تقارير

عام من طوفان الأقصى: انتصارات المقاطعة الإقتصادية تكشف زيف العلاقات مع الاحتلال

شهدت الساحة الاقتصادية تطورات مدهشة ومفاجئة خلال العام الماضي في سياق الصراع مع الاحتلال

حيث أثبتت حملات المقاطعة فعاليتها بشكل غير مسبوق استجابة لدعوات الشعوب العربية والعالمية

وقد تمكنت تلك الحملات من إجبار العديد من الشركات الكبرى على الانسحاب ووقف التعامل مع الاحتلال

فعلى سبيل المثال أعلنت شركة جي 4 إس البريطانية التي كانت تروج لوجودها في الأراضي المحتلة عن بيع جميع أعمالها هناك

وهو ما يعد ضربة قوية للاحتلال وأجهزته الأمنية التي كانت تعتمد على تلك الشركات كجزء من منظومتها

لكن تلك الإنجازات لم تكن وحدها في الساحة فقد جاءت أيضا شركة فيولا الفرنسية التي تحملت خسائر فادحة بلغت 20 مليار دولار نتيجة استمرارها في العمل مع الاحتلال لتتخذ القرار الصائب بالانسحاب

مما جعلها نموذجا يحتذى به في كيفية مواجهة الاحتلال على الصعيد الاقتصادي أما شركة بوما الألمانية فقد كان لها موقفها الخاص

حيث قررت عدم استكمال رعايتها لمنتخب الاحتلال لكرة القدم وهو ما يعكس التأثير القوي لحملات المقاطعة على الشركات العالمية

ورغم هذه النجاحات الكبيرة لحملات المقاطعة لا يزال هناك تناقض صارخ في المواقف بين الشعوب والأنظمة العربية التي تواصل تعزيز علاقاتها الاقتصادية مع الاحتلال

فبينما يخرج المواطن العربي للمطالبة بوقف التعامل مع الاحتلال بل ويقاطع المنتجات الداعمة له

نجد الأنظمة العربية تستمر في توقيع اتفاقيات جديدة تعزز من حجم التجارة مع تل أبيب وتجعل من الاحتلال شريكا اقتصاديا مهما

وبينما تُسجل المقاطعة إنجازاتها تُظهر الأنظمة العربية ازدواجية واضحة في الموقف

حيث تزداد الصادرات إلى الاحتلال وتُعقد الاتفاقيات التي تسهم في توسيع نطاق العلاقات التجارية

وهو ما يعد إهانة للمشاعر الشعبية ولتضحيات الشعب الفلسطيني في صراعه المستمر مع الاحتلال

ومما يزيد الطين بلة هو ما تشهده الساحة من مشاريع ممرات تجارية تهدف إلى فك الحصار عن البحر الأحمر

وهو ما يتيح للاحتلال توسيع دائرة تجارته الخارجية وزيادة نفوذه في المنطقة بينما يواصل الفلسطينيون نضالهم من أجل الحرية والكرامة

تتجلى هنا المفارقة الصادمة فبينما يسجل التاريخ انتصارات جديدة لحملات المقاطعة ضد الاحتلال

نجد الأنظمة العربية تكافئه بالتجارة والاتفاقيات مما يعكس انفصامًا حادًا بين الحراك الشعبي والمواقف الرسمية

إن هذه الأحداث تثير العديد من الأسئلة حول مستقبل العلاقات بين الدول العربية والاحتلال وتهدد بحالة من الانقسام في الشارع العربي الذي يطالب بضرورة الوقوف مع القضية الفلسطينية ودعمها

بينما تواصل الحكومات تجاهل تلك المطالب وتراهن على تحقيق مكاسب اقتصادية على حساب الحقوق الإنسانية

إن مقاومة الاحتلال لن تقتصر على ميدان المعارك فقط بل تندرج تحت سلاح الاقتصاد أيضا

فكلما نجحت المقاطعة في إحباط صفقات الاحتلال الاقتصادية كلما اقتربت الشعوب من تحقيق أهدافها في التحرير والعدالة

في ظل هذا المشهد المأساوي لا بد من استنهاض الهمم وتوحيد الصفوف في مواجهة الاحتلال الذي يستفيد من التناقضات بين الحركات الشعبية والأنظمة الرسمية

فالمقاطعة تتطلب التزاما جادًا من جميع الأطراف ووقوفا حقيقيًا مع القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني الذي يعاني الويلات في ظل الاحتلال

إن قوة المقاطعة تكمن في قدرتها على تحريك الرأي العام وإجبار الشركات على تغيير سياساتها الاقتصادية ومن ثم تزداد الضغوط على الاحتلال

مما قد يقود إلى نتائج ملموسة على الأرض تضع حدا لظلم مستمر وتفتح الأفق أمام آمال جديدة نحو مستقبل أفضل

تتطلب المرحلة الحالية تضافر الجهود بين كافة الفصائل العربية والأحزاب والنقابات لتنسيق الجهود ودعم حملات المقاطعة وتعزيز الوعي بأهمية هذا النهج في مواجهة الاحتلال فالاقتصاد سلاح قوي يمكن أن يقلب المعادلة ويدفع نحو تحقيق الحقوق المسلوبة

فكل قرار اقتصادي يؤخذ ضد الاحتلال هو خطوة نحو الحرية والاستقلال فهل ستستجيب الأنظمة العربية لنبض الشارع وتضع مصلحة الشعب الفلسطيني فوق كل اعتبار أم ستواصل تجاهل الصوت الشعبي الذي ينادي بضرورة وقف التعامل مع الاحتلال

إن المعركة ليست فقط على الأرض بل هي معركة إرادة وإيمان بقضية عادلة تستحق النصر مهما كانت التحديات

فالشعوب أقوى من كل التحديات وإن طال الزمان فإن الحق سينتصر في النهاية ويحقق ما يطمح إليه الجميع من عدالة وحرية وكرامة

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى