تقاريرعربي ودولى

عودة السودانيين إلى وطنهم بعد انتصار الخرطوم الأمل يشرق من جديد

عندما يتردد صدى الانتصار في الأرجاء وتشرق شمس جديدة على الخرطوم يشعر السودانيون بحماسة عارمة تستحضر الذكريات العميقة من الصراع والمعاناة يتجمع الآلاف في محطة قطار مصر

كأنهم نجو من طوفان بعد أشهر من عدم الاستقرار والقلق زالت الغيوم السوداء عن سماء العاصمة السودانية استعادتها القوات المسلحة بقوة لا تقهر بعد صراع طويل مع مليشيات الدعم السريع

تلك الجماعات التي حاولت العبث بمصير البلاد واستغلال الوضع المتأزم من أجل تحقيق أهدافها الشخصية

لم يعد هناك مكان للشكوك فها هي الخرطوم تقف من جديد شامخة تعيد لساكنيها الأمل في غدٍ أفضل

تتدفق الحشود نحو المحطة محملة بالأمتعة والذكريات الأليمة تلتقط الوجوه المختلفة من السودانيين مشاعر مختلطة من الفرح والحذر

يحرص البعض على تجهيز أنفسهم للعودة بينما الآخرون يترقبون كيف ستسير الأمور بعد عودتهم إلى الوطن ملامح الترقب والخوف لا تفارق الكثيرين

فالكثير منهم فقدوا منازلهم وأحباءهم ولم يعد لديهم مكان يعودون إليه ولكنها رغبة قوية في العودة إلى الوطن حتى لو كانت الرحلة محفوفة بالمخاطر لم يكن الأمر مجرد قرار بل هو نداء من القلب يدعوهم للعودة إلى جذورهم

العودة لم تكن فقط إلى الوطن بل كانت عودة إلى الهوية كان السودانيون يشهدون على واقع مرير عاشته بلادهم على مدار السنوات الماضية إلا أن إرادة الحياة والتشبث بالأمل ما زالت مستمرة

هناك شعور واضح بأن هذه المرحلة تمثل نقطة تحول حاسمة فاستعادة السيطرة على الخرطوم تعني بداية جديدة للكثيرين الذين عانوا من التهميش والفوضى الحاصلة

المشاهد في المحطة تنبض بالحياة من جديد الشباب يلتقطون الصور ويكتبون رسائل للأصدقاء والعائلة يحكون عن تحدياتهم وكيف تغلبوا على الألم والمعاناة الأمهات يجهزن أطفالهن للعودة

وكأنهن يزففنهم إلى وطن يحلمون بالعيش فيه بسلام وليس كالجحيم الذي عاشوه لفترة طويلة في ظل الفوضى والاحتراب هذه اللحظة تجسد الكفاح والبقاء في وجه الظلم والخراب الذين اجتاحت أراضيهم

لا يمكن تجاهل وقع الأحداث على تلك الأرواح التي غادرت الوطن لتبحث عن الأمان في بلدان مجاورة الكثير منهم يعيشون حالة من التشتت والقلق

فبالرغم من النجاح الذي حققته القوات المسلحة لا يزال الخطر يلوح في الأفق فعليهم التوجه لمواجهة واقعهم الجديد وسط أنقاض ما تركته الحرب من أثر عميق ليس في الأرض فحسب بل في النفوس أيضاً

لذا فإن العودة لم تكن مجرد قرار بل هي مزيج من الأمل والخوف والقلق والخطوات الجريئة نحو استعادة الوطن

كما أن العودة تعني أيضاً مواجهة الحقيقة المؤلمة هناك الكثير من المنازل التي دمرت والكثير من الذكريات التي تبعثرت في زوايا الخرطوم والكثير من الأرواح التي فقدت فجأة وبدون سابق إنذار تلك المعاناة التي تلازمهم كظل لا يفارقهم

لكنهم يعلمون أن بناء المستقبل لن يتأتى إلا بالتضحية والصبر فالوطن يحتاج إلى إعادة البناء ولم شمل الأسرة بعد كل ما مروا به لذا تظل قلوبهم تنبض بالأمل

على الرغم من كل المخاطر والاحتمالات العصيبة لا يزال السودانيون يبتسمون في وجه العواصف فمن بين الدمار والحطام تظهر البراعم الصغيرة من الأمل تنمو ببطء وبعزيمة لا تنكسر تكافح الأمهات من أجل تعليم أطفالهن ليكونوا أمل الغد وآباء يعودون بأسرهم على أمل مستقبل مشرق ومختلف لا تشوبه شائبة الحرب

هذا الحماس الذي يظهر في المحطة يتجاوز مجرد العودة الجسدية إلى الوطن بل يتعداها إلى تجديد العهد بين السودانيين في التضامن والتكاتف لبناء غدٍ مشرق

فهذه اللحظة تمثل تجسيدًا للرغبة في التغيير والإنجاز الكثير من الأماني تعبر المحطة في تلك اللحظة تلتقي الأعين بحكايات شتى من البؤس والأمل

ولكنها تبقى محملة برغبة واحدة في الاستقرار والعودة إلى الوطن بعد فترات من المآسي

القوة التي استعادتها الخرطوم من براثن المليشيات تعكس عزيمة الشعب السوداني الذي تحدى كل الصعاب ولم ينهزم أمام التحديات الخارجية والداخلية التي فرضتها عليه الظروف الأليمة في السنوات الأخيرة

الأمل الآن يبدو أكثر وضوحاً أكثر إشراقاً من أي وقت مضى وتظل قلوب السودانيين متطلعة إلى غدٍ أفضل رغم كل ما مروا به من فصول مأساوية في تاريخهم

لقد حان وقت العودة حان وقت بناء الوطن من جديد معًا يد بيد لاستعادة ما فقدوه وبعث الأمل من جديد في نفوس الأجيال القادمة إن لحظة الانتصار ليست فقط عسكرية

بل هي انتصار للقيم الإنسانية التي تتطلع إلى السلام والأمان في وطن يستحق الحياة بحرية وكرامة

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى