في خطوة غير مسبوقة، تحولت تهديدات إسرائيل تجاه الدول العربية من مجرد تصريحات إلى أفعال عملية، حيث باتت المنطقة أمام خطر تكنولوجي محدق.
وفي شهري أبريل ويوليو الماضيين، توعدت إسرائيل الدول العربية بشكل مباشر وغير مباشر، مستغلة توترات المنطقة لتعزيز موقعها.
وإذ تم التحذير، تارة بعدم التدخل في حال تعرض إيران لهجوم، وتارة أخرى بتعطيل الحياة في الشرق الأوسط بالكامل.
في خضم هذا التوتر، أعلنت تقارير عن قيام الاحتلال بتفجير آلاف الأجهزة الإلكترونية عن بُعد في لبنان، مما يكشف عن حجم الجريمة التي قد تقود المنطقة نحو دوامة من الفوضى والاضطرابات.
وصحيفة “نيويورك تايمز” أفادت بأن إسرائيل قامت بإنشاء شركة وهمية في المجر تحت اسم “BAC”، والتي أسست عام 2022 وبدأت نشاطها في العام الحالي.
وعلى الرغم من أن بيانات الشركة تدعي أنها مختصة في صناعة أجهزة الاتصال، إلا أن الدلائل تشير إلى أن “الموساد” هو من يقف وراء هذه الشركة كغطاء لعملياته القذرة.
مستقبل الدول العربية: في مرمى نيران التكنولوجيا الإسرائيلية
يتفق المراقبون على أن الاستهداف المستمر لحزب الله يعكس تحول الشرق الأوسط والدول العربية إلى ساحة اختبار لتكنولوجيا إسرائيل المتطورة.
وتشير التقارير الحديثة إلى أن السيناريو الذي وقع في لبنان يمكن أن يتكرر بسهولة في دول أخرى، حيث تبرز خطورة استخدام تكنولوجيا بسيطة كتحمية بطارية “الليثيون أيون” في الهواتف الذكية، ما قد يؤدي إلى انفجارها في أي لحظة وأي مكان، مما يزيد من المخاوف حول أمن وسلامة المواطنين.
في الوقت الذي تتسارع فيه وتيرة التقدم التكنولوجي في إسرائيل، يبقى العرب متخلفين في هذا المجال. آخر إحصائية حول الذكاء الاصطناعي أظهرت أن إسرائيل تتصدر قائمة الدول في الشرق الأوسط، حيث احتلت المرتبة السابعة عالميًا.
وفي حين جاءت الإمارات في المركز الـ28، تليها السعودية في المرتبة 31 ومصر في المرتبة 52. هذا التباين يُظهر الفجوة الكبيرة بين الدول العربية وإسرائيل، حيث أن الدعم والاستثمار في التكنولوجيا بات عاملًا حاسمًا في التأثير على مستقبل الدول.
أين العرب من التكنولوجيا؟
وفقًا لدستور 2014، يجب أن تخصص مصر 1% من ميزانيتها للبحث العلمي، لكن هذه النسبة لم تُحقق حتى الآن. بينما تُخصص إسرائيل 4.7% من إنتاجها القومي للبحث العلمي، مما يجعلها في مقدمة الدول العالمية في هذا المجال.
وهذه الأرقام تبرز الفشل الذريع للدول العربية في التوجه نحو الاستثمار في العلوم والتكنولوجيا، ما يضعها في موقع ضعيف أمام التحديات المتزايدة.
التهديدات المتصاعدة: خطر تكنولوجيا إسرائيل
إن خطورة تكنولوجيا الاحتلال الإسرائيلي لا تقتصر على الجوانب العسكرية فقط، بل تمتد إلى الأبعاد الاجتماعية والسياسية.
وإذ يُعتبر التحكم في الأجهزة الإلكترونية وسيلة لخلق حالة من الرعب والفوضى. ما حدث في لبنان ليس سوى نقطة بداية، والتهديدات المقبلة قد تكون أكثر بشاعة، خاصةً مع وجود تكنولوجيا يمكن استغلالها ضد المدنيين.
هذا المشهد المقلق يطرح تساؤلات عديدة حول مستقبل الدول العربية، التي يبدو أنها تواجه مصيرًا مظلمًا إذا لم تتحرك سريعًا لمواجهة التحديات التكنولوجية التي تلوح في الأفق.
وفي الوقت الذي تتزايد فيه المخاوف من تفشي الأسلحة التكنولوجية، يتطلب الأمر من الدول العربية التفكير بعمق في استراتيجياتها ومناهجها، وضرورة تكاتف الجهود لوضع خطط واضحة لمواجهة هذا الخطر المحدق.
الحاجة إلى تفاعل عربي فوري
يتوجب على الدول العربية أن تعيد تقييم استراتيجياتها في مجال البحث العلمي والتكنولوجيا. يجب أن تكون هناك استثمارات حقيقية في التعليم والابتكار، وتعاون وثيق بين الدول لتبادل الخبرات والموارد.
وهذا التوجه قد يساعد في تقليص الفجوة التكنولوجية مع إسرائيل، ويعزز من قدرة الدول العربية على مواجهة التهديدات المستقبلية.
إن الوقت قد حان لإدراك الحقيقة القاسية: إذا لم يتم اتخاذ خطوات فورية وجادة، فإن الدول العربية ستظل في وضعية الدفاع، غير قادرة على مواجهة التحديات المتزايدة، مما قد يقود المنطقة نحو حافة الكارثة.
وهذه الأزمات لا تحتاج إلى تصعيد، بل إلى عمل جاد وموحد للتصدي للتكنولوجيا المدمرة، والتفكير بحلول مبتكرة تضمن الأمن والاستقرار لشعوب المنطقة.