تقارير

أموال المصايف المنهوبة: فضيحة فساد تهز أركان شركة الوجه القبلي لإنتاج الكهرباء

في ظل استشراء الفساد داخل أروقة شركة الوجه القبلي لإنتاج الكهرباء التابعة لوزارة الكهرباء المصرية، تكشفت فصول فضيحة تهز الضمير العام وترفع وتيرة الغضب الشعبي إلى أقصى مدى.

انتهاكات صارخة ونهب منظم لأموال المصايف التي خصصتها الدولة لدعم العاملين بالشركة، ليتبين فيما بعد أن هذه الأموال كانت موضع أطماع وتلاعب من قبل قيادات في الشركة الذين استغلوا مناصبهم للتربح الشخصي، في تعدٍ فاضح على المال العام دون حساب أو عقاب يردع.

تفاصيل القضية لا تدع مجالاً للشك في أن هناك فساداً ممنهجاً داخل الشركة، حيث أظهرت التحقيقات التي أجرتها الشركة القابضة للكهرباء تحت رقم 28 لسنة 2023 أن ما يزيد عن 780 ألف جنيه، كانت مخصصة لدعم المصايف، تم الاستيلاء عليها بطرق ملتوية، ولم يُسترد منها سوى 125 ألف جنيه فقط، فيما بقي باقي المبلغ الضخم مجهول المصير وكأنما تبخر في الهواء.

وهذه الأموال كانت من المفترض أن تعود بالنفع على الموظفين، ولكن ما حدث هو أنها أصبحت فريسة سهلة في أيدي المتورطين.

إحدى الجهات المسؤولة عن التحقيق أبدت استغرابها من عدم إحالة المتورطين إلى النيابة العامة، رغم ما أظهرته التحقيقات من دلائل دامغة على التلاعب والتزوير والاستيلاء على المال العام.

وما يزيد من مرارة هذه القضية أن رئيس قطاع الموارد البشرية المتهم بالتزوير لم يتأثر بموقعه أو مكانته الوظيفية، بل لا يزال يجلس على كرسيه كأنه لم يقترف جريمة.

أصوات موظفين داخل الشركة خرجت عن صمتها، وسط خيبة الأمل والغضب العارم، مؤكدين أن ما يجري لا يعدو كونه صورة أخرى من صور الفساد المستشري في مؤسسات الدولة.

أحدهم يصرخ قائلاً ما الذي يحدث هل يعقل أن يضيع 655 ألف جنيه هكذا بلا محاسبة لماذا لم يُحال هذا الفاسد إلى النيابة لماذا لم يتم تخفيض درجته الوظيفية على الأقل كيف تستمر المؤسسة بهذا النمط إذا لم يُعاقب الجناة

موظف آخر يقف مذهولاً، ويضيف إنه لأمر يثير العجب والشكوك كيف لرئيس القطاع الذي زُورت الوثائق تحت مسؤوليته ألا يدفع ثمن أفعاله بل ويظل في منصبه من دون أي مساس بمكانته الوظيفة رغم أن التحقيقات أظهرت بوضوح أن أموال الدولة قد تم التلاعب بها

هذا الشعور بالمرارة والغضب لم يتوقف عند الموظفين فحسب بل امتد إلى عائلاتهم وأصدقائهم الذين يرون في هذه الفضيحة انتهاكاً صارخاً للعدالة وسوء إدارة يستحق المحاسبة الصارمة

أحد أبناء الموظفين يقول كيف يمكن أن يثق الناس بمؤسساتهم عندما يرون هذا النوع من الفساد دون عقاب لم يعد الأمر يقتصر على المبلغ المالي الضائع بل تعدى إلى تآكل ثقة الموظفين والمواطنين في المؤسسات

مصادر مقربة من التحقيقات أفادت بأن هناك تلاعباً كبيراً بالأوراق والمستندات الرسمية وأنه كان هناك تواطؤ من بعض الجهات داخل الشركة للتستر على الجريمة،

ما سمح للمتورطين بالبقاء في مناصبهم والاستمرار في استغلال نفوذهم بكل حرية ودون خوف من المساءلة.

الموظفون يتساءلون لماذا لم يتم اتخاذ خطوات قانونية صارمة ضد رئيس قطاع الموارد البشرية الذي كشفت التحقيقات تورطه في عمليات التزوير والاستيلاء على الأموال العامة

كيف يمكن أن يظل في منصبه رغم الدلائل الواضحة والموثقة ما هذا الاستهتار بالمال العام وكيف يمكن أن يستمر الوضع كما هو دون أي محاسبة

موظف آخر يؤكد بأن القضية تتجاوز الأرقام فهي تمس بشكل مباشر مستقبل الثقة في الإدارة العامة إذا لم تتم محاسبة المتورطين بشكل جدي وصارم فكيف يمكننا أن نضمن أن أي مبلغ مستقبلي لن يكون عرضة للنهب والفساد مجدداً

بينما يرد أحد العاملين على زملائه قائلاً كنا نعتقد أن هناك نية للتصحيح والمحاسبة ولكن مع استمرار وجود هذا الفاسد في منصبه يبدو أن المسألة أبعد من مجرد حادثة فساد عرضية إنها منظومة كاملة تعمل لحماية بعضها البعض والتستر على الجرائم المتكررة

يروي بعض الموظفين كيف جرت محاولات لإسكاتهم عن الحديث حول هذه القضية وكيف كانت هناك ضغوط من إدارات أعلى تطالبهم بالصمت

وتجاهل الأمر وكأن شيئاً لم يكن يقول أحدهم حاولوا إقناعنا بأن الأمور ستحل داخلياً وبهدوء وأن الحديث عنها سيثير بلبلة لا داعي لها ولكننا نعلم جميعاً أن هذا مجرد غطاء لحماية من يستغلون مواقعهم للسرقة والاحتيال

التحقيقات لم تفض إلى إجراءات قانونية حقيقية بل تميزت بالتباطؤ والتسويف ما زاد من سخط العاملين والمجتمع الذي أصبح يرى في هذه الفضيحة رمزاً للفساد المستشري في أجهزة الدولة

كان الجميع يتوقع أن يتم اتخاذ خطوات حاسمة لإعادة الأموال المنهوبة ومحاسبة المتورطين لكن شيئاً من هذا لم يحدث

على الرغم من أن بعض التحقيقات أظهرت أن مبالغ معينة تمت إعادتها إلا أن هذا لا يعدو كونه قطرة في بحر المبالغ الضائعة

ويظل السؤال الرئيسي مطروحاً لماذا لم يتم رد المبلغ المتبقي لماذا لم يتم عزل المتورطين لماذا لم يتم تحويلهم إلى القضاء أين هي العدالة

عدد من الموظفين يرون أن هذه القضية تمثل نقطة تحول في تاريخ الشركة إما أن تكون فرصة لإعادة بناء الثقة وإصلاح الفساد أو أن تكون بداية لانهيار أكبر إذا لم يتم التعامل معها بجدية

يقول أحدهم إذا لم يُحاسب المسؤولون عن هذا الفساد فماذا يعني ذلك بالنسبة لنا كمواطنين هل يعني أن المال العام بلا قيمة وأنه يمكن لأي شخص أن ينهبه دون خوف من العقاب

العاملون في الشركة ينتظرون تدخلاً حقيقياً من الجهات المعنية لإعادة الأمور إلى نصابها وإيقاف هذا الاستهتار بمقدرات الدولة

يقول أحدهم لا يمكن أن ننتظر أكثر يجب أن تكون هناك محاسبة حقيقية لا يمكن أن نسمح بأن يضيع المال العام دون عقاب هذه القضية ليست مسألة بسيطة إنها تمس مستقبلنا ومستقبل الأجيال القادمة

الفساد لم يعد مقتصراً على المبالغ التي تم الاستيلاء عليها بل ألقى بظلاله على أداء الشركة وكفاءة العمل فيها كيف يمكن أن يعمل الموظفون بجدية وإخلاص وهم يرون أن أموالهم تذهب إلى جيوب الفاسدين دون أي ردع كيف يمكن أن يشعروا بالأمان الوظيفي وهم يعلمون أن من يسرق لا يُعاقب

قضية الاستيلاء على أموال المصايف باتت حديث الجميع داخل الشركة وخارجها وتسببت في توتر كبير بين الموظفين وإدارتهم فالبعض يعتقد أن هذه الفضيحة ليست سوى رأس جبل الجليد

وأن هناك قضايا أخرى مشابهة لم يتم الكشف عنها بعد بينما يرى آخرون أن المشكلة تكمن في غياب الرقابة والمحاسبة على من يتقلدون المناصب العليا ويستغلونها لتحقيق مكاسب شخصية

مصدر من داخل الشركة قال إن هذه الفضيحة ستظل تطارد المسؤولين لفترة طويلة وأن محاولاتهم لإخفاء الأمر لن تنجح في نهاية المطاف الحقيقة ستظهر عاجلاً أم آجلاً مهما حاولوا التستر عليها

وأن هذه الفضيحة التي تهز أركان شركة الوجه القبلي لإنتاج الكهرباء أصبحت اختباراً حقيقياً لمدى جدية الدولة في مكافحة الفساد واسترداد الأموال المنهوبة فإما أن يتم محاسبة المسؤولين وإعادة الحق إلى أصحابه أو أن الفساد سيظل ينهش في جسد المؤسسات العامة دون رادع

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى