حوارات وتحقيقاتمصر

الدكتور علي محمود: الأزهر الشريف في مواجهة التعليم الربحي وأزمات المعلمين

أجرى الحوار: يوسف عبداللطيف

الدكتور علي محمود البهلولي هو القائم بأعمال رئيس الإدارة المركزية لمنطقة أسيوط الأزهرية، ووكيل المنطقة للمواد العربية والشرعية.

ويتميز الدكتور البهلولي بخبرة عميقة في التعليم الأزهري، حيث لعب دورًا بارزًا في توجيه وتطوير العملية التعليمية في المعاهد الأزهرية.

وهو معروف بدوره الفعّال في التصدي للتحديات التي تواجه التعليم الأزهري بأسيوط، ومن ضمنها معالجة أزمات نقص المعلمين وزيادة الكثافة الطلابية.

وبفضل قيادته الحكيمة، يعزز الدكتور البهلولي الدور الريادي للأزهر في نشر الوسطية الإسلامية، والتأكيد على دور الأزهر كمؤسسة تعليمية رائدة، لا تخضع لأي أجندات سياسية أو اقتصادية.

إضافة إلى ذلك، يشارك الدكتور البهلولي بفاعلية في لجنة المصالحات التي يشرف عليها الأزهر، بهدف تعزيز السلم المجتمعي وحل النزاعات، خصوصًا في ظل انتشار ظاهرة الثأر في صعيد مصر.

الدكتور علي محمود البهلولي
  • في ظل الأزمات المتكررة في التعليم، كيف ترى دور الأزهر في مواجهة تحديات التعليم الديني بمصر؟

التعليم الأزهري يعدّ جزءًا أصيلًا من الهوية المصرية، ويمثل صمام أمان للمجتمع من التطرف. والأزهر بمنهجه المعتدل يسعى دائمًا لتقديم تعليم ديني متوازن لا يخضع لأي أجندات سياسية أو اقتصادية.

ونحن نركز على ترسيخ القيم الإنسانية والدينية السامية التي تنبذ العنف والتطرف، لذلك التعليم الأزهري مهم في الحفاظ على الهوية الوطنية والدينية، ونحن نعمل باستمرار على تطوير المناهج بحيث تواكب العصر مع الحفاظ على جوهر التراث الأزهري.

  • مع إدخال تعليم اللغات في التعليم الأزهري، كيف يمكن التوفيق بين ذلك والحفاظ على هوية الطلاب الدينية؟

إدخال تعليم اللغات الأجنبية في المعاهد الأزهرية هذا العام يمثل خطوة نحو تمكين الطلاب من التواصل مع العالم، وفهم الثقافات المختلفة.

ولكننا نحرص على أن لا يأتي ذلك على حساب الهوية الدينية والثقافية للطلاب. الأزهر يرفض بشدة أي محاولات لتحويل التعليم إلى منتج ربحي منزوع الهوية.

ونحن نؤمن بأن الطلاب يجب أن يكونوا قادرين على مواكبة العالم الحديث مع الحفاظ على فهمهم العميق للدين الإسلامي وثقافتهم العربية.

  • شهدنا هذا العام إقبالًا غير مسبوق على المعاهد الأزهرية، ما هو سبب هذه الظاهرة؟

الإقبال المتزايد على التعليم الأزهري هذا العام يعكس ثقة أولياء الأمور في الأزهر كمؤسسة تعليمية تضمن لأبنائهم تعليمًا متميزًا متجذرًا في القيم الإسلامية.

وفي ظل التحولات التي يشهدها التعليم العام وتزايد القلق حول جودة التعليم، يجد الكثيرون في الأزهر الملاذ الآمن لتعليم أبنائهم.

ومع ذلك، هذا لا يخلو من التحديات، إذ تعاني بعض المعاهد من نقص حاد في الكوادر التدريسية، ونحن نبذل جهودًا مضنية للتغلب على هذه التحديات.

  • مع انتشار ظاهرة الثأر في أسيوط، كيف تساهم لجنة المصالحات التابعة للأزهر في حل هذه النزاعات؟

لجنة المصالحات التي يشرف عليها الأزهر تعد من أهم الآليات التي نستخدمها لحل النزاعات في صعيد مصر. دورنا يتجاوز التعليم ليصل إلى تعزيز السلم المجتمعي.

ونحن نسعى دائمًا للتوفيق بين العائلات المتنازعة من خلال الحوار وإعلاء قيمة التسامح والصفح. الأزهر يعمل على نشر ثقافة المصالحة والسلام،

وهذه الجهود أثمرت في حل العديد من القضايا العالقة. نؤمن بأننا جزء من المجتمع، ومسؤوليتنا ليست فقط تعليمية، بل اجتماعية أيضًا.

  • ما هي الجهود التي يبذلها الأزهر لمواجهة أزمة نقص المعلمين في المعاهد الأزهرية؟

نقص المعلمين هو تحدٍّ كبير نواجهه، خاصة مع زيادة أعداد المحالين للمعاش وعدم وجود تعيينات جديدة منذ سنوات.

وللتغلب على هذه الأزمة، لجأنا إلى تكليف الأعضاء الفنيين في الإدارات للقيام بالتدريس مؤقتًا، إضافة إلى الاستعانة ببعض وعاظ الأزهر وندب المدرسين بين المعاهد لتغطية العجز.

كما تم استخدام خريجات الخدمة العامة للتدريس مقابل أجر رمزي. نحن نعلم أن هذه حلول مؤقتة، ونعمل على الضغط لتوفير تعيينات جديدة من خلال التواصل مع الجهات المختصة.

الدكتور علي محمود البهلولي
  • كيف تتعاملون مع ارتفاع الكثافة الطلابية في المعاهد الأزهرية؟

زيادة الإقبال على المعاهد الأزهرية، رغم أنه أمر إيجابي، لكنه تسبب في ارتفاع الكثافة الطلابية ببعض الفصول.

نحن نحاول التعامل مع هذه الأزمة بعدة طرق، مثل استخدام الفترات المسائية للتدريس في بعض المعاهد الثانوية، وتخصيص الفترة الصباحية للتعليم الابتدائي.

كما أننا نعمل على فتح معاهد جديدة لتخفيف الضغط عن المعاهد القائمة. هذه الخطوات تتطلب تنسيقًا وجهودًا مضنية، ولكننا ملتزمون بتوفير بيئة تعليمية مناسبة لجميع الطلاب.

  • البعض ينتقد المناهج الأزهرية ويصفها بعدم التطور، كيف ترد على هذه الانتقادات؟

الأزهر يعمل على تطوير المناهج باستمرار. لقد شكلنا “لجنة لإصلاح التعليم الأزهري” التي تهدف إلى تحديث المناهج وتخفيف الحشو منها. نراجع المناهج بشكل دوري كل 3 سنوات لضمان ملاءمتها مع العصر.

وعلى الرغم من أن البعض يعتقد أن المناهج الأزهرية قديمة، إلا أننا نحرص على الموازنة بين التراث والتجديد. نهدف إلى تقديم تعليم حديث ومتجدد، مع الحفاظ على جوهر الرسالة الإسلامية الوسطية.

  • كيف ترون دور الأزهر في دعم القيم المجتمعية، خاصة في ظل انتشار العنف والتطرف؟

الأزهر كان وسيظل داعمًا رئيسيًا للقيم المجتمعية السليمة. نحن نعمل على نشر قيم التسامح والتعايش بين أفراد المجتمع، ونرفض كافة أشكال العنف والتطرف.

ودورنا في الأزهر ليس مقتصرًا على التعليم فحسب، بل يشمل أيضًا تعزيز السلم الاجتماعي من خلال المصالحات وحل النزاعات بين الأفراد والعائلات.

ونحن ندرك أهمية رسالتنا في هذا الصدد، ونسعى جاهدين لتقديم قدوة مجتمعية من خلال الأزهر ورسالته السامية.

  • هل لديكم خطط مستقبلية لتوسيع دور التعليم الأزهري ليشمل مجالات جديدة؟

نحن نعمل على توسيع دور التعليم الأزهري ليشمل مجالات جديدة مثل العلوم والتكنولوجيا الحديثة، مع الحفاظ على الهوية الإسلامية.

والتعليم الأزهري لا يتوقف عند العلوم الشرعية فقط، بل نسعى لإعداد طلاب متكاملين قادرين على المساهمة في تطوير مجتمعاتهم على جميع المستويات.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى