة.
- مبدأ الاحتياط: يجب على الأطراف المتحاربة اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لتقليل الأضرار التي تلحق بالمدنيين. إن فشل إسرائيل في اتخاذ خطوات مناسبة لتجنب قتل المدنيين يُعتبر انتهاكًا لهذا المبدأ
تستند قواعد الحرب إلى مجموعة من المبادئ الأساسية التي تهدف إلى تقليل المعاناة الإنسانية، ومن أبرزها:
أسئلة وأجوبة حول العمليات العسكرية الإسرائيلية
س: كيف تبرر إسرائيل عملياتها العسكرية؟
ج: تدعي إسرائيل أن عملياتها تهدف إلى حماية أمنها القومي، وأنها تستهدف الأهداف العسكرية المرتبطة بخصومها، بما في ذلك الجماعات المسلحة التي تهددها.
ج: وفقًا للقانون الدولي، لا يمكن تبرير قتل المدنيين لمجرد أن هناك خطرًا محتملًا. يجب أن تكون هناك دلائل قوية تشير إلى أن الهدف العسكري هو حقًا تهديد حقيقي، وأن هناك إجراءات متخذة لتقليل الأضرار التي قد تلحق بالمدنيين.
س: ماذا يحدث عندما يتم استهداف المدنيين؟
ج: استهداف المدنيين يعتبر جريمة حرب بموجب القانون الدولي. يجب محاسبة الأطراف التي ترتكب هذه الجرائم، ولا يمكن تجاهلها تحت أي ذريعة.
انتهاكات حقوق الإنسان
أحد أكثر الأمور إلحاحًا في هذا السياق هو أن قتل المدنيين لا يشكل فقط انتهاكًا للقانون الدولي، بل هو أيضًا جريمة ضد الإنسانية. تشير العديد من المنظمات الدولية إلى أن التصعيد في الهجمات الإسرائيلية يهدف إلى تحقيق أهداف سياسية دون النظر إلى الخسائر البشرية. وعلى الرغم من التأكيدات الإسرائيلية على أنها تأخذ الاحتياطات اللازمة، إلا أن الأدلة تشير إلى فشلها في حماية المدنيين. وبالتالي، فإن ما يحدث ليس مجرد أخطاء عرضية، بل يمثل نمطًا من الانتهاكات المتكررة.
الجرائم ضد الإنسانية
إذا استمرت إسرائيل في تنفيذ هجماتها دون مراعاة حياة المدنيين، فإنها تُعرض نفسها للمسائلة بموجب القانون الدولي، بما في ذلك محكمة الجنايات الدولية. تتطلب المعاهدات الدولية من الدول توفير الحماية للمدنيين، وعندما تفشل دولة في ذلك، فإنها تفتح المجال لملاحقات قانونية دولية. إذًا، كيف يُمكن للمجتمع الدولي التحرك لمحاسبة إسرائيل على هذه الانتهاكات؟
دور المجتمع الدولي
إن المجتمع الدولي، الذي يراقب هذه الأفعال، يتحمل مسؤولية كبيرة في التوثيق والمحاسبة. يجب أن يتم توثيق جميع الحوادث التي تسفر عن مقتل مدنيين وتقديم الأدلة للمنظمات الدولية المعنية. لا يمكن أن يُنظر إلى الضحايا كأرقام في التقارير، بل يجب أن يتم تقديمهم كأفراد لهم حقوقهم وحياتهم.
إن توثيق الانتهاكات يعزز من إمكانية تحقيق العدالة للضحايا ويُسهم في الضغط على إسرائيل لتكون أكثر حذرًا في عملياتها العسكرية. علاوة على ذلك، يجب على الدول الأعضاء في الأمم المتحدة أن تفرض عقوبات على الدول التي تُثبت انتهاكها لقواعد القانون الدولي.
مسؤوليتنا تجاه الضحايا
في ظل هذا التخبط، نتحمل جميعًا مسؤولية أمام الضحايا المدنيين. علينا أن نكون صوتًا لمن لا صوت لهم، وأن ندعو إلى إنهاء هذه الانتهاكات. توثيق الجرائم والممارسات غير الإنسانية يجب أن يكون أولوية، وأن يتم دعم الجهود المبذولة لتقديم مرتكبي هذه الجرائم إلى العدالة. فالمجتمع الدولي مُطالب بالتحرك، وعدم ترك الضحايا دون انصاف.
إن استخدام إسرائيل لذرائع الاستهداف العسكري لا يمكن أن يُعتبر مبررًا لقتل المدنيين. وفقًا للقانون الدولي، فإن مثل هذه الأفعال تشكل انتهاكًا واضحًا لقواعد الحرب وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. يجب أن يتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته في توثيق هذه الانتهاكات ومحاسبة مرتكبيها. في نهاية المطاف، تبقى حياة المدنيين وأمنهم تحت الضوء، ولا ينبغي أن تُستثنى من أي معادلة سياسية أو عسكرية.