تقارير

أزمة اقتصادية مروعة في مصر: الفشل والانهيار على الأبواب

لا يمكن تجاهل الحديث عن معاناة المصريين في الأشهر الأخيرة؛ أزمة اقتصادية تتصاعد بشكل يومي، تتجلى في ارتفاع جنوني لأسعار المواد الغذائية والسلع الأساسية، وكأنما تعيش البلاد في دوامة من الكوارث.

فقد بات من الشائع أن تتغير الأسعار أثناء تواجد الشخص في المتجر، مما يثير تساؤلات عميقة حول مستقبل المعيشة في مصر.

وفي سياق هذه الأزمة، تجاوز سعر الدولار ليصل إلى 48.35 جنيها، مما يجعل من الصعب على الملايين من المصريين تأمين احتياجاتهم الأساسية.

تظهر المؤشرات أن حقوق المصريين الاقتصادية والاجتماعية في خطر محدق، حيث تضاعف التضخم ليصل إلى مستويات قياسية بلغت 40%.

وهذه الأرقام ليست مجرد إحصائيات جافة، بل هي تجسيد لواقع مرير يعيشه المواطنون يومياً. وإن الأزمة المالية والاقتصادية التي تعصف بمصر ليست مجرد عابرة، بل هي نتيجة لسياسات فاشلة وعقود من الإهمال والاستبداد.

وفي الوقت الذي تتزايد فيه النقمة الشعبية، يبدو أن الحكومة الحالية، برئاسة عبد الفتاح السيسي، لا تملك الحلول الجذرية.

ورغم تصاعد الحرب في غزة بين إسرائيل و”حماس”، إلا أن مصر تواجه أزمة تتطلب معالجة فورية، لكن الحكومة اختارت دائماً الهروب إلى الأمام، واستمرارية الفشل.

لعل ما يثير القلق أكثر هو الخطوات الأخيرة التي اتخذتها الحكومة، مثل تقديم موعد الانتخابات الرئاسية إلى ديسمبر 2023.

وهذه الخطوة تعكس فقط حجم الخوف من ردود فعل المواطنين، حيث لم تُمنح أي فرصة لشخصيات أخرى لخوض الانتخابات بشكل نزيه.

والأدهى من ذلك هو القانون الذي وافق عليه مجلس الشعب، والذي يتيح للجيش محاكمة المدنيين في محاكم عسكرية، مما يرفع من مستوى القمع ويزيد من حدة التوتر الاجتماعي.

في خطابٍ غريب، قارن السيسي بين الوضع الحالي ومجاعة الصين الكبرى، مُشيراً إلى أنه من المقبول أن يموت المصريون جوعًا لتحقيق رؤية تقدمية مزعومة. يبدو أن السيسي، بعد عقد من الحكم، يدرك أن السلطة التي استولى عليها تتآكل تحت ضغط الأزمات المتزايدة.

عند استلام السيسي للحكم بعد الانقلاب العسكري في 2013، قدم وعوداً براقة بالازدهار والتنمية، مشيراً إلى أنه يجب على المصريين التضحية بحرياتهم المدنية في سبيل ذلك.

لكن بعد مرور تسع سنوات، أصبح واضحًا أن تلك الوعود لم تكن سوى سراب، حيث تفاقم الفقر بدلاً من أن يزول، وسُحقت الحريات الأساسية بشكل غير مسبوق.

تتجلى الأزمة الاقتصادية بوضوح في تزايد الغضب الشعبي. السيسي، الذي اعتمد على الدعم المالي السخي من الدول الغنية، لم يقدم شيئًا ملموسًا لتحسين ظروف المواطنين.

ومع أن الحكومة تلقت مليارات الدولارات من المساعدات، إلا أن الوضع الاقتصادي لم يتحسن، بل أصبح أكثر تعقيدًا، حيث تفاقمت أزمة الديون وأصبحت مصر واحدة من أكثر الدول عرضة لأزمات اقتصادية في العالم.

بينما يعاني الشعب المصري لتأمين احتياجاته، تستمر الحكومة في تنفيذ مشاريع فاشلة، تُعتبر بمثابة إهدار للموارد.

كان من الأجدر أن تستثمر تلك الأموال في مشاريع تُعزز من رفاهية المواطن، لكن السيسي اختار بدلاً من ذلك مسار الفشل. لقد وضعت الحكومة السياسات الاقتصادية تحت سيطرة الجيش، مما ساهم في تعزيز الفساد وسوء الإدارة.

وفي الوقت الذي يُفترض أن يكون فيه دعم المواد الغذائية والوقود متاحًا، اتخذت الحكومة قرارات بقطع الدعم دون وجود خطة واضحة للتخفيف من آثار هذه القرارات على الفقراء.

برامج التحويلات النقدية لم تعد تلبي احتياجات المواطنين، وأصبح الكثيرون يعيشون في حالة من اليأس والفقر المدقع.

إن الوضع الحالي في مصر هو نتيجة مباشرة لنظام سياسي يفتقر للمسؤولية والشفافية. رفض السيسي تشكيل أحزاب سياسية أو أي شكل من أشكال الحوار مع المعارضة، مما أدى إلى تفاقم الاستياء الشعبي. وتعزز هذا الوضع بتركيز السلطة في يد الجيش، الذي أصبح اللاعب الرئيسي في السياسة والاقتصاد.

من الواضح أن استياء الشعب المصري يتزايد، وهو ما يمكن أن يقود إلى انفجار اجتماعي أو سياسي في المستقبل القريب.

والأحداث الإقليمية المستمرة تلقي بظلالها على الوضع المحلي، حيث تبقى مصر رهينة للأزمات المتراكمة، وتبحث الحكومة عن الدعم الخارجي كوسيلة للبقاء في السلطة.

إن السياسات القمعية التي يتبعها السيسي تدمر الأسس اللازمة لبناء اقتصاد قوي ومستدام. استمرارية العنف والقمع لن تحل المشاكل بل ستزيدها تعقيدًا، مما يؤدي إلى تفشي المزيد من الأزمات. كلما زاد الضغط على الحكومة، زادت احتمالية تفجر الأوضاع.

وإن مصر تقف على حافة الهاوية. الأزمات الاقتصادية والسياسية متشابكة، والحل يتطلب التغيير الجذري في السياسات والممارسات الحكومية.

لكن يبدو أن السيسي مُصمم على الاستمرار في الطريق الخاطئ، مما يزيد من احتمال انهيار شامل، مما سيكلف الشعب المصري الكثير من الأرواح والموارد. ما ينتظره المصريون في المستقبل هو أمر محير ومقلق، فهل سيتمكن السيسي من إيجاد مخرج من هذا النفق المظلم، أم أن الأوضاع ستستمر في التدهور؟

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى