هل واجه السيسي ضغوطا خارجية لنقل الصندوق السيادي من الرئاسة إلى مجلس الوزراء؟
في ضوء المتغيرات الإقليمية الضاغطة على الاقتصاد المصري والتحديات التمويلية وافق مجلس النواب في جلسته العامة التى عُقدت أمس برئاسة المستشار الدكتور حنفي جبالي، على مجموع مواد مشروع القانون المقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام القانون رقم 177 لسنة 2018 بإنشاء صندوق مصر السيادي للاستثمار والتنمية، ويرجئ أخذ الرأي النهائي عليه إلى جلسة قادمة .
وجاءت موافقة المجلس بعد استعراض رئيس لجنة الخطة والموازنة الدكتور فخري الفقي تقرير اللجنة المشتركة من لجنة الخطة والموازنة ومكتبي لجنتي الشؤون الاقتصادية، والشؤون الدستورية والتشريعية عن مشروع القانون سالف الذكر.
ويهدف مشروع القانون إلى منح رئيس مجلس الوزراء السلطة التقديرية في تحديد الوزير المختص في مجال تطبيق أحكام هذا القانون في ضوء التعديلات التي جرت على اختصاصات الوزارات المختلفة .
كما تضمن مشروع القانون نقل تبعية الصندوق لمجلس الوزراء بما يضمن المتابعة الدورية على أعمال الصندوق وما يتم إنجازه من مهام وفقا للاختصاصات المنوطة بالصندوق المحددة بالقانون المشار إليه، في ضوء دور الصندوق في المساهمة في التنمية الاقتصادية المستدامة.
تقليص صلاحيات الرئيس
التعديل الذي تقدمت به الحكومة المصرية ووافق عليه مجلس النواب يأتي على القانون (177 لسنة 2018)، بإنشاء صندوق مصر السيادي، ودفعا للتكهن حول سر هذا التغيير وأسبابه، خاصة وأن السيسي، اعترف في أكثر من مناسبة بأن قرارات الصندوق تعود إليه، وأنه من يتحكم في تمرير أمواله.
ويرى مراقبون أن تلك الخطوة سوف تقلص من صلاحيات السيسي بالتحكم في قرارات الصندوق وكان في السابق له صلاحيات واسعة الاستخدام، حيث جاء في المادة 6: “لرئيس الجمهورية، نقل ملكية أي من الأصول غير المستغلة المملوكة ملكية خاصة للدولة أو لأي من الجهات التابعة لها إلى الصندوق أو أي من الصناديق التي يؤسسها والمملوكة له بالكامل”.
وتمنح المادة 15، رئيس الجمهورية الحق في أن “يشكل مجلس إدارة الصندوق بقرار من رئيس الجمهورية”، فيما تعطي (المادة 18)، رئيس الجمهورية سلطة تشكيل جمعية عمومية للصندوق لمدة 4 سنوات.
وفي تصريحات سابقة عام 2023، أكد السيسي، أمام جمع من المسؤولين، أن “كل الفلوس بالصناديق تحت إشرافي أنا”، وليس الجهاز المركزي للمحاسبات، وذلك في معرض حديثه عن دور صندوق مصر السيادي.
فما الذي تغير لنقل صلاحيات الصندوق؟
يتعرض السيسي منذ فترة طويلة إلى ضغوط خليجية ببيع كل أصول الدولة وضمها إلى الصندوق السيادي، لكن في الوقت نفسه تدرك تلك الدول وعلى رأسها الإمارات أن توغل الجيش في الاقتصاد وعدم محاسبته قد يضر بكل الخطط الاقتصادية في المنظور المتوسط وقد تتعرض مصالح الدول الخليجية التى تسعى لشراء أكبر قدر من الأصول التى تتبع في الوقت نفسه إلى الصندوق السيادي.
وحسب خبراء اقتصاديون فإن تلك الخطوة جاءت لتعزيز الشفافية وربما رفع السيسي يده من أى فشل للصندوق وتعليقه في رقبة رئاسة الوزراء خاصة وأن الصندوق يمس أصول الدولة المصرية وجزء كبير منه تابع ضمنيا لجهات خارجية تستثمر في تلك الأصول، لذلك جاءت تلك القرارات باتساق مع بلورة اتجاهات الدولة الاقتصادية التى تحاول تعزيز الشفافية والوضوح لجذب مزيد من الاستثمارات الخارجية بعيدا عن شمولية السيسي القابضة على كل شيء في الدولة.