الدكتورة ليلى سويف: صرخة في وجه الجور والظلم
في مشهد يجسد مأساة لا يمكن تجاهلها، دخلت الدكتورة ليلى سويف، الأم الشجاعة والناشطة الحقوقية، في إضراب كامل عن الطعام منذ الإثنين 30 سبتمبر، احتجاجًا على استمرار احتجاز نجلها، المدون والناشط علاء عبد الفتاح، على الرغم من انتهاء مدة عقوبته المقررة بخمس سنوات.
وهذا القرار يأتي بعد أن شهدت عائلة عبد الفتاح فصولاً من المعاناة والحرمان لأكثر من عقد من الزمن، بينما ينزلق النظام المصري في دوامة من الظلم والقمع.
يستحضر هذا الإضراب واقعًا مؤلمًا، حيث يعبر الموقعون على البيان عن إصرارهم على إطلاق سراح علاء، معتبرين أن استمرار احتجازه هو بمثابة تعذيب متواصل له ولعائلته.
فقد عاش علاء تقريبًا 10 سنوات خلف القضبان، ويتعرض الآن لمزيد من التنكيل، رغم انتهاء فترة عقوبته. إن المشهد يمثل صورة واضحة لتجاهل القوانين والحقوق الإنسانية، ويتطلب تدخلاً عاجلاً من النائب العام.
الأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن السلطات المصرية تتبنى رواية مضللة تتعلق بمدة الحبس الاحتياطي. إذ ترفض الحكومة الاعتراف بالسنتين اللتين قضاها عبد الفتاح في الحبس الاحتياطي بعد اعتقاله في 2019.
بدلاً من ذلك، تحتسب فترة العقوبة منذ التصديق على الحكم في 2022، مما يفتح المجال أمام الشكوك حول مدى جدية الحكومة في معالجة قضية الحبس الاحتياطي. إن هذا التوجه لا يعكس فقط فشلًا قانونيًا، بل يُظهر غياب الإرادة السياسية لتخفيف معاناة السجناء.
تعود بداية مأساة علاء إلى 28 سبتمبر 2019، حين ألقي القبض عليه أثناء تنفيذ عقوبة المراقبة الشرطية. ووجهت له النيابة اتهامات بالانضمام لجماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة، وهو الاتهام الذي يتعارض بشكل صارخ مع الدستور المصري الذي يمنع الحبس بسبب قضايا النشر. وعلى الرغم من تجاوز مدة الحبس الاحتياطي الحد القانوني، استمرت معاناته.
في 18 أكتوبر 2021، تم إحالة عبد الفتاح إلى المحاكمة بتهمة جديدة في قضية طوارئ، ضمت أيضًا محاميه محمد الباقر والمدون محمد أكسجين. وصدرت أحكام قاسية بالسجن، حيث تم الحكم على عبد الفتاح بخمس سنوات، بينما حُكم على الباقر وأكسجين بأربع سنوات.
وفي يوليو 2023، أصدر الرئيس عفوًا عن الباقر، ولكن هذا لم يكن كافيًا لتهدئة مشاعر القلق والاحتجاجات حول استمرار احتجاز عبد الفتاح.
طبقًا لقانون الإجراءات الجنائية الحالي، يتوجب الإفراج عن علاء ورفاقه في 29 سبتمبر، حيث ينص القانون على احتساب فترات الحبس الاحتياطي ضمن العقوبة.
لكن استمرار احتجازهم بعد قضائهم فترة الحبس الاحتياطي المقررة يعد انتهاكًا صارخًا للقوانين ويعكس فشلًا مزدوجًا للنظام في احترام حقوق الإنسان.
تؤكد الأصوات التي تطالب بالإفراج عن عبد الفتاح على ضرورة تدخل النائب العام لتصحيح هذا الخلل القانوني.
هناك شواهد تشير إلى أن عائلته تعرضت لتمييز واضح، حيث تم احتساب فترات الحبس الاحتياطي لآخرين، بينما تم تجاهلها في حالة عبد الفتاح. هذا التناقض يظهر مدى انعدام الثقة في نوايا النظام بشأن إصلاحات القوانين.
إن الإصرار على انتهاك نصوص القانون لا يترك مجالًا للشك حول عدم وجود نية حقيقية لدى الحكومة لتحسين الظروف القانونية للسجناء.
هذه السلسلة من الانتهاكات تعكس عقودًا من الاستبداد والتجاوزات، في حين تواصل الحكومة المصرية استراتيجيتها في قمع المعارضين وتكبيل الأصوات الحرة.
في ختام هذه المأساة، يجب أن تكون كلمات الدكتورة ليلى سويف، التي تجسد مقاومة وصمود، جرس إنذار للجميع. إن معركة عبد الفتاح ليست معركة فردية، بل هي معركة ضد نظام قمعي يسعى إلى تحطيم إرادة الشعب المصري.
مع استمرار هذه الحالة، يبقى السؤال: إلى متى ستستمر هذه المعاناة؟ إلى متى ستظل الأصوات الحرة مهددة بالاختناق في زنازين السجون؟
إن هذه اللحظة تدعو الجميع للتضامن والاحتجاج ضد هذا الجور. يجب أن نرفع أصواتنا ونؤكد على حق كل فرد في الحرية والعدالة، وأن نعمل جميعًا من أجل إنهاء هذه المأساة. فقد آن الأوان لوضع حد للانتهاكات المتكررة ولإعادة بناء مجتمع يسوده القانون والعدالة.