تحركات عاجلة: دول تسابق الزمن لإجلاء رعاياها من لبنان
في ظل الأوضاع المشتعلة، أعلنت عدة دول عن تحركات سريعة لإجلاء مواطنيها من لبنان، حيث بدأت العمليات العسكرية الإسرائيلية تتصاعد بشكل مقلق ضد أهداف تابعة لـ”حزب الله”.
وهذا التصعيد العسكري يُنذر بخطر أكبر على الأمن الإقليمي، مما دفع الحكومات إلى اتخاذ خطوات عاجلة لحماية رعاياها.
في خطوة استباقية، انطلقت سفينة تابعة للبحرية الفرنسية يوم الاثنين من ميناء تولون في جنوب شرق فرنسا، متوجهة نحو الساحل اللبناني. الهدف من هذه المهمة هو تمركز السفينة “احترازياً” لتكون جاهزة لإجلاء المواطنين الفرنسيين في حال تفاقم الوضع.
وحاملة المروحيات البرمائية (PHA) ستستغرق حوالي 5 إلى 6 أيام للوصول إلى المنطقة، وهي مجهزة بمروحيات ومجموعة قتالية لتعزيز قدرتها على تنفيذ عمليات الإجلاء.
يوجد في لبنان ما يقارب 23 ألف فرنسي أو فرنسي-لبناني، مما يزيد من أهمية هذه الخطوة. من جهة أخرى، أنشأت السفارة الفرنسية خلية للرد الهاتفي، تعمل طوال أيام الأسبوع، لتوفير المعلومات والدعم للمواطنين المتواجدين في لبنان.
وهذا ما أكده وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو خلال زيارته لبيروت، مما يدل على الاهتمام الكبير بالحفاظ على سلامة المواطنين الفرنسيين.
أما بريطانيا، فلم تتأخر في اتخاذ خطوات مماثلة، حيث أعلنت في مساء الاثنين أنها استأجرت رحلة جوية تجارية لإجلاء رعاياها الراغبين في مغادرة لبنان.
والرحلة المزمع مغادرتها من مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت يوم الأربعاء تمثل أهمية كبيرة، حيث أوضح وزير الخارجية البريطاني، ديفيد لامي، أن “سلامة المواطنين البريطانيين في لبنان تظل أولويتنا القصوى”.
كما أكد لامي على ضرورة مغادرة المواطنين البريطانيين في الوقت الحالي، محذراً من أن عمليات الإجلاء اللاحقة قد لا تكون مضمونة.
أولت كندا أيضاً اهتماماً خاصاً للأوضاع المتوترة في لبنان، حيث أعلنت أنها حجزت 800 مقعد على رحلات جوية تجارية لمساعدة رعاياها على مغادرة البلاد.
وزيرة الخارجية الكندية، ميلاني جولي، صرحت عبر منصة إكس بأن “الوضع الأمني في لبنان أصبح أكثر خطورة وتقلباً”.
وأوضحت أن الحكومة تعمل على زيادة القدرة التجارية لمساعدة الكنديين على المغادرة بشكل أسرع، مشيرةً إلى أن أولى الرحلات ستنطلق الثلاثاء، في وقت يقدر عدد الكنديين الموجودين في لبنان بنحو 45 ألفاً.
على الصعيد العسكري، أعلن الجيش الإسرائيلي فجر الثلاثاء بدء عملية عسكرية برية في لبنان، حيث أكد في بيان له أنه بدأ “مداهمات محدودة ومستهدفة” ضد أهداف لحزب الله في منطقة الحدود الجنوبية.
والجيش الإسرائيلي أوضح أن هذه الأهداف تقع في قرى قريبة من الحدود، وتعتبر تهديداً مباشراً للتجمعات السكانية في شمال إسرائيل.
العملية، التي أُطلق عليها اسم “السهام الشمالية”، تستهدف تعزيز الأمن الإسرائيلي في مواجهة المخاطر المتزايدة.
ويُذكر أن القوات البرية الإسرائيلية مدعومة بالجو والمدفعية، مما يجعل الضربات دقيقة وفعالة. وقد جاء في البيان أن هذه العمليات جرت بموافقة القيادة السياسية، وأنها ستستمر بناءً على تقييم الوضع، مع ضرورة مراعاة الصراعات الأخرى القائمة، خاصةً في غزة.
التحركات العسكرية والديبلوماسية المتسارعة من الدول الكبرى تعكس قلقاً حقيقياً من تداعيات الصراع المتزايد في لبنان.
وإن الأوضاع هناك ليست مجرد نزاع عابر، بل تعكس واقعاً معقداً يتطلب استجابة دولية عاجلة. حيث أن ما يحدث اليوم في لبنان قد يؤثر بشكل كبير على الاستقرار الإقليمي.
ومع استمرار التصعيد، تبقى الأعين موجهة نحو المنطقة، حيث يمكن أن تتسبب الأحداث الراهنة في زيادة توتر العلاقات بين الدول، وتعميق الأزمة الإنسانية التي تعاني منها شعوب المنطقة. الحذر والتدخل السريع أصبحا ضرورة ملحة، فالوقت ينفد، والتهديدات تتزايد بشكل مضطرد.
إن التاريخ يُظهر أن الأزمات الكبرى غالباً ما تأتي مع تداعيات غير متوقعة. والآن، مع تصاعد التوترات، يبدو أن لبنان قد يكون على حافة مرحلة جديدة من العنف، مما يترك المواطنين في حالة من القلق والترقب.
ويجب أن تبقى هذه التطورات تحت المجهر، حيث تتطلب حماية المدنيين وأمنهم تدخلات عاجلة وفعالة من المجتمع الدولي.