تقاريرحوادث وقضايا

اعتقالات كارثية في القاهرة تعكس قمع حرية التعبير عن التضامن مع غزة

في قلب القاهرة حيث تشتعل الأزمات وتُخنق الأصوات الحرة تبرز مأساة جديدة تشهدها المدينة العريقة تعكس مدى شراسة القبضة الأمنية التي تُمارسها السلطات

ضد أي تحرك شعبي يعبّر عن التضامن مع قضايا إنسانية ملحة وتحديدًا القضية الفلسطينية حيث اعتقلت الشرطة المصرية يوم أمس ستة شبان خلال وقفة احتجاجية محدودة في حي الزمالك

على الرغم من قلة الحضور وبساطة الفعالية التي استمرت قرابة خمس عشرة دقيقة فقط فإن ذلك لم يكن كافيًا لتفادي القبضة الحديدية للشرطة

حيث تعرض هؤلاء للاعتقال وتم اقتيادهم إلى جهة غير معلومة مما أثار حالة من القلق والذعر بين الأهالي ومحاميهم الذين سارعوا للبحث عنهم في أقسام الشرطة القريبة لكنهم واجهوا إنكارًا قاطعًا من قبل الأجهزة الأمنية التي نفت معرفتها بمكانهم

المحامية ماهينور المصري أكدت لموقع مدى مصر أن المحامين الذين حاولوا التواصل مع أقسام الشرطة بما في ذلك نقطة شرطة الزمالك وقسم قصر النيل

لم يجدوا سوى أبواب مغلقة وأصوات تتجاهل أسئلتهم حول المعتقلين حيث يختفي هؤلاء في ظلمات الإخفاء القسري مما يجعلهم رهائن لحالة من الفوضى القانونية التي تستمر في التوسع

هذا الحادث ليس وليد اللحظة بل هو جزء من سلسلة طويلة من الاعتقالات التي طالت ناشطين ومتضامنين مع قضايا عدة حيث شهد شهر أبريل الماضي مداهمة مماثلة في حي المعادي

حيث تم القبض على عدد من النساء خلال وقفة احتجاجية أمام مكتب هيئة الأمم المتحدة للمرأة تعبيرًا عن التضامن مع النساء في غزة والسودان

هؤلاء أيضًا واجهوا اتهامات سياسية وتهماً بالانضمام لجماعات غير قانونية وهو نفس السيناريو الذي يتكرر في كل مرة ترتفع فيها أصوات المطالبين بالحرية والعدالة

الحقيقة الصادمة تكمن في أن الاعتقالات تشمل أيضًا مواطنين عاديين شاركوا في دعم القضية الفلسطينية عبر منصات التواصل الاجتماعي

مما يعكس مدى تخوف السلطات من أي نوع من التحركات الجماهيرية التي قد تؤدي إلى تفجر الغضب الشعبي

كما أكدت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية أن حوالي تسعين شخصًا محبوسين احتياطيًا من أصل نحو مئة وعشرين تم القبض عليهم لدعمهم فلسطين وهذا الرقم يكشف عن مدى الفزع الذي تثيره هذه القضية في نفوس القائمين على السلطة

وسط هذه الأجواء المشحونة تنطلق الأسئلة حول مستقبل العمل السياسي والاجتماعي في مصر خاصة في ظل هذه السياسات القمعية التي تحاول خنق أي صوت معارض أو حتى أي فعل إنساني يستحق التعاطف

فالتضامن مع قضايا الشعوب بات يُعتبر جريمة تستوجب الاعتقال وهذا بحد ذاته يضع مصر في مآزق حقوقية شائكة ومقلقة لا يمكن تجاهلها

الأوضاع الحالية تعكس واقعًا مريرًا تعاني منه العديد من الدول العربية التي تخضع لسياسات قمعية مشابهة

حيث يُعاقب المواطن على مجرد التعبير عن رأيه أو موقفه السياسي مما يعزز من أجواء التوتر والاحتقان في الشارع ويؤدي إلى تدهور حالة حقوق الإنسان في البلاد

لذا فإن هذه الوقفات الاحتجاجية المحدودة التي تُنظم في خضم هذه الأجواء القاتمة هي بمثابة صرخات في وجه الظلم بل إنها بمثابة دعوة للجميع للتحرك

لمواجهة هذه السياسات القمعية التي تهدف إلى القضاء على كل من يسعى للتعبير عن رأيه حتى وإن كان من خلال وقفات بسيطة تعبر عن تضامن إنساني

وفي الوقت الذي يستمر فيه المجتمع الدولي في رصد الأوضاع المتدهورة في غزة لا تزال القاهرة تشهد إخفاءً قسريًا للمعتقلين الذين لم يرتكبوا سوى أنهم حاولوا إيصال صوتهم

والتعبير عن تضامنهم مع إخوانهم في محنهم وذلك يشير إلى غياب العدالة وحقوق الإنسان في مشهد تراجيدي يدعو الجميع إلى التأمل والتفكير في دورهم تجاه هذه القضايا المصيرية

إن الأمل لا يزال قائمًا في أن تتراجع السلطات عن هذه السياسات القمعية وأن تُعطى الفرصة للأصوات الحرة أن تُسمع وأن تعود القاهرة إلى ما كانت عليه من زخم سياسي وثقافي

يُعبر عن تطلعات شعوبها في الحرية والعدالة لكن هذا الأمل لا يمكن أن يتحقق دون تضامن حقيقي وجاد بين جميع الأطراف المعنية والمجتمع المدني الذي لا يزال يتوق إلى التحرر من قيود القمع والاستبداد

وهكذا تستمر دوامة العنف والاعتقال والإخفاء القسري بينما يبقى المعتقلون مجرد أرقام في سجلات الظلم لكنهم في ذات الوقت يمثلون صوت الحق والعدالة التي يجب أن تظل حاضرة في كل زاوية من زوايا هذا الوطن الجريح

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى