تقاريرفلسطين

جرائم إبادة إسرائيل في غزة: عام من القتل والتعذيب والاعتقال

مر عام على طوفان الأقصى، عام من الدماء، الدمار، والمآسي. قوى الاحتلال الإسرائيلي مستمرة في ممارسة أبشع أشكال القمع والتنكيل، مستهدفة المدنيين العزل، الأطفال، النساء، والمسنين،

في قطاع غزة والأراضي الفلسطينية. وعلى الرغم من الإدانات الدولية التي تعالت، لم تتوقف آلة القتل ولم تهدأ أصوات الانفجارات.

ما يحدث على الأرض يفوق الوصف، وتجاوز كل الحدود الأخلاقية والإنسانية. الاحتلال الإسرائيلي يستمر في ارتكاب الجرائم بحق الإنسانية دون رادع أو عقاب، وتستمر المعاناة التي يعيشها الأسرى في السجون والمعسكرات في كشف فصول جديدة من هذه الحرب الوحشية.

قبل 7 أكتوبر: استباق الهاوية

قبل السابع من أكتوبر، كانت أرقام الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية تعكس مدى بطش الاحتلال وجبروته، إذ بلغ إجمالي الأسرى الفلسطينيين 5250 أسيرًا، منهم 40 امرأة و170 طفلًا، إضافة إلى 1320 معتقلًا إداريًا.

كانت هذه الأرقام حينها مروعة، ولكن ما حدث بعد بدء حرب الإبادة الكبرى في أكتوبر أضاف المزيد من الأرقام والقصص المأساوية إلى هذه القائمة.

الاحتلال، الذي يمارس سياسات الترويع والانتقام، رفع من وتيرة الاعتقالات بشكل لم يسبق له مثيل، وخاصة في الضفة الغربية والقدس المحتلة.

عشرات الآلاف من الفلسطينيين اعتقلوا، بينهم نساء وأطفال وصحفيون، وكأن آلة الاعتقال باتت وسيلة للاحتلال لترسيخ وجوده الدموي. فالأرقام وحدها تكشف حجم المأساة.

الاعتقالات الجماعية: آلة القمع التي لا تهدأ

منذ بدء حرب الإبادة في 7 أكتوبر، وصل عدد المعتقلين في الضفة الغربية وحدها إلى 11,000 معتقل، بما فيهم القدس المحتلة.

ومن بين هؤلاء، تم اعتقال 420 امرأة من الضفة والداخل المحتل، كما اعتقل 740 طفلًا. الصحفيون لم يسلموا أيضًا من قمع الاحتلال، فقد تم اعتقال 86 صحفيًا من الضفة وغزة، ضمن حملة ممنهجة لكبت صوت الحقيقة وإسكات الإعلام.

في غزة، كانت آلة الاعتقال لا تقل وحشية. فقد اعترف الاحتلال باعتقال 4500 شخص من القطاع، بينهم المئات من عمال غزة الذين اعتقلوا أثناء تواجدهم في الضفة للعلاج أو للعمل، فيما لا تزال أعداد كبيرة غير معروفة.

من بين هؤلاء، 36 صحفيًا من قطاع غزة عرفوا بأسمائهم وتم اعتقالهم، في محاولة لإخماد الصوت الحر الذي ينقل معاناة الشعب الفلسطيني للعالم.

أرقام مهولة وضحايا بلا هويات

حتى بداية سبتمبر 2024، بلغ إجمالي الأسرى في السجون الإسرائيلية 9900 أسيرًا من الضفة الغربية وقطاع غزة. بينهم 3323 معتقلًا إداريًا، وهي السياسة التي يستخدمها الاحتلال لاحتجاز الأشخاص دون محاكمة أو تهمة واضحة.

من هؤلاء الأسرى، يوجد 1612 أسيرًا من قطاع غزة اعترف الاحتلال بهم، ولكن هذا الرقم لا يشمل كافة المعتقلين. أما النساء، فقد بلغ عددهن 98 أسيرة،

مع العلم أن هذا الرقم لا يشمل كافة الأسيرات من قطاع غزة. أما الأطفال، فهناك 250 طفلًا معتقلًا، يُعاملون معاملة قاسية ومهينة في السجون.

لكن ما يزيد الطين بلة هو عدد الشهداء الذين سقطوا تحت التعذيب داخل السجون. حتى الآن، استشهد 25 أسيرًا تم الإعلان عن هوياتهم،

فيما تستمر المأساة مع العشرات من معتقلي غزة الذين قتلوا تحت التعذيب في السجون والمعسكرات، دون أن يُفصح الاحتلال عن هوياتهم أو ظروف استشهادهم.

عشرات الشهداء تعرضوا لعمليات إعدام ميداني أثناء الاعتقال، والاحتلال يواصل احتجاز جثامين 34 أسيرًا استشهدوا داخل السجون، في تحدٍّ صارخ لأبسط حقوق الإنسان.

التعذيب: سياسة ممنهجة لإبادة معنويات الأسرى

الاعتقالات التي يقوم بها الاحتلال لا تقتصر على مجرد احتجاز الأفراد، بل تتعدى ذلك إلى تعذيبهم بشكل ممنهج.

منذ اللحظة الأولى للاعتقال، يدخل الجنود إلى منازل المعتقلين بعد تفجير الأبواب، يعيثون فسادًا في الممتلكات، يعتدون على العائلات بالضرب والتهديد،

ثم يأخذون الشخص المراد اعتقاله بعد ضربه بشكل مبرح. الاعتداءات لا تقتصر على المعتقلين فقط، بل تمتد إلى تدمير البنى التحتية، هدم المنازل، ومصادرة الممتلكات، حتى أن بعض أفراد عائلات الأسرى يتم أخذهم كرهائن.

في غرف السجون، تبدأ معاناة جديدة. الأسرى يتعرضون لأبشع صور التعذيب والاضطهاد. من بين هذه الممارسات، الاعتداء بالضرب المستمر، والإهانة، وسلب كل ما يملكونه من أغطية وملابس وطعام، وحتى قطع الكراسي والطاولات من الزنازين.

الهدف هو إذلالهم وتجريدهم من أدنى مقومات الحياة الكريمة. الظروف المعيشية داخل السجون أصبحت لا تطاق، حيث تعيد سلطات الاحتلال الزمن إلى الوراء لتضع الأسرى في ظروف أشبه بما كانت عليه السجون في خمسينيات القرن الماضي.

الأسرى في سجن النقب، على سبيل المثال، يعيشون في جحيم يومي. درجات الحرارة الشديدة في الصيف، والبرد القارس في الشتاء، مع نقص فادح في الطعام والماء.

لا يسمح لهم بالاستحمام، ولا توجد أغطية كافية لحمايتهم من البرد، فيما تُعمّد سلطات السجون تجويعهم وحرمانهم من العلاج الطبي بهدف قتلهم ببطء.

الحرب النفسية والجسدية: الاحتلال يمارس الإبادة في السجون

لا تقتصر معاناة الأسرى على الجوع والبرد. إدارة السجون الإسرائيلية تمارس حربًا نفسية وجسدية ضدهم. الضرب والشتائم والاعتداءات مستمرة بشكل يومي، وبعض الحالات تم توثيق تعرض الأسرى للاغتصاب من قبل السجانين.

الإهمال الطبي يُعتبر من أبشع صور التعذيب، حيث يعاني الأسرى من انتشار الأمراض المزمنة والجلدية بسبب نقص النظافة والطعام السيئ. العديد من المعتقلين فقدوا عشرات الكيلوغرامات من أوزانهم نتيجة الظروف المزرية التي يعيشونها.

الأسيرات من غزة يعشن في ظلام إعلامي تام، فلا أحد يعرف حقيقة ما يجري معهن. الشهادات التي تم توثيقها تشير إلى تعرضهن للتعرية والضرب والتهديد بالاغتصاب. هذا الصمت المطبق يزيد من معاناتهن ويجعل من الصعب نقل الحقيقة إلى العالم.

الاحتلال مستمر .. والمجتمع الدولي صامت

كل هذه الجرائم والانتهاكات تجري على مرأى ومسمع من العالم، ولكن المجتمع الدولي يواصل الصمت، وكأن هذه الأرواح لا تعني شيئًا. الإدانات الخجولة لم تعد تردع الاحتلال، الذي يستمر في جرائمه دون توقف.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى