تقارير

اغتيال نصر الله: زلزال سياسي قد يغير وجه لبنان إلى الأبد

اغتيال حسن نصر الله، زعيم حزب الله، يعد بمثابة زلزال سياسي لم يسبق له مثيل في تاريخ الصراع الإسرائيلي اللبناني.

وهذه العملية ليست مجرد استهداف لزعيم حزب، بل هي بداية لفصل جديد قد يحمل الأمل للبنان الذي أنهكته الأزمات لعقود طويلة. ولكن، هل يمكن اعتبار هذه الخطوة تحولا إيجابيا، أم أنها مقدمة لفوضى أكبر؟

تداعيات الاغتيال: انتعاش متوقع لقوى الفوضى

بمقتل نصر الله، لم تُفقد قيادة حزب الله فحسب، بل تكاد تُمسح البنية القيادية العسكرية والسياسية للجماعة. من غير المحتمل أن تتراجع إسرائيل عن عملياتها العسكرية؛ بل ستستفيد من حالة الارتباك التي يعيشها الحزب، مما يُنذر بتصعيد عملياتها العسكرية.

فإسرائيل الآن في وضع يُمكنها من استهداف ما تبقى من ترسانة الحزب من الصواريخ الدقيقة والبنية التحتية للهجمات عبر الحدود، على أمل تحقيق أهدافها بسرعة وتفادي الوقوع في فخ إعادة احتلال لبنان.

قيادة جديدة وحركات متهورة

بعد هذا الاغتيال، سيكون من المتوقع أن تسعى بعض الشخصيات المتوسطة في الحزب إلى تعويض الفجوة القيادية. قد يُفكرون في تنفيذ عمليات متهورة مثل اختطاف أجانب أو شن غارات عبر الحدود، مما يُنذر بنشوء تهديدات جديدة قد تطال المنطقة.

والأمر الأكثر إثارة للقلق هو احتمال تنشيط خلايا الحزب الإرهابية في مختلف دول العالم، بما فيها الولايات المتحدة، مما قد يؤدي إلى تصعيد أمني دولي.

طهران في زاوية حرجة

إيران، الراعي الأساسي لحزب الله، تجد نفسها في موقف حرج بعد اغتيال أحد أبرز حلفائها. فقد عانت طهران من خسائر مؤلمة، وبرزت التساؤلات حول استراتيجيتها المستقبلية.

وكانت إيران قد اتخذت موقفاً حذراً من الصراع، لكن قتل نصر الله قد يضعها أمام تحديات جديدة. إن تراجع حزب الله قد يدفع إيران إلى تكثيف أنشطتها عبر وكلائها في المنطقة، مثل الحوثيين في اليمن والميليشيات في العراق وسوريا، كرد على خسارتها.

لبنان: فرصة أم فوضى؟

لبنان، الذي شهد تحولات دراماتيكية، يقف الآن أمام فرصة نادرة. فقد كانت هيمنة حزب الله على الساحة السياسية أمراً مفروغاً منه، لكن الوضع اليوم يتيح للعناصر المتفرقة في المعارضة التوحد وتقديم بديل فعّال.

والسؤال المطروح هنا هو: هل تمتلك القوات المسلحة اللبنانية القدرة على استغلال هذه الفرصة لإعادة تأكيد سلطتها؟ بالإضافة إلى ذلك، كيف ستتفاعل القوى الخارجية مثل الولايات المتحدة وفرنسا مع هذا التحول لضمان ملء الفراغ الذي تركه الحزب؟

التأثيرات المتبادلة: لبنان وغزة

مع اقتراب الذكرى السنوية لهجوم حماس، لا يمكن إغفال تأثير اغتيال نصر الله على غزة. من المتوقع أن تؤدي هذه الأحداث إلى تصلب موقف حماس، خاصة فيما يتعلق بمسألة تسليم الرهائن.

وفي ظل الفوضى المتزايدة، قد تجد حماس نفسها محاصرة بين مقاومة الشارع وعمليات مكافحة الإرهاب الإسرائيلية، مما يُضعف موقفها أكثر.

الفرصة أمام واشنطن

مقتل نصر الله يمكن أن يُعتبر لحظة احتفالية للولايات المتحدة، حيث تلاحقت دماء الكثير من الأمريكيين على يد حزب الله.

ولكن، بدلاً من الانغماس في انتصارات رمزية، يجب على إدارة بايدن استخدام هذه اللحظة لتعزيز دبلوماسيتها. يمكن أن تُسهم واشنطن في تشكيل نظام أمني جديد يعيد الحياة للمدن اللبنانية المدمرة ويساعد في بناء بنية سياسية جديدة.

هذا التحول ليس اتفاق سلام، بل هو فرصة لإعادة توجيه الجهود نحو تحقيق استقرار دائم. وإذا استطاعت واشنطن التحذير من عواقب اندفاع إيران نحو تطوير أسلحة نووية، فقد تُحقق تقدماً فعلياً يُعيد للمنطقة بعض الاستقرار المفقود.

فجر جديد أم عتمة دائمة

مع مقتل حسن نصر الله، يواجه لبنان فرصة تاريخية للخروج من دوامة العنف والاضطرابات. لكن، الطريق ليس مفروشًا بالورود.

وتعتمد نجاحات المرحلة المقبلة على قدرة القوى المحلية والدولية على التنسيق بشكل فعّال واستغلال حالة الفوضى لصالح تحقيق سلام مستدام. إن الاختيارات التي ستُتخذ الآن قد تحدد ملامح المستقبل في لبنان والمنطقة بأسرها.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى