تقارير

فساد مشاريع الطرق في الأقصر: بنية تحتية هشة وأموال مهدرة

تعاني مشاريع الطرق في محافظة الأقصر من فساد إداري وإهدار للمال العام، مما يثير تساؤلات عديدة حول أسباب هذه الظاهرة ومسبباتها.

ففي الوقت الذي تتزايد فيه الاستثمارات الحكومية في البنية التحتية، يظهر على السطح واقع مُرّ يتمثل في مشاريع طرق تتهاوى تحت أقدام المواطنين.

وفي هذا السياق موقع “أخبار الغد” ينقل آراء المواطنين والمختصين في هذا المجال، مسلطًا الضوء على التحديات الكبرى التي تواجه المحافظة، والأضرار الجسيمة التي تلحق بأرواح المواطنين وممتلكاتهم.

الواقع الأليم: انهيارات الطرق

أكد المهندس مدحت هلال، خبير الطرق والمواصلات، أن “العديد من الطرق في الأقصر تم إنشاؤها بجودة منخفضة، مما يجعلها عرضة للانهيارات”.

وأضاف أن “المشاريع تُنفذ بشكل غير احترافي، ويتم الاستعانة بشركات غير مؤهلة، مما يؤدي إلى هدر الأموال العامة”.

وأوضح أن “الاستثمار في بنية تحتية سليمة هو استثمار في مستقبل الأجيال القادمة، لكن للأسف، يبدو أن هناك تهاونًا كبيرًا في هذا الجانب”.

آراء المواطنين: صوت الغضب

وفي جولة ميدانية، التقي فريق موقع “أخبار الغد” بعدد من المواطنين، الذين أبدوا استياءهم من الوضع الراهن. فقد أوضح المواطن أيمن عبد الرحيم، 35 عامًا، أن “الطرق أصبحت خطرًا يهدد حياتنا. في كل يوم، نرى حوادث بسبب تدهور حالتها”.

وأشار إلى أن “هناك حالة من الإهمال الواضح من الجهات المعنية، فحتى الآن لم تُتخذ أي إجراءات لتحسين الوضع”.

أما مريم أحمد، 42 عامًا، فقد أكدت أن “أبنائها يخافون من الخروج للمدرسة بسبب سوء حالة الطرق”. وأضافت: “الطرقات المكسرة تشكل خطرًا على حياة الأطفال، لكن لا حياة لمن تنادي”.

الجانب الاقتصادي: تكلفة الفساد

أوضح الدكتور هشام سلام، أستاذ جامعي في الاقتصاد، أن “فساد مشاريع الطرق يؤثر سلبًا على الاقتصاد المحلي”.

وذكر أن “الإنفاق الحكومي الذي يُفترض أن يعود بالنفع على المواطنين يتحول إلى أموال تُهدر بسبب ضعف الرقابة”.

وأضاف: “تدهور البنية التحتية يؤثر على حركة التجارة والسياحة، وبالتالي يُسهم في تفاقم الأزمات الاقتصادية”.

تحقيقات متواصلة: من يراقب؟

عند سؤال مصدر رفيع المستوي في محافظة الأقصر “رفض ذكر أسمه”، عن هذا الوضع، أوضح أن “هناك جهودًا قائمة لمراقبة المشاريع، لكن تحتاج إلى تعزيز فعلي”. وأكد أن “الفساد في بعض المشاريع يعود إلى ضعف التنفيذ والتقارير المبالغ فيها عن جودة العمل”.

التداعيات الاجتماعية: انعدام الثقة

تحدثت فاطمة الزهراء، 50 عامًا، عن تأثير هذه المشكلات على المجتمع، قائلة: “الفساد في الطرق يعكس انعدام الثقة في الحكومة. المواطن يشعر أن الأموال التي تُجمع كضرائب تُهدر ولا تُستخدم في تحسين مستوى حياته”.

الشهادات الحية: ضحايا الفساد

وليس بعيدًا عن تلك القضايا، فقد عانت أسرة المواطن صلاح محمد، 29 عامًا، من حادث مروري مروع بسبب تدهور حالة الطريق.

وتحدث صلاح بحرقة عن الحادث الذي أدى إلى إصابة زوجته وابنته بجروح خطيرة. وقال: “كنت أعتقد أن الدولة تهتم بحياتنا، لكن ما حدث جعلني أفقد الأمل”.

دعوات إلى التغيير: الأصوات تتعالى

انطلقت العديد من الدعوات على منصات التواصل الاجتماعي للمطالبة بتحسين حالة الطرق في الأقصر. فقد دعت مجموعة من الناشطين إلى ارسال شكاوي إلي المسئولين تحت شعار “الطرقات أمانة”.

وأشار الناشط السياسي محمد كمال إلى أن “الشكاوي تهدف إلى إيصال صوت المواطنين إلى المسؤولين، الذين يجب أن يتحملوا مسؤولياتهم”.

مشاريع فاشلة: مستندات موثقة

من جهة أخرى، تُظهر تقارير تجاوزات في تنفيذ مشاريع الطرق، منها تقارير فنية تُشير إلى أن شركات المقاولات لم تلتزم بالمواصفات المطلوبة. ووفقًا للمصادر، فإن بعض هذه الشركات حصلت على عقود بالرغم من سجلها السيء في مشاريع سابقة.

الحاجة إلى الشفافية والمحاسبة

تظهر جميع المعطيات أن الفساد في مشاريع الطرق في الأقصر يحتاج إلى معالجة جذرية. فالأموال العامة ليست ملكًا لأحد، ويجب أن تُستخدم لتحسين حياة المواطنين وليس لزيادة ثروات الأفراد على حساب المجتمع.

لذا، يتعين على الحكومة اتخاذ خطوات حقيقية لضمان الشفافية والمحاسبة، وإعادة الثقة بين المواطن والدولة.

صوت الشعب يُسمع

الواقع المرير الذي يعيشه المواطنون في الأقصر يفرض عليهم التحرك والمطالبة بحقوقهم. فقد آن الأوان لأن تتكاتف الجهود لمواجهة الفساد،

ولتصبح البنية التحتية منارة للأمل بدلًا من أن تكون مصدرًا للرعب. صوت الشعب يجب أن يُسمع، ولذا، فإن الأمل ما زال موجودًا، ولكن التغيير يحتاج إلى إرادة قوية من الجميع.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى