مقالات ورأى

د.أيمن نور يكتب: قيس سعيد والفنان يوسف وهبي.. غدا نهاية المسرحية الرئاسية وقرار بمنعي من دخول تونس

تساؤلات عديدة تلح علي ذهني حول العلاقة الغامضة التي قد تجمع بين قيس سعيد، الرئيس التونسي المنتهي ولايته، وعميد المسرح العربي، الفنان الكبير يوسف وهبي.! فكلما استمع لصوت قيس سعيد “الرخيم”، وأتابع أدائه المسرحي أستحضر على الفور صورة يوسف بك وهبي-خاصه- في مسرحية ” راسبوتين “،  التي أبدع في تأليفها وإخراجها وتمثيلها، وتتناول من خلالها قضايا نفسية معقدة وأبعادًا إنسانية وعقلية سيكوباتيه عميقة.في شخصية الكاهن المجنون.  

راسبوتين لمن لا يعرفه، هو الكاهن الروسي المجنون الذي ادعى القداسة، و الألوهية بينما هو في الواقع رمزا للفساد والتخلف والانحراف.عن كل ما يدعيه من فضيلة ، وهو ما يتجلى في شخصيات العديد من الحكام المستبدين الذين  يتقمصون دورالمنقذ، والحكيم،والكاهن الزاهد، متظاهرين بأنهم المدافعون عن المظلومين، بينما يغمرون شعوبهم في بحر عميق من  القمع والفساد ،والاستبداد. والمؤمرات،التي لا وجود لها إلا في عقولهم المعتله ،ونفوسهم المريضة. وهكذا كان ـ ايضاـ راسبوتين يرفع شعارات الدفاع عن الضعفاء، بينما في الخفاء كان يحيك المؤامرات ويخدع الجميع.

مقدمه يوسف وهبي في رائعته راسبوتين عام ١٩٦٠ هو ذاته ما يقدمه هؤلاء الحكام في مسرحياتهم، السياسية، الرديئه، حيث يصرون على أنهم المبعوثون الإلهيون لإنقاذ شعوبهم من “المتآمرين” في الداخل والخارج، في وهم يعكس انفصالاً تاماً عن الواقع المعاش الذي تعيشه شعوبهم وبلادهم.

وأعود لقيس التعيس

فمع اقتراب فصل النهايه من المسرحية الهزلية الانتخابية غدًا ٦اكتوبر٢٠٢٤ والتي أسدل الستار عليها فعليا بعد قراره  باستبعاد جميع منافسيهم، الجادين و الحقيقيين، وفي مقدمتهم النائب السابق والمرشح المحترم عماد الدايمي، وهو ما افقد هذه العملية الانتخابية أي شرعية، واحالها إلى مسرحية وداع متكررة شاهدنا من قبل بعضا من فصولها.

ورغم هذا كنت أفكر بجدية في السفر غدا إلى تونس تلبية لدعوة بعض الجهات الحقوقية لمشاهدة الفصل الأخير من مسرحية الانتخابات الرئاسية، حيث يلعب قيس علي طريقه #عادلـامام دور ” الزعيم “الأوحد” الذي لا يريد أن يعترف بأحد.

لكن، من حسن الحظ جاءني خبر من صديقي العزيز والمحامي الحقوقي دـ أنور الغربي ، بأن قيس سعيد اتخذ قرارًا بمنعي من دخول بلدي الثاني تونس.!! هذا القرار لم يُدهشني، إلا أن الأوراق التي وصلتني كانت مدهشة حقا لما تحمل من السذاجة ما يجعلها مثارًا للضحك والأسف معا، حيث تعكس مدى محدودية أفق و تفكير هذا النظام.

قديما كان يقول يوسف وهبي: وما الدنيا إلا مسرح كبير، وقد نجح قيس سعيد في تجسيد هذه المقولة بشكل هزلي ومثير للشفقة. فجعل من تونس مسرحاً تجريبيا لهواة الاستبداد بعد أن كانت مسرحاً موحيا و ملهما للحرية!!

الرجل “الريبوت” وحده

هو القادر أن يفعل الشيء ونقيضه في ذات اللحظة وبذات الأداء فهو يتظاهر بمحاربة الفساد، بينما تتزايد الاعتقالات في صفوف المرشحين و المعارضين و البرلمانيين والناشطين والصحفيين، يستمر في تقديم خطبه المليئة بالمؤامرات وكأنه يعيش في عالم موازٍ.

هكذا قيس الذي يعتقد أن مجرد زياراته للأحياء الفقيرة في تونس تكفي لإقناع المواطنين بنظرياته الفارغة حول المؤامرات المزعومة التي تُحاك ضد حكمه وحكمته و  الإلاهية؟!!

شرف كبير منحني إياه قيس،بمنعي وزميلتي العزيزه توكل ـكرمان الحاصلة على نوبل للسلام إذ وضع اسمها واسمي في قوائم الممنوعين من دخول تونس في عهده التعيس وشرف أخر منحني إياه قيس بوضع عاسمي بين رموز وطنية عظيمة مثل  الدكتور #المنصفـالمرزوقي، و

عمادـالدائمي وغيرهم ممن يمثلون الأمل والتغيير في تونس.

شكرًا، قيس، لأنك جعلتني أشعر بقيمة وجودي بين هؤلاء الرموز والأبطال الذين لا يزالون يناضلون من أجل الحرية والكرامة، في بلادهم رغم كل الافتراءات والتحديات. وفي ختام هذه المسرحية الرسبوتانيه، أؤكد تضامني الكامل مع كل المترشحين المستبعدين، و جميع المعتقلين السياسيين في تونس، وعلى رأسهم الشيخ #راشدـالغنوشي، رئيس #البرلمان الشرعي.

وليعلم ( قيس وهبي ) أو( يوسف بك سعيد )

إن الحرية ليست مسرحيه بل هي حق لا يمكن المساس به، وتونس الثورة ستظل عصية على الاستبداد، وستبقى شعلة الحرية المتقدة رغم كل التحديات والصعوبات التي تواجهها. تحية للشعب المثقف ، وللبلد التي كانت و ستظل حرة رغم أنف الطغاة، ولن تسمح لأحد بتحويل مسرحها إلى عرض هزلي مقيت.فتونس ستظل وفية لروح الثورة، وستظل تدافع عن حق شعبها في الحرية والديمقراطية، مهما كانت الظروف. إن نضال #الشعبـالتونسي ،من أجل الحرية ،والكرامة، لن يتوقف، بعد السادس من اكتوبر ٢٠٢٤،وسيبقى حاضراً في كل زاوية من زوايا تونس، بعد أن عز عليهاـ فعلياـ التغيير الديمقراطي “المرن”لكن تبقي مقوله أبو القاسم الشابي مثالًا حيًا ومجسدا لإرادة التوانسه التي لا تقهر.

إذا الشعب يوما اراد الحياه

 فلا بد أن يستجيب القدر

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى