فساد تراخيص المنشآت الصحية في أسوان: تجارة الصحة على حساب المواطن
أشار عدد من المواطنين والمختصين في المجال الصحي بأسوان إلى أزمة تراخيص المنشآت الصحية التي تعاني منها المحافظة، والتي تعتبر إحدى القضايا الأكثر جدلًا وخطورة في الوقت الراهن.
ويتحدث الكثيرون عن الفساد المستشري في منح التراخيص للمستشفيات والمراكز الصحية، مما يهدد حياة المرضى ويضعهم في موقف خطير بسبب تهاون السلطات المعنية في تطبيق المعايير المطلوبة.
الفساد في تراخيص المنشآت الصحية
أكد أحمد محمود، طبيب جراحة عامة، أن هناك العديد من المستشفيات والمراكز الصحية التي حصلت على تراخيصها دون الالتزام بالمعايير الصحية الأساسية.
وقال: “الكثير من هذه المنشآت لا تتوفر فيها المقومات اللازمة لتقديم رعاية صحية جيدة، وأحيانًا تجد أن المعدات الطبية متهالكة أو أن الطواقم الطبية غير مؤهلة”.
تعتبر هذه التصريحات بمثابة جرس إنذار يعكس حجم الفساد الذي يهدد القطاع الصحي في أسوان. وقد أشار إبراهيم سعيد، أحد المواطنين الذين خاضوا تجربة مريرة مع أحد المستشفيات الخاصة، إلى أنه فقد أحد أفراد عائلته بسبب الإهمال في تقديم الرعاية اللازمة.
قال: “ذهبت إلى المستشفى للإنقاذ، لكن ما وجدته كان أقرب إلى كارثة. المعدات لم تكن تعمل بشكل جيد، والطبيب لم يكن موجودًا في أغلب الأوقات”.
التأثير على المرضى
أوضحت هالة عبد الرحمن، ممرضة في أحد المراكز الصحية، أن الوضع الحالي يؤثر سلبًا على جودة الخدمة المقدمة للمرضى. وقالت: “للأسف، الكثير من المرضى يذهبون إلى هذه المنشآت دون معرفة ما ينتظرهم. بعضهم يتعرضون لمخاطر أكبر بسبب نقص التجهيزات أو عدم توفر الأطباء الأكفاء”.
وفي تصريح مثير، أكد الدكتور مصطفى حسان، استشاري صحة عامة، أن هناك ضرورة ملحة لتغيير نظام منح التراخيص. قال: “نحتاج إلى رقابة صارمة ومحاسبة حقيقية للمسؤولين عن منح التراخيص للمنشآت الصحية. حياة الناس ليست لعبة، ولا يمكن تهاون السلطات مع هذه القضية”.
قصص من الواقع
عبر العديد من المواطنين عن غضبهم واستيائهم من الوضع الراهن. ذكرت ليلى سامي، ربة منزل، أنها فقدت والدتها بسبب الإهمال في مستشفى خاص. قالت: “كل ما أردناه هو رعاية طبية جيدة، لكن ما وجدناه كان كارثة حقيقية. توفيت والدتي بسبب عدم توفر الأدوية اللازمة في المستشفى، ومع ذلك حصلوا على ترخيص للعمل”.
وفي سياق متصل، أشار أسامة رشدي، أحد رجال الأعمال، إلى أن بعض المستشفيات تستغل حاجات الناس وتضع أسعارًا مبالغًا فيها. قال: “بعض المستشفيات لا تهتم بجودة الخدمة بقدر ما تهتم بجني الأرباح. يجب أن يكون هناك تشديد على المعايير وعدم السماح للفساد بأن يستشري أكثر من ذلك”.
آراء الخبراء
تعددت آراء الخبراء حول هذا الموضوع، حيث أشار الدكتور سامي الجبالي، خبير قانوني، إلى أن هناك حاجة ماسة إلى تطوير القوانين واللوائح المنظمة لمنح التراخيص. قال: “إذا لم يكن هناك قانون يحمي حقوق المرضى ويضمن الجودة في الخدمة الصحية، فإن الفساد سيستمر في الانتشار. يجب على الحكومة أن تتحمل مسؤوليتها تجاه هذا الأمر”.
كما دعا الدكتور عادل نبيل، ناشط حقوقي، إلى تشكيل لجنة مستقلة لمراجعة تراخيص المنشآت الصحية. قال: “يجب أن يكون هناك هيئة مستقلة تراجع جميع التراخيص الممنوحة وتحقق في أي تجاوزات. لا يمكن أن نبقى صامتين بينما تتعرض حياة المواطنين للخطر”.
قصص مأساوية تتكرر
تتوالى القصص المأساوية من مواطنين آخرين، مثل محمود علي، الذي قال: “توجهت إلى مستشفى خاص لإجراء عملية بسيطة، لكنني تعرضت لمضاعفات بسبب عدم وجود المعدات اللازمة. الآن أنا في وضع صحي سيء، ولا أستطيع أن أصدق أن هذه المنشأة لا تزال تعمل”.
وفي حديثه عن مشاعر الخيبة والاستياء، قال جمال عبداللطيف، أحد المتضررين من الفساد في القطاع الصحي، إن “ما يحدث في أسوان هو وصمة عار على جبين المجتمع. لا يمكن أن نسمح للمستشفيات التي لا تتبع المعايير بالاستمرار في العمل”.
دعوات للمحاسبة
هناك دعوات متزايدة من قبل المواطنين والمختصين للمحاسبة ومواجهة الفساد. تقول فاطمة محمد، ناشطة اجتماعية، إن الوضع الراهن يتطلب تحركًا جادًا من الجهات المعنية. قالت: “يجب أن نكون صوتًا لمن لا صوت لهم. نحن نطالب بتحقيقات شفافة ومحاسبة لكل من يعبث بصحة المواطنين”.
الاستجابة الحكومية
ردًا على تلك التصريحات، أكد مصدر رفيع المستوي في مديرية الصحة بأسوان “رفض ذكر أسمه” فيه أنها بصدد مراجعة شاملة للتراخيص الممنوحة للمنشآت الصحية. وأضاف: “نحن نعمل على تحسين جودة الخدمات الصحية ونسعى لضمان صحة المواطنين وسلامتهم”.
ومع ذلك، فإن العديد من المواطنين غير مقتنعين بهذه الوعود، حيث يعتقدون أن التغييرات المطلوبة تتطلب جهدًا حقيقيًا وفعالًا، وليس مجرد بيانات إعلامية.
ضرورة التحرك الفوري لإنقاذ صحة المواطنين
في ظل الفساد المستشري في منح تراخيص المنشآت الصحية في أسوان، يبدو أن الوضع لا يزال مقلقًا، حيث يهدد حياة المرضى ويضعهم في مواقف خطيرة.
ويجب على الحكومة والمجتمع المدني العمل معًا لمواجهة هذه التحديات، وتحقيق العدالة لكل من فقدوا حياتهم أو صحتهم بسبب الإهمال والفساد.
علينا أن نتذكر دائمًا أن الصحة هي حق أساسي لكل مواطن، ولا ينبغي أن تكون تجارة تُمارَس على حساب حياته.