مقالات ورأى

عبدالجبار سلمان يكتب : طوفان الأقصى: ماذا تحقق بعد عام؟!

مع مرور عام على عملية “طوفان الأقصى”، التي أطلقتها حركة حماس في السابع من أكتوبر 2023 ضد إسرائيل، يبقى السؤال الأساسي: ماذا استفادت حماس من هذا التحرك العسكري؟

وهل حققت أهدافها، أم أنها كانت سببًا في تدمير غزة ومقتل وتشريد الآلاف من سكانها؟ حماس أطلقت العملية بهدف كسر الحصار الإسرائيلي المفروض على غزة منذ عام 2007،

وإبراز قوتها كفاعل رئيسي في المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي. بالإضافة إلى ذلك،

كانت تسعى لإعادة توجيه الأنظار نحو القضية الفلسطينية في وقت كانت تشهد فيه المنطقة العربية والإقليمية تحولات متسارعة. من ناحية رمزية،

كانت العملية تسعى لتحقيق اختراق عسكري وأمني مهم يعزز من مكانة حماس بين الفصائل الفلسطينية ويدعم موقعها في صفوف المقاومة. على الأرض، حماس نجحت في تحقيق بعض الإنجازات الأولية،

مثل اختراق الحدود والاستيلاء على مستوطنات إسرائيلية وقتل وأسر جنود إسرائيليين، وهو ما شكل ضربة مؤلمة لإسرائيل في بدايات العملية. رد فعل إسرائيل على “طوفان الأقصى” كان قاسيًا ومفاجئًا. الحكومة الإسرائيلية شنت هجومًا عسكريًا مكثفًا على قطاع غزة،

مما أدى إلى دمار واسع النطاق في البنية التحتية، ومقتل الآلاف من المدنيين الفلسطينيين، وتشريد مئات الآلاف. هذا الرد كان يهدف إلى تقويض قدرات حماس العسكرية، وإضعاف بنيتها التحتية، وتحييد قدرتها على شن هجمات مستقبلية. إسرائيل استفادت من الدعم الدولي الكبير، خاصة من الولايات المتحدة وأوروبا، بحجة الدفاع عن النفس،

ما سمح لها بتصعيد عملياتها دون ضغط دولي كبير لوقف القتال. كما أن إسرائيل استخدمت العمليات العسكرية كذريعة لشن حملات أمنية داخل الضفة الغربية والقدس المحتلة، وزادت من إجراءاتها القمعية ضد الفلسطينيين.

رغم التكلفة البشرية والمادية الكبيرة، يمكن لحماس أن تدعي تحقيق بعض الإنجازات ومنها، إثبات القدرات العسكرية مستفيدة من الدعم الايراني حيث أظهرت العملية أن حماس قادرة على تنفيذ هجمات معقدة ومنسقة،

ما يعزز مكانتها كقوة مقاومة رئيسية في الساحة الفلسطينية. بالإضافة الى إعادة تركيز الانتباه على القضية الفلسطينية حيث أن العملية أعادت القضية الفلسطينية إلى صدارة الأجندة الدولية بعد سنوات من التهميش،

وأثارت نقاشات جديدة حول العدالة في الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني. وأيضاً تثبيت المقاومة كخيار حيث عززت العملية من سردية المقاومة المسلحة ضد الاحتلال،

رغم الثمن الذي دفعته غزة. لكن، على الجانب الآخر، تكبدت غزة خسائر هائلة ومها، دمار البنية التحتية حيث ان الهجمات الإسرائيلية دمرت أجزاء واسعة من غزة، بما في ذلك المنازل والمستشفيات والمدارس.

وستحتاج غزة سنوات طويلة وإعادة إعمار مكلفة للتعافي. وأيضاً كانت الخسائر البشرية فادحة حيث سقط آلاف الضحايا بين قتيل وجريح، ومعظمهم من المدنيين، بما في ذلك النساء والأطفال. كما نزح مئات الآلاف من السكان نتيجة تدمير منازلهم وهروبهم من مناطق القتال،

مما فاقم من معاناة الشعب الفلسطيني في القطاع المحاصر. هناك آراء تقول إن عملية “طوفان الأقصى” أعطت إسرائيل ذريعة لشن هجوم واسع النطاق على غزة، وتبرير استخدام القوة المفرطة ضد المدنيين. الهجوم الإسرائيلي المتصاعد أتاح لإسرائيل فرصة أكبر لاختراق القطاع،

وتوسيع سيطرتها على بعض المناطق الحدودية، وممارسة ضغوط أكبر على المقاومة الفلسطينية. بناءً على ما سبق،

يمكن القول إن حماس حققت بعض الإنجازات التكتيكية والسياسية، لكنها دفعت ثمنًا باهظًا على مستوى الدمار والخسائر البشرية. العملية لم تؤدِّ إلى تغيير استراتيجي كبير في ميزان القوى مع إسرائيل، بل بالعكس، ربما زادت من عزلة القطاع وعمقت الأزمة الإنسانية.


في النهاية، “طوفان الأقصى” كان بمثابة اختبار لقدرات حماس ولإستراتيجيتها في مواجهة إسرائيل. ورغم أن الحركة أظهرت قدرتها على إحداث اختراقات عسكرية مهمة،

إلا أن التكلفة كانت كبيرة على مستوى الدمار والخسائر البشرية. يبقى السؤال مفتوحًا حول ما إذا كانت هذه العملية ستحقق أهدافًا طويلة المدى في تحرير فلسطين أو تخفيف الحصار عن غزة، أم أنها ستظل مجرد حلقة أخرى في الصراع المتواصل بين حماس وإسرائيل.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button