تقارير

فضيحة فساد توزيع الحصص التموينية بقنا

أكدت العديد من المصادر المحلية في محافظة قنا أن نظام توزيع الحصص التموينية يشوبه التلاعب، مما أثار حفيظة المواطنين واحتجاجاتهم على الفساد المستشري في هذا القطاع الحيوي.

وفي هذا السياق موقع “أخبار الغد” يكشف النقاب عن تفاصيل تلك الممارسات غير القانونية، ويبرز آراء المواطنين والمختصين، مستعرضًا قضايا الفساد التي تندد بها الجماهير وتؤجج النقاش حول ضرورة الإصلاح.

نظام توزيع الحصص التموينية: جرح نازف

أوضح المهندس أحمد حمدي، أحد المختصين في الشأن الاقتصادي، أن نظام توزيع الحصص التموينية في قنا يعاني من عدة مشكلات.

حيث قال: “هناك نقص واضح في الشفافية، وغياب الرقابة الحقيقية على عمليات التوزيع، مما يؤدي إلى استغلال البعض لهذا الوضع لمصلحتهم الشخصية”.

تحدثت مجموعة من المواطنين عن تجاربهم مع هذا النظام. حيث أكدت مريم علي، ربة منزل، أن “الكثير من الأسر تعتمد على الحصص التموينية، ولكننا نواجه مشاكل في الحصول عليها. الكثير من الجيران لا يحصلون على حصصهم، بينما نرى آخرين يحصلون على كميات كبيرة دون مبرر”.

الفساد والوساطة: من يحمي الفاسدين؟

أشار الدكتور سامي حسن، أستاذ جامعي في الاقتصاد، إلى أن “الفساد في توزيع الحصص التموينية ليس مجرد فساد فردي، بل هو نظام متكامل يُحكمه الاستغلال والواسطة”.

وأوضح أن بعض المسؤولين يستغلون مناصبهم للحصول على حصص إضافية أو لتوزيعها على معارفهم.

تحدث محمد رمضان، موظف حكومي، عن وجود وسطاء يتعاملون مع هؤلاء المسؤولين. حيث قال: “أعرف أشخاصًا يستأجرون حصصهم من الآخرين بأسعار مرتفعة. هذه الممارسات تضر بالأسر الفقيرة التي تحتاج فعلاً لهذه الحصص”.

قصص مروعة من الميدان

أحد أبرز القصص المروعة جاءت من عائلة نادية توفيق، التي أكدت أنها لم تتلقَ حصتها التموينية منذ ثلاثة أشهر.

“كلما ذهبت إلى بقال التموين، يقولون لي إن الحصص قد نفدت، بينما أرى في الشارع عائلات أخرى تتلقى حصصًا مضاعفة. أشعر بالعجز والغضب”.

أما الشاب عبد الله محمود، فقد أشار إلى أنه “رأى بأم عينه كيف يتم توزيع الحصص بطريقة غير عادلة، حيث يتم إعطاء بعض العائلات كميات أكبر دون وجه حق، بينما يُترك الآخرون يعانون”.

الحكومة: هل من حلول؟

رغم الصرخات المتزايدة للمواطنين، لا يبدو أن هناك تحركات جادة من قبل الحكومة لمعالجة هذه المشكلات.

وأشار الدكتور خالد رشاد، خبير الشؤون الاجتماعية، إلى أن “الفساد في توزيع الحصص التموينية هو نتيجة لفشل إداري واضح، وغياب المساءلة”.

ويعتقد البعض أن الحل يكمن في تحسين نظام الرقابة، حيث قال: “يجب على الحكومة أن تستعين بتكنولوجيا المعلومات لتوفير نظام شفاف يسمح للمواطنين بمتابعة حصصهم وضمان وصولها إلى المستحقين”.

آراء المواطنين: رفضٌ جماهيري

عبّر العديد من المواطنين عن استيائهم من الوضع الحالي. حيث أكدت السيدة فاطمة إبراهيم، موظفة في إحدى المدارس، أن “الفساد في توزيع الحصص التموينية يتطلب وقفة جادة من الدولة. يجب على المسؤولين أن يعرفوا أن هناك من يراقبهم”.

كما أوضح الشاب يوسف سالم أن “الحل لا يكمن في الانتظار، بل في اتخاذ إجراءات صارمة ضد الفاسدين. يجب أن تكون هناك محاسبة لكل من يستغل منصبه”.

منظمات المجتمع المدني: دعوة للتحرك

على صعيد آخر، أكدت بعض منظمات المجتمع المدني على ضرورة التدخل السريع لمواجهة الفساد في توزيع الحصص التموينية.

حيث أوضحت ليلى جلال، ناشطة في حقوق الإنسان، أن “هناك حاجة ملحة لتشكيل لجان مراقبة مستقلة للحد من الفساد في هذا القطاع”.

كما أكدت على أهمية زيادة الوعي بين المواطنين، قائلة: “يجب أن يعلم الناس حقوقهم ويعرفوا كيف يمكنهم المطالبة بها. فالجهل هو أحد الأسباب الرئيسية التي تعزز الفساد”.

الآثار السلبية على المجتمع

لا يقتصر تأثير الفساد في توزيع الحصص التموينية على الفرد فحسب، بل يمتد إلى المجتمع بأسره. حيث أشار الباحث الاجتماعي الدكتور عادل طه إلى أن “هذا النوع من الفساد يؤدي إلى تفشي الفقر وزيادة الفجوة بين الطبقات. بينما يحصل البعض على حصصهم بطرق غير قانونية، يعاني الآخرون من الجوع والفقر”.

كما يرى الكثيرون أن الوضع الحالي يؤدي إلى تآكل الثقة في المؤسسات الحكومية. حيث أكد الشاب حسين عبد الله أن “الناس بدأت تفقد الأمل في الحكومة. إذا لم تتحرك الدولة، فلن يتغير شيء، وستستمر المعاناة”.

المطالب الشعبية

جاءت العديد من المطالب من المواطنين، حيث دعا البعض إلى ضرورة وجود نظام رقابي فعال على توزيع الحصص التموينية، بالإضافة إلى ضرورة محاسبة كل من يستغل منصبه. حيث أكدت السيدة هالة سليمان، ربة منزل، أن “العدالة يجب أن تسود في توزيع الحصص. لا يمكن أن يكون هناك من يستغل هذا النظام بينما يعاني الآخرون”.

كما طالب البعض بتفعيل دور الإعلام في كشف الفساد، حيث أوضح الصحفي سامي عبد الله أن “الإعلام يجب أن يلعب دورًا أكبر في فضح هذه الممارسات، إذ لا يمكن السكوت عنها في ظل المعاناة التي يعيشها المواطنون”.

الطريق إلى الإصلاح

إن الفساد في توزيع الحصص التموينية في محافظة قنا ليس مجرد قضية عابرة، بل هو أزمة تتطلب معالجة شاملة وجادة. يتطلب الأمر تضافر جهود المجتمع المدني، والسلطات المحلية، والمواطنين، لتحقيق العدالة وضمان وصول الحصص إلى مستحقيها.

بينما يسعى المواطنون إلى تحقيق الإصلاح المنشود، تبقى الأسئلة قائمة: هل ستستجيب الحكومة لصوت الجماهير؟ هل سيتحقق حلم العدالة في توزيع الحصص التموينية، أم سيظل الفساد مستمرًا؟

لا يزال الأمل معقودًا على تلك الأصوات التي ترفض الفساد وتطالب بحقوقها، مؤكدين أن الإصلاح ممكن، وأن التغيير يبدأ من الوعي والمحاسبة.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى