تقارير

أزمة الدواء في مصر: معاناة مستمرة وغياب الحلول الفعالة

يعيش الشارع المصري حالة من التوتر والغضب نتيجة الأزمة الطاحنة في سوق الأدوية التي تتجلى بوضوح في نقص الأدوية الأساسية والحيوية منذ بداية عام 2024.

ورغم الجهود الحكومية المعلنة، يظل المواطنون يعانون في صمت، بينما تتصاعد الأصوات على وسائل التواصل الاجتماعي محذرة من تداعيات الأزمة، خاصة مع عودة فصل الشتاء وزيادة إصابات البرد، مما يزيد الطلب على أدوية الأطفال.

تشهد الصيدليات مشاهد مؤلمة، حيث تتشكل طوابير طويلة أمام صيدليات الإسعاف، في حين يحاول المرضى التغلب على رحلة العذاب من أجل الحصول على أدويتهم. يتعالى صراخ المرضى بالاستغاثة رغم الوعود الحكومية بحل الأزمة والإفراج الجمركي عن آلاف الأدوية.

في جولة ميدانية قام بها فريق من محرري الوفد، تم رصد معاناة المواطنين في شوارع القاهرة. فتقول أم هنا خالد، التي تبحث بلا جدوى عن أدوية خافضة للحرارة لأطفالها،

“لقد قضيت يومين أبحث عن السيتال شرب أو البروفين لبوس، لكنني لم أجد شيئًا في أي صيدلية في النزهة. حتى الأسعار تضاعفت بشكل جنوني، من 8 جنيهات إلى 23 جنيهًا، ومع ذلك لا أستطيع العثور على الدواء”.

وتضيف الحاجة وصيفة، المريضة بالسكر، أنها تعاني في الحصول على أمبولات الأنسولين، قائلة “لقد بحثت في أكثر من ثلاث صيدليات

ولم أتمكن من الحصول على ما أحتاجه، لم أحصل سوى على أمبول يكفيني لمدة خمسة أيام، فكيف سأعيش وأنا بحاجة إلى حقنتين يوميًا”.

فيما يشير خالد، أحد المواطنين، إلى أن أغلب أدوية العظام اختفت من السوق، مما اضطره لاستيرادها من أصدقائه في الخارج. لكن لحسن حظه، عثر على بعض الأدوية هذا الشهر، آملًا في حلول سريعة للأزمة.

من جهتها، أكدت نقابة الصيادلة على ضرورة الاعتماد على الأدوية البديلة في ظل نقص بعض الأدوية. حيث قال الدكتور أحمد أبو دومة، عضو مجلس النقابة، إن الأزمة قد تحسنت كثيرًا مقارنة بالفترات السابقة بعد توفر عدد من الأدوية، لكن هناك أدوية ما زالت مفقودة.

أشار أبو دومة إلى أن جزءًا من الأزمة يعود إلى الضغوطات التي تثيرها وسائل التواصل الاجتماعي، وأن المواطنين يتشبثون بأسماء أدوية معينة دون البحث عن بدائل تحتوي على نفس المادة الفعالة.

كما أوضح أن هناك بالفعل أدوية ناقصة مثل السيتال والبروفين، مما يتطلب من الأطباء كتابة وصفات لأدوية بديلة تحتوي على نفس المكونات الفعالة.

ويضيف أن ارتفاع أسعار الأدوية يعود إلى عوامل طبيعية تتعلق بسعر الدولار، لكنه يتوقع زوال الأزمة تدريجياً مع زيادة الحلول وتوجه الدولة نحو تعزيز صناعة الأدوية محليًا.

لكن المشكلة لا تتوقف عند نقص الأدوية، بل تتفاقم بفعل الارتفاعات الكبيرة في الأسعار. فقد أعلنت هيئة الدواء أن أسعار بعض المستحضرات زادت بنسبة تتراوح بين 10% إلى 40%

وفقًا لتكاليف الإنتاج لدى الشركات. وأكدت الهيئة أن اللجنة المكلفة بمراجعة أسعار الدواء تعقد اجتماعات دورية كل ستة أشهر، لكن ذلك لم يمنع تفاقم الأزمة.

في ظل هذه الظروف، تعمل هيئة الدواء المصرية بالتعاون مع هيئة الشراء الموحد وشركاء الصناعة على تعزيز وتوطين الصناعات الدوائية في البلاد.

تسعى الهيئة لتفعيل مبادرة توطين صناعة المواد الخام غير الفعالة، مستغلة الإمكانيات الكبيرة في الجانب المصري، كخطوة ضرورية لإنهاء الأزمة محليًا.

مع استمرار هذه الأزمة، يبقى الأمل معلقًا على حلول عاجلة وفعالة من قبل الجهات المعنية لتخفيف معاناة المواطنين.

لكن مع كل يوم يمر، تتزايد الشكوك حول إمكانية تحقيق ذلك، وتبقى الصورة قاتمة في أذهان المصريين الذين يواجهون تحديات لم يسبق لها مثيل في حياتهم اليومية.

يعيش المواطنون حالة من القلق المستمر، حيث تتجلى مشاهد المآسي في كل زاوية، وكأن الأزمة الدوائية أصبحت جزءًا من واقعهم المأساوي.

فالأسواق تعاني من شح الأدوية الضرورية، والمرضى يتحملون تبعات أزمة غير مسبوقة، دون حلول قريبة تلوح في الأفق.

الأزمة أصبحت قضية الساعة في مصر، حيث يرتفع صوت المظلومين والمحتاجين، لكن يبدو أن صداهم لا يصل إلى آذان المعنيين.

هل ستستمر هذه المعاناة؟ أم أن هناك أملًا في غدٍ أفضل؟ في كل الأحوال، يظل المواطن المصري هو الضحية الأولى في معركة غير متكافئة مع غياب الأدوية وارتفاع الأسعار.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى