الكهرباء في أسوان: فساد العقود وتدني جودة الخدمات
أشار عدد من المواطنين في أسوان إلى أن مشكلة انقطاع الكهرباء المتكررة في المدينة أصبحت جزءاً لا يتجزأ من حياتهم اليومية، مما ألقى بظلاله على جودة الحياة هناك.
وفي هذا السياق موقع “أخبار الغد” يكشف عن خيوط معقدة من الفساد في عقود خدمات الكهرباء، والتي يبدو أنها أدت إلى تدهور كبير في مستوى هذه الخدمة الحيوية.
واقع مرير
أكد المواطن حسام عبد الرحمن، أحد سكان حي “السيل الريفي” في أسوان، أن “انقطاع الكهرباء يحدث يومياً، وأحياناً لعدة ساعات دون سابق إنذار”. وأضاف: “نعاني من حرارة الصيف وغياب الكهرباء، مما يؤثر على صحة الأطفال وكبار السن. نحتاج إلى حلول جذرية وليس وعوداً لا تتحقق”.
أما سارة محمود، وهي معلمة، فأوضحت أن “الأطفال في المدارس يعانون من صعوبة التركيز بسبب ارتفاع درجات الحرارة، وأحياناً نفقد الحصص الدراسية بالكامل بسبب انقطاع الكهرباء”.
تحقيقات موسعة
أظهرت التحريات الأولية أن الفساد في عقود الكهرباء يشمل التلاعب في المناقصات التي تُعقد لتحسين شبكة الكهرباء.
ووفقاً لما أكده المهندس أحمد علي، خبير الطاقة المتجددة، فإن “هناك الكثير من الشركات التي تُعطى عقوداً على حساب شركات أخرى أكثر كفاءة. هذه الشركات تفتقر إلى الخبرة وتقوم بتقديم خدمات رديئة”.
وأكد المهندس علي أن “عقود الكهرباء تتطلب التزاماً حقيقياً من الشركات، لكن ما يحدث هو أن هذه الشركات تركز على الربح السريع، مما يؤدي إلى تدهور الخدمات”.
صوت الشارع
عبّرت العديد من الأمهات عن استيائهن من الوضع القائم. حيث قالت فاطمة سعيد، أم لطفلين: “أخشى على صحة أطفالي في هذه الظروف.
ونحن نعيش في حالة من عدم الاستقرار”. وأكدت أن “الاستجابة من الجهات المسؤولة ضعيفة جداً. نحن نسمع وعوداً ولكن لا نرى أفعالاً”.
الدور الحكومي
أوضح المهندس كريم محمد، خبير نظم الطاقة، أن “الجهات الحكومية تعمل على تحسين الوضع، لكن التمويل يمثل عائقاً كبيراً”. وأشار إلى أن “هناك مشاريع قيد التنفيذ، لكنها تأخذ وقتاً طويلاً، وهو ما يثير استياء المواطنين”.
لكن، يُظهر المواطنون عدم ثقتهم في هذه الوعود. حيث أعرب علي جابر، وهو رجل أعمال، عن إحباطه قائلاً: “لقد سمعنا عن هذه المشاريع لسنوات، لكن الوضع لم يتغير. يبدو أن الفساد هو المسيطر على كل شيء”.
التحديات التقنية
شدد الدكتور حسن رمضان، خبير نظم الطاقة، على أن “هناك حاجة ملحة لتحديث البنية التحتية القديمة في أسوان”.
وأوضح أن “مشاكل الشبكة الكهربائية تشمل الأسلاك المتهالكة والمحولات المعطلة، والتي تتسبب في انقطاعات متكررة”.
وأضاف أن “الاستثمار في التكنولوجيا الحديثة يمكن أن يحل العديد من المشاكل، لكن هذا يتطلب إرادة سياسية وتنسيق بين الجهات المعنية”.
تحقيق أعمق
في خطوة للكشف عن المزيد من الحقائق، قمنا بالتواصل مع بعض الشركات المتورطة في العقود. وكان ردود الفعل متباينة.
حيث أوضح أحد الممثلين عن شركة خاصة أن “العقود تمت وفقاً للقوانين المعمول بها، لكن هناك عوائق تتمثل في عدم استقرار التمويل”.
في حين اعترف مسؤول في شركة أخرى أن “هناك فساداً في بعض العقود، لكن لا يمكننا التحدث بشكل علني عن ذلك خشية الانتقام”.
الأصوات المطالبة بالتغيير
توجه العديد من نشطاء المجتمع المدني في أسوان بنداء إلى الحكومة لتبني إجراءات صارمة ضد الفساد في عقود الكهرباء.
حيث قالت رنا فؤاد، ناشطة حقوقية، “يجب أن نضع حداً لهذا الفساد الذي يهدد حياة الناس. نحن بحاجة إلى مراقبة صارمة وضوابط حقيقية لضمان تقديم خدمات كهربائية جيدة”.
نحو مستقبل أفضل: ضرورة التحرك ضد الفساد في خدمات الكهرباء
بينما يسعى المواطنون في أسوان إلى تحسين جودة خدمات الكهرباء، تظل قضايا الفساد وسوء الإدارة قائمة. من المهم أن يتكاتف الجميع “من الحكومة إلى المواطنين” للعمل معاً على إحداث تغيير حقيقي.
قد يبدو الطريق طويلاً، لكن الصوت الجماعي لمواطني أسوان يمكن أن يحدث فارقاً. إن كان هناك أمل، فهو في التحرك ضد الفساد والمطالبة بحقوقهم الأساسية في خدمات كهربائية مستقرة وآمنة.