تقاريرثقافة وفنون

الأزمات الخانقة في صناعة السينما المصرية تتطلب تحركاً عاجلاً

يعيش قطاع السينما المصري حالة من الاضطراب الشديد يتطلب تدخلات جادة وقرارات حاسمة في ظل الأزمات المتفاقمة التي تواجهها هذه الصناعة العريقة التي كانت يوماً ما رائدة في الشرق الأوسط تكشف التصريحات الأخيرة للمنتج ورئيس غرفة صناعة السينما هشام عبدالخالق عن العديد من التحديات والعقبات التي باتت تهدد مستقبل السينما المصرية

حيث أصبحت الأرقام التي تتعلق بإنتاج الأفلام سنوياً تدق ناقوس الخطر إذ انخفضت الإنتاجية بشكل غير مسبوق لتصل إلى ما بين 25 و30 فيلماً سنوياً وهو ما يُعد مؤشراً مقلقاً على ضعف الصناعة وعدم قدرتها على تلبية احتياجات دور العرض.

يتحدث عبدالخالق بنبرة شديدة اللهجة عن عجز الأفلام المصرية عن المنافسة في السوق المحلية بسبب سيطرة الموزعين على عملية التوزيع وبروز ظاهرة الاعتماد على الأسماء الكبيرة فقط دون إفساح المجال للأصوات الجديدة والمواهب الشابة التي تعاني من الإقصاء رغم وجود طاقات إنتاجية ضخمة في البلد

كما أشار إلى ضرورة العودة إلى نظام “الباكيدج” والذي يعتبر أحد الحلول العملية لمعالجة العشوائية السائدة في عملية التوزيع وتخفيف الضغوط التي تُمارس على الأفلام الجديدة وأعمال الشباب.

عبّر عبدالخالق عن قلقه العميق إزاء آثار هذه العشوائية على صورة السينما المصرية مشيراً إلى أن ما يحدث يُسيء إلى تاريخ هذه الصناعة وثقلها الفني والثقافي.

ومصر تمتلك كافة المقومات التي تؤهلها لتكون مركزاً سينمائياً في المنطقة ولكن على الرغم من ذلك نجد أنفسنا في حالة من الركود بسبب إدارات غير فعالة وعلاقات غير منظمة تؤثر سلباً على التطور المطلوب في هذا المجال.

وفي سياق متصل، تطرق عبدالخالق إلى أزمة الأجور المرتفعة التي باتت تفرض نفسها كأحد أبرز المعيقات أمام صانعي الأفلام إذ إن العديد من الفنانين يطالبون برفع أجورهم بشكل غير مبرر بعد نجاحاتهم السريعة

مما يؤدي إلى تفاقم الأزمات الإنتاجية ويجعل من الصعب الحفاظ على ميزانية معقولة لإنتاج الأفلام كما حدث مع مخرج فيلم “الحريفة” الذي طلب زيادة أجوره بشكل مبالغ فيه بعد النجاح الذي حققه الفيلم ما دفع المنتجين إلى البحث عن مخرج آخر للقيام بالمهمة.

واعتبر عبدالخالق أن هناك حاجة ملحة لزيادة الإنتاج المصري من الأفلام حتى نتمكن من الوصول إلى 60 فيلمًا سنوياً لمواجهة العجز الكبير في دور العرض الحالية والتي تتزايد بشكل مستمر.

وهذه الحاجة تكشف عن وجود فجوة واضحة بين ما يتم إنتاجه وما يحتاجه السوق ويؤدي بنا إلى الاعتماد على الأفلام الأمريكية من الفئات الثانية والثالثة بدلاً من الأعمال القوية التي تعكس الثقافة المصرية وتُظهر قدرتها الإبداعية.

ومع كل هذه التحديات، يؤكد عبدالخالق أن هناك جهوداً مستمرة من قبل غرفة صناعة السينما لعلاج الأزمات الحالية وتحقيق تقدم ملموس في القطاع مضيفاً أنه تم تكريمه مؤخراً في مهرجان الغردقة لسينما الشباب وهو اعتراف بأهمية هذه المبادرات ودعم الشباب المبدعين في هذا المجال.

وإن تكريمه يعكس الأهمية المتزايدة للشباب في صناعة السينما ويعزز الحاجة إلى منحهم الفرصة لإظهار قدراتهم وتحقيق طموحاتهم الفنية.

لا تزال صناعة السينما المصرية بحاجة إلى جهود مضاعفة ودعم من كافة الأطراف المعنية للحفاظ على مكانتها كأحد أبرز الصناعات الثقافية في المنطقة.

ويتعين على الموزعين والفنانين والمخرجين العمل معاً لتجاوز هذه الأزمات والنظر إلى المصلحة العامة لصناعة السينما المصرية بدلاً من الاهتمام بالمصالح الفردية التي تضر بمستقبلها. إن السينما ليست مجرد صناعة بل هي فن وثقافة وهوية تحتاج إلى كل الدعم والرعاية لكي تستعيد بريقها وقوتها.

وإن الأزمات الحالية تمثل تحدياً حقيقياً تتطلب رؤى جديدة واستراتيجيات فعالة لإعادة إحياء السينما المصرية وإعادتها إلى المنافسة على الصعيدين الإقليمي والدولي.

ويجب أن نكون جميعاً على قلب واحد لمواجهة هذه التحديات ولتكون السينما المصرية في طليعة الفنون السينمائية في الشرق الأوسط، فليس هناك أدنى شك في أن مصر تمتلك كل ما يلزم لذلك، فهل نحن مستعدون للتغيير؟

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى