تقارير

أزمة الغاز في مصر: خطر متصاعد ومصير غامض

تستعد وزارة البترول لدخول مرحلة حرجة من خلال استيراد سبع شحنات من الغاز المسال خلال أكتوبر الجاري.

وهذه الخطوة تكشف عن واقع مؤلم تعيشه البلاد، حيث تتفاقم الأزمات وتزداد التحديات. كيف يمكن لدولة تمتلك ثروات هائلة من الغاز أن تعتمد على الاستيراد لتلبية احتياجاتها الأساسية؟

مصدر حكومي يؤكد أن الشحنات ستصل إلى ميناء العين السخنة، حيث سيتم تغويز ست شحنات في سفينة التغويز هوج جالون، بينما ستحط شحنة واحدة في ميناء العقبة بالأردن لتغويزها قبل نقلها إلى مصر.

وهذا الوضع يثير القلق ويطرح تساؤلات حقيقية حول إدارة الموارد المحلية في وقت يزداد فيه الطلب بصورة مقلقة.

الصفقة ليست بسيطة؛ إنها جزء من اتفاق أكبر لشراء عشرين شحنة من الغاز الطبيعي المسال خلال الربع الأخير من 2024، مع شركات عالمية مثل بي بي وشل وتوتال وجلينكور.

وهذا الاعتماد على الشركات الخارجية يعكس عجز الحكومة عن تأمين احتياجات البلاد، ويؤكد على خطورة الوضع.

بالإضافة إلى ذلك، تم إرساء المناقصة بأسعار مرتفعة تتراوح بين 1.70 دولار و1.90 دولار فوق الأسعار القياسية، مما يزيد من ضغوط الأسعار على المواطن المصري.

وهل من الممكن أن تعاني البلاد من أزمات غاز جديدة مع قدوم فصل الشتاء، خاصةً مع ارتفاع الأسعار في السوق العالمية؟

على الرغم من بعض النجاح في الحصول على تسعيرات أقل مما كان متوقعًا، تبقى هذه النتائج متواضعة أمام التحديات الضخمة التي تعاني منها البلاد.

والالتزام بسداد مستحقات الشحنات السابقة لا يكفي لتجاوز الأزمات المحتملة. تساؤلات كبيرة تلوح في الأفق: هل ستتمكن الحكومة من توفير الغاز الكافي لمواجهة الطلب المتزايد؟

تتطلع وزارة البترول لزيادة الإنتاج السنوي من الغاز الطبيعي خلال عامي 2024 و2025، لكن هذه الخطط لا تعكس الواقع المؤلم للاستهلاك، الذي يصل إلى 6.8 مليار قدم مكعبة يوميًا،

بينما الإنتاج المحلي لا يتجاوز 4.9 مليار قدم مكعبة. الفجوة بين الاستهلاك والإنتاج تسلط الضوء على أزمة طاحنة.

ومع ذلك، فإن الأزمات لا تتوقف عند حدود الغاز. تشير التقارير إلى أن الأنشطة غير النفطية في مصر شهدت انكماشًا في سبتمبر، بعد فترة من النمو الضعيف في أغسطس، نتيجة لضغوط الأسعار المتزايدة.

ومؤشر ستاندرد آند بورز جلوبال لمديري المشتريات يشير إلى انخفاض حاد، مما يضاعف المخاوف بشأن مستقبل الاقتصاد.

تتوالى الأزمات في حلقة مفرغة، حيث يشير الانكماش الاقتصادي إلى ضرورة اتخاذ إجراءات فورية. اعتماد مصر على الاستيراد وعدم قدرة الحكومة على تحقيق الاستدامة في مواردها الداخلية يعزز من تفاقم المشكلات، مما يعكس عدم كفاءة الإدارة الاقتصادية.

المواطن المصري الآن في حالة من القلق والترقب، في ظل هذه الأزمات المتصاعدة. كيف يمكن لحكومة أن تتجاهل حقيقة أن لديها ثروات غاز ضخمة وتظل تعتمد على الاستيراد؟ الغموض يكتنف المستقبل، وأي تأخير في اتخاذ الإجراءات الفعالة قد يؤدي إلى كوارث اقتصادية أشد.

يجب أن تكون هناك استجابة حاسمة لإعادة تقييم السياسات الراهنة وتبني استراتيجيات مبتكرة. إن الموقف الحالي يتطلب العمل الجاد لتخطي هذه الأزمات، وضمان الاستقرار في سوق الغاز والطاقة.

والمستقبل الاقتصادي لمصر على المحك، والسؤال الآن: هل ستتخذ الحكومة خطوات جريئة لتحويل الأزمات إلى فرص؟

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى