تقارير

مصر على حافة الهاوية: توقعات كارثية للاقتصاد في ظل أزمة الطاقة

في تطور يثير القلق ويعكس حجم الأزمة التي تعصف بالاقتصاد المصري، خفّض البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية توقعاته لنمو الاقتصاد المصري لعام 2024 إلى 3.2%، في تراجع ملحوظ عن التقديرات السابقة التي كانت تشير إلى نمو بنسبة 3.9%.

ويأتي هذا التعديل الصادم نتيجة الاضطرابات الحادة التي يشهدها قطاع الطاقة الكهربائية، والذي يعد أحد المحاور الأساسية لاستقرار أي اقتصاد.

لقد شهدت الفترة الأخيرة من العام الجاري مشهدًا مأساويًا، حيث عانت البلاد من أزمة طاحنة في إمدادات الطاقة، مما أدى إلى تطبيق الحكومة لما يسمى بنظام تخفيف الأحمال الكهربائية.

وهذا النظام، الذي اعتبره الكثيرون تعبيرًا عن الفشل في إدارة الأزمات، قوبل بسخط شعبي واسع، حيث أدت انقطاعات الكهرباء المتكررة إلى تعطيل الحياة اليومية للمواطنين وتعريض الأنشطة الاقتصادية للخطر.

في الوقت الذي يحاول فيه المسؤولون تهدئة الأوضاع، جاء تصريح رئيس الوزراء مصطفى مدبولي ليؤكد أن “الكهرباء في مصر لن تُقطع مرة أخرى” وأنه لا عودة لتخفيف الأحمال.

ولكن هذا الوعود تبدو غير مطمئنة في ظل الوضع الراهن، مما يترك تساؤلات كثيرة حول مدى قدرة الحكومة على تحقيق استقرار فعلي في هذا القطاع الحيوي.

إضافةً إلى ذلك، أشار تقرير البنك الأوروبي إلى أهمية الاستثمار الأجنبي المباشر كوسيلة لتحقيق الاستقرار في الحسابات الخارجية لمصر.

فقد ارتفعت احتياطيات المصرف المركزي من العملة الأجنبية إلى 46.6 مليار دولار في أغسطس 2024، وهو أعلى مستوى لها منذ خمس سنوات. ومع ذلك، يبقى هذا الرقم بعيدًا عن كونه مؤشرًا إيجابيًا كافيًا لتجاوز الأزمة التي تهدد الاستقرار الاقتصادي.

مصر، التي تعد عضوًا مؤسسًا في البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، قد استقبلت استثمارات تتجاوز 12 مليار يورو منذ بدء عمليات البنك في البلاد عام 2012.

ويبدو أن هذه الاستثمارات تأتي في سياق دعم البلاد في مواجهة التحديات الراهنة، حيث أعلن البنك في يوليو الماضي عن نية ضخ تمويلات بقيمة 705 ملايين دولار في عدد من البنوك المصرية خلال النصف الثاني من عام 2024. ولكن تبقى هذه الأرقام مجرد بارقة أمل في ظل الأوضاع الاقتصادية الكارثية.

خلال النصف الأول من العام، تم ضخ تمويلات بنحو 145 مليون دولار لثلاث بنوك وشركتين تعمل في مجال تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة.

ومن بينها 60 مليون دولار للبنك التجاري الدولي و50 مليون دولار لبنك القاهرة، بالإضافة إلى 25 مليون دولار للبنك المصري لتنمية الصادرات. ورغم هذه الأرقام، تظل الاستثمارات الأوروبية في مصر محدودة، حيث بلغ حجم الاستثمارات الأوروبية بين 2017 و2022 نحو 46 مليار يورو.

على الرغم من هذا، تسعى الحكومة المصرية إلى تعزيز التبادل التجاري مع دول الاتحاد الأوروبي بزيادة نسبتها 10% ليصل إلى 35.9 مليار يورو في 2024، مقارنة بـ32.6 مليار يورو العام الماضي. ولكن في ظل الأزمات الحالية، تبدو هذه الأهداف طموحة جدًا وقد تكون بعيدة المنال.

هذا الوضع لا يعكس فقط أزمة الطاقة، بل يعبر عن مجموعة من التحديات الاقتصادية المعقدة التي تواجهها مصر. إذ تتزايد الضغوط الاجتماعية نتيجة عدم الاستقرار، مما ينذر بعواقب وخيمة على السلم الاجتماعي.

في ظل كل هذه الأزمات، تبقى الأسئلة مطروحة حول مدى قدرة الحكومة على التعامل مع هذه الوضعية. هل ستستطيع توفير إمدادات كهربائية كافية لاستعادة الثقة؟ وما هي الخطوات اللازمة لتجاوز الأزمة الاقتصادية الحالية؟ إن الوضع الراهن يضع مصر في اختبار صعب يتطلب اتخاذ إجراءات عاجلة وجذرية.

ويبقى مستقبل الاقتصاد المصري محاطًا بالضباب، في ظل مشهد معقد ومليء بالتحديات. الأمر الذي يتطلب يقظة حقيقية من الحكومة والمجتمع الدولي للتدخل ودعم البلاد للخروج من هذه الدائرة المغلقة من الأزمات المتواصلة.

والفشل في معالجة هذه القضايا قد يؤدي إلى نتائج كارثية تعصف بالأمل في تحقيق التنمية المستدامة والرفاهية للمواطنين.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى