تقارير

الفساد يلتهم “حياة كريمة” .. 35% عمولة الجيش تعصف بشركات المقاولات في المبادرة الرئاسية

في خطوة مثيرة للجدل وتدق ناقوس الخطر، أعلن جهاز مشروعات الخدمة الوطنية التابع لوزارة الدفاع عن رفع نسبة العمولة التي يتقاضاها من الشركات العاملة معه في مشروع “حياة كريمة” إلى 35%، بدلاً من 30%، اعتباراً من الأول من أكتوبر الجاري.

وهذه الخطوة ليست مجرد زيادة عادية، بل هي بمثابة صاعقة تضرب شركات المقاولات، مما يضعها في موقف كارثي يدعو للتساؤل عن مصير تلك المبادرة الرئاسية الكبرى.

الواقع الحالي يشير إلى أن الشركات العاملة في مشروع “حياة كريمة” تواجه ضغوطاً مالية هائلة، حيث باتت مضطرة لدفع هذه النسبة المرتفعة مقابل حصولها على العقود من الجيش، والذي يتولى عملية تحديد الشركات المنفذة لكل مشروع.

وفي ظل ارتفاع أسعار مواد البناء، تؤثر هذه العمولة سلبًا على أرباح الشركات، مما يثير تساؤلات حول جدوى العمل في مثل هذه الظروف.

مالك إحدى الشركات المقاولات المدنية صرح لوسائل الإعلام أن قرار الزيادة جاء بمثابة صدمة، حيث أكد أن المؤسسة الوطنية للمقاولات العامة والتوريدات، التابعة لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية، أبلغت الشركات بالتغير الجديد،

مما يشير إلى أن مصير تلك الشركات أصبح مرهوناً برغبات الجيش وتوجهاته. “إنها ليست مجرد عمولة، بل هي ضريبة غير معلنة على أعمالنا”، يضيف مالك الشركة.

الأرقام تتحدث عن نفسها، فالجهاز الذي يستحوذ على هذه النسبة الكبيرة حصل على نحو 120 مليار جنيه من إجمالي 400 مليار خصصتها الحكومة لمبادرة “حياة كريمة”. هذه الأموال تأتي من خزينة الدولة، مما يعني أن المواطن البسيط يتحمل فاتورة هذا النظام.

ومن دون شك، فإن زيادة العمولة إلى 35% دون أعباء أو مصاريف إضافية يعكس التوجه الواضح نحو تعزيز السيطرة العسكرية على الاقتصاد المدني.

مبادرة “حياة كريمة” التي أطلقها الرئيس السيسي في عام 2019 تهدف، كما يُزعم، إلى تطوير الريف المصري وتحسين مستوى المعيشة لنحو 60 مليون شخص يعيشون في 4600 قرية.

ولكن، مع هذه الزيادة، يبدو أن الهدف من المبادرة يتجاوز تقديم الخدمات، ليتحول إلى مصدر دخل ضخم للجهات العسكرية، مما يزيد من حالة القلق والتوتر في صفوف الشركات المتضررة.

الرئيس السيسي قد أشار سابقاً إلى أهمية وجود ضابط مسؤول عن كل قرية مستهدفة ضمن المبادرة، لتتبع عمليات التطوير وتوثيقها.

وهذه التصريحات تثير تساؤلات حول مدى استقلالية المشروع. هل سيكون هناك إمكانية لرصد ومراقبة أداء الشركات المنفذة، أم أن المراقبة ستظل تحت إشراف الأجهزة العسكرية فقط؟

الأرقام والمعلومات تشير إلى أن هذا النظام القائم لن يخدم إلا مصالح قلة من المنتفعين، مما يضع كل المحاولات الرامية إلى تحسين حياة المواطنين في دائرة الشك.

فبدلاً من أن تكون “حياة كريمة” فرصة حقيقية للتغيير، أصبحت مجرد أداة لتحقيق أرباح باهظة، في ظل نظام يحتكر كل شيء.

بلا شك، تتفاقم الأزمة في ظل غياب الشفافية والرقابة الحقيقية على الإنفاق الحكومي. السؤال الملح الآن: كيف سيواجه المواطن المصري هذه الزيادة الضخمة في عمولات الجيش، وكيف ستستطيع الشركات الاستمرار في العمل وسط هذه الظروف القاسية؟

إن الواقع يشير إلى أن التحديات الاقتصادية المتزايدة وتضخم العمولة قد تترك آثاراً مدمرة على فرص النمو والاستثمار في قطاع المقاولات. وكما هو متوقع، سيؤثر ذلك على جودة الأعمال المنفذة، مما يجعل الأمر أسوأ بالنسبة للمواطنين الذين يعتمدون على هذه المشاريع لتحسين حياتهم.

ختامًا، فإن مبادرة “حياة كريمة” أصبحت بحاجة ماسة إلى إعادة تقييم شاملة. على الحكومة أن تعيد النظر في هذا النظام الذي يهدد بفشل المشروع بأكمله ويزيد من تعقيد حياة الناس.

هل ستستمع السلطات لنداءات الشركات والمواطنين أم ستستمر في سياستها الحالية التي قد تؤدي إلى كارثة حقيقية؟ الأمر متروك الآن لتلك الجهات المعنية، ولكن الأمل في تحسين الأوضاع يظل ضعيفاً في ظل هذه الظروف الكارثية.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى