أزمة النقل العام في الأقصر: فساد العقود وخدمات متدهورة
في قلب مدينة الأقصر، حيث التاريخ يتحدث من خلال معابدها وأوابدها، تُعاني خدمات النقل العام من أزمة حادة تُلقي بظلالها على حياة المواطنين.
فقد أكد العديد من المواطنين والمختصين أن هناك فسادًا متفشيًا في العقود الخاصة بالنقل العام، مما أدى إلى تدهور الخدمات واحتجاجات جماهيرية تطالب بتحسين الأوضاع.
وفي هذا السياق موقع “أخبار الغد” يسلط الضوء على الأسباب الحقيقية وراء هذه الأزمة، مُستعرضًا آراء مختلفة تعكس مدى الاستياء العام.
وضع النقل العام في الأقصر
أشار أحمد عبد العزيز، وهو موظف حكومي يعيش في الأقصر، إلى أن “النقل العام في الأقصر يعاني من انعدام الكفاءة.
الحافلات قديمة ولا تعمل بانتظام، وأحيانًا لا تتوقف عند المحطات المخصصة”. وقد عبر العديد من المواطنين عن قلقهم من المخاطر التي يواجهونها أثناء استخدام وسائل النقل العامة، حيث أكد يوسف علي، طالب جامعي، أن “تأخيرات الحافلات تؤثر على حياتنا اليومية، وهذا أمر غير مقبول”.
الفساد في العقود
وأوضح المهندس محمد القاضي، خبير النقل والمواصلات، أن “هناك العديد من العقود الفاسدة التي تبرم مع شركات غير مؤهلة لتقديم خدمات النقل”.
وقد أشار إلى أن “تلك الشركات غالبًا ما تكون مرتبطة بمسؤولين حكوميين، مما يؤدي إلى عدم تنفيذ التزاماتهم وتحملهم للمسؤولية”.
وفي حديثه، أكد الدكتور سامي عبد الرحمن، أستاذ جامعي في الاقتصاد، أن “الفساد في العقود يؤدي إلى خسائر مالية ضخمة، مما يؤثر سلبًا على جودة الخدمات المقدمة”. وقد أضاف أن “الحكومة ينبغي أن تضع استراتيجيات جديدة تضمن الشفافية والمساءلة”.
التجارب الميدانية
رصدت الفرق الميدانية من تحقيقنا تجربة المواطن سامية حمدي، التي تروي قصة مأساوية تعكس واقع النقل العام.
حيث قالت: “في إحدى المرات، انتظرت الحافلة لأكثر من ساعة، وعندما وصلت، كانت مزدحمة جدًا ولا يمكنني دخولها”. هذه التجربة ليست فريدة، بل تتكرر يوميًا لكثير من المواطنين.
وفي إطار الجهود المبذولة لجمع الآراء، التقينا بمدير إحدى شركات النقل الخاصة، والتي ترددت شائعات عن تورطها في فساد عقود النقل.
وقد أوضح أن “الضغوط من الجهات الحكومية تحد من قدرتنا على تقديم خدمات أفضل”. هذا التصريح يسلط الضوء على الصعوبات التي تواجهها الشركات المستقلة في المنافسة مع الشركات المتعاقدة.
أراء المختصين
تحدثنا مع عدد من المختصين في مجال النقل والمواصلات، حيث أكد الدكتور حسن الجمل، أستاذ جامعي في النقل، أن “الاستثمار في تحسين خدمات النقل العام يتطلب الشفافية والمساءلة”. وأشار إلى أهمية وضع معايير واضحة لشركات النقل لضمان تقديم خدمات ذات جودة عالية.
كما أضافت المهندسة ليلى حسين، خبيرة في تطوير البنية التحتية، أن “تطبيق التكنولوجيا الحديثة في إدارة النقل يمكن أن يسهم في تحسين الخدمات وتقليل الفساد”. وطالبت بإشراك المواطنين في عملية اتخاذ القرار، معتبرة أن “الشفافية هي المفتاح”.
ردود فعل المواطنين
انطلقت العديد من الحملات من قبل المواطنين المطالبين بتحسين خدمات النقل العام، حيث أكد عدد كبير منهم أن عليهم القيام بدور أكبر في مراقبة الشركات والتعاقدات.
وقالت سارة جمال، ناشطة اجتماعية، “يجب أن نتحد جميعًا من أجل المطالبة بحقوقنا، وليس مقبولًا أن تستمر الأوضاع كما هي”.
في السياق ذاته، قدمت مجموعة من الشباب مبادرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي لتسليط الضوء على التجارب السلبية مع خدمات النقل العام، بهدف الضغط على الجهات المعنية لتحسين الأوضاع. وقد أعرب أحد الشباب المشاركين، كريم صلاح، عن تفاؤله بقوة هذه المبادرة في إحداث تغييرات ملموسة.
الآثار الاجتماعية والاقتصادية
تعد أزمة النقل العام في الأقصر مسألة ليست مجرد ضعف خدمات، بل لها آثار اجتماعية واقتصادية خطيرة. حيث أوضح الدكتور عبد الرحمن، أن “تدهور خدمات النقل يؤثر على الحركة الاقتصادية، ويزيد من نسبة البطالة، حيث يجد العديد من العمال صعوبة في الوصول إلى أماكن عملهم”.
وأشارت الأبحاث إلى أن العديد من العائلات تعاني من ضغط مالي بسبب تكاليف النقل المرتفعة نتيجة لانعدام الكفاءة. وقد أوضحت فاطمة السيد، ربة منزل، أن “تكاليف النقل ترتفع بشكل مستمر، وهذا يؤثر على ميزانية الأسرة”.
الحلول المقترحة
ويجب أن نناقش الحلول الممكنة لهذه الأزمة. وقد اقترح العديد من المختصين مجموعة من الحلول، منها إعادة تقييم العقود: ينبغي على الحكومة مراجعة جميع العقود الحالية وضمان شفافية العملية.
واستثمار في التكنولوجيا: يجب استخدام التكنولوجيا لتحسين إدارة النقل وتوفير معلومات دقيقة للمواطنين حول مواعيد الحافلات وتشجيع المنافسة: ينبغي على الحكومة السماح لشركات النقل المستقلة بالتنافس بشكل عادل مع الشركات الكبرى.
مشاركة المجتمع: يجب على المواطنين المشاركة في عمليات اتخاذ القرار وتقديم مقترحات لتحسين خدمات النقل.
أزمة النقل العام في الأقصر ليست مجرد مشكلة خدماتية
إن أزمة النقل العام في الأقصر ليست مجرد مشكلة خدماتية، بل هي تعبير عن قضايا أعمق تتعلق بالفساد وسوء الإدارة. ويجب أن تكون هناك تحركات عاجلة لتحسين الأوضاع وضمان حقوق المواطنين في خدمات نقل كريمة.
ومن خلال الاستماع إلى آراء المواطنين والمختصين، يمكن أن نتطلع إلى مستقبل أفضل، حيث يكون النقل العام أكثر كفاءة وأمانًا للجميع.