في مشهد يتسم بالفوضى والانهيار، استيقظ سكان شمال مخيم النصيرات على وقع انفجارات عنيفة جرفت معهم آمالهم وآلامهم، حيث أقدم جيش الاحتلال على هدم المباني السكنية في تصعيد غير مسبوق للعدوان على المدنيين.
وهذا الهجوم ليس مجرد عملية عسكرية، بل هو تجسيد واضح لفشل الضمير الإنساني وتخلي العالم عن مسؤولياته تجاه ما يحدث في غزة.
خلال الساعات الماضية، كانت آليات الاحتلال تطلق نيرانها بصورة عشوائية في المناطق الشمالية من المحافظة الوسطى، مما أسفر عن إصابات عديدة وتدمير الممتلكات، وكأن الحياة هنا ليست إلا لعبة في يد قوى جائرة.
والناس يعيشون في حالة من الرعب المستمر، متسائلين عن أي مبرر يمكن أن يُعطي الحق لهذا التصعيد الذي يتجاهل كافة القوانين الدولية والأخلاقية.
وفي سياق متصل، ألقى نائب رئيس المجلس السياسي لحزب الله، محمود قماطي، الضوء على الوضع العسكري القائم، مؤكداً أن الحزب تمكن من إحباط محاولات قوات الاحتلال للتسلل عبر النقاط الحدودية.
قماطي لم يتردد في التحذير، مشيراً إلى أن أي محاولة من الاحتلال لاختراق عمق الأراضي اللبنانية ستتحول إلى مقبرة لجنوده ودباباته.
وإن هذه التصريحات تكشف عن عزيمة قوية للمقاومة، وتؤكد على أن المعركة لا تزال في أوجها وأن الأوضاع قابلة للاشتعال في أي لحظة.
وفي خضم هذه الأحداث، أدلى الرئيس الأمريكي، جو بايدن، بتصريحات في مؤتمر صحفي في واشنطن، حول رد تل أبيب على الهجوم الإيراني، مشيراً إلى أن العملية البرية “الإسرائيلية” في جنوب لبنان تتطلب تحليلاً دقيقاً.
بايدن يحاول توجيه دفة الأمور، ولكنه في الواقع يساهم في تفاقم الأزمة من خلال دعم هجمات لا تُحمد عقباها. موقفه يعكس تجاهلاً للواقع المرير الذي يعيشه الناس في تلك المناطق، وكأنهم مجرد أرقام في معادلة سياسية خطيرة.
وتجدر الإشارة إلى أن مجلس الوزراء الأمني “الإسرائيلي” اتخذ قراراً بالرد على الهجوم الإيراني، كما ذكرت القناة 13 العبرية.
ولكن هذا القرار لم يكن مفاجئاً، فالعقلية السائدة في تل أبيب تتمحور حول استخدام القوة دون اعتبار للنتائج الإنسانية. المسؤولون “الإسرائيليون” يتحدثون عن عدم رغبتهم في الانزلاق نحو تبادل الضربات، لكن واقع الأحداث يكشف عن عكس ذلك تماماً. فكل ضربة تُوجه إلى غزة تعني المزيد من الدمار، والمزيد من الأرواح التي تُزهق.
التصعيد المستمر في غزة لم يكن مجرد عرض عسكري، بل هو إشارة واضحة إلى أن الاحتلال يستغل الفوضى السائدة في المنطقة لتحقيق أهدافه.
المخيمات التي عانت لعقود من الزمن، تتلقى اليوم ضربة قاضية، ويعيش سكانها في حالة من اليأس المطلق. الأمهات، الآباء، الأطفال، الجميع يعانون من وطأة هذه الحرب، وكلما زادت الضغوط، زادت الحاجة إلى موقف جاد من المجتمع الدولي.
إن المأساة التي يعيشها الشعب الفلسطيني في غزة هي نتيجة لسياسات قمعية مستمرة، والسيطرة العسكرية التي لا تنتهي.
وعندما يكون صوت الحق مغيباً، فإن الأمل يتحول إلى حلم بعيد المنال. القنابل التي تسقط على المباني ليست مجرد أدوات للقتل، بل هي رمز للاحتلال الذي يضرب عرض الحائط بأدنى حقوق الإنسان.
السؤال الذي يطرح نفسه هنا: إلى متى سيستمر هذا الكابوس؟ هل ستبقى المنظمات الدولية متفرجة على هذه المجازر، أم ستتحرك أخيراً لإنقاذ ما تبقى من إنسانية في هذا المكان المنكوب؟
الواقع أن الوقت قد حان للتصرف، فالأفعال يجب أن تتبع الأقوال، ويجب أن يتوقف النزيف الذي لا ينتهي. إن الدماء التي تُهدر في غزة هي دماء بشرية، وليست مجرد إحصائيات تُكتب في تقارير.
إن الشعب الفلسطيني يستحق السلام والأمان، ويجب على العالم أن يتحمل مسؤوليته في إنهاء هذا الصراع المدمر. وكل لحظة تمر دون تحرك فعلي هي بمثابة تأييد للظلم، ولذا فإن الأمل في غد أفضل يتطلب من الجميع التكاتف من أجل تحقيق العدالة والحرية.
إن الأحداث المتسارعة في المنطقة تعكس واقعاً قاتماً، ولكن من الضروري أن نؤمن أن الكلمة الأخيرة ستُقال للحق، وأن هناك دائماً ضوء في نهاية النفق، حتى في أحلك اللحظات. الحرب ليست قدراً محتوماً، بل يمكن أن تُكتب قصة جديدة، قصة تتحدث عن النصر للحق، وللإنسانية.