تقارير

الفساد في تطوير المدارس بمحافظة قنا: إنشاءات وهمية وأموال مهدرة

في قلب محافظة قنا، يبرز واقع مؤلم لا يمكن تجاهله، يتمثل في مشهد المدارس الحكومية التي من المفترض أن تكون منارات للعلم والتعلم، لكنها، وللأسف، أصبحت تعكس قصة مأسوية عن الفساد وسوء الإدارة.

فبينما تتدفق الأموال المخصصة للتطوير، يجد المواطنون أنفسهم أمام مبانٍ متصدعة وبيئات تعليمية غير ملائمة. ما الذي يحدث هنا؟ ولماذا تبدو الأمور كما لو كانت مسرحية مأساوية تُعرض على مسرح التعليم في مصر؟

الخلفية

تشير التقارير الرسمية إلى أن محافظة قنا حصلت على ميزانية ضخمة لتطوير المدارس في السنوات الأخيرة، لكن الواقع يوضح أن العديد من هذه الأموال لم تُستخدم كما ينبغي.

وعلى الرغم من الشكاوى المتكررة من الأهالي، يبدو أن بعض المدارس تستمر في معاناتها، مما يثير تساؤلات كبيرة حول كيفية صرف هذه الأموال.

لقاءات مع المواطنين

للوقوف على نبض الشارع، قمنا بلقاء عدد من المواطنين في قنا. أحمد عبد الله، أب لأربعة أطفال، يقول: “لقد تم الإعلان عن ميزانية كبيرة لتطوير المدارس، لكن عندما أذهب لرؤية المدرسة التي يلتحق بها أطفالي، أشعر بالخجل.

والفصول مليئة بالأوساخ، والمقاعد مكسورة، والمرافق في حالة يرثى لها. كيف يُمكن للمدرسة أن تكون مكانًا آمنًا للتعلم في مثل هذه الظروف؟”

أما مروة حسين، معلمة في إحدى المدارس، تضيف: “نحن نعيش في واقع مؤلم. نسمع عن الأموال المخصصة، ولكن لا نرى أي تغيير على الأرض.

وبعض الأبواب لا تُغلق، والسبورات متهالكة، لكن لا أحد يستمع لمشاكلنا. نحن بحاجة إلى تحسين حقيقي، لا مجرد وعود.”

مداخلة من المختصين

تواصل موقع “أخبار الغد” مع عدد من المختصين في مجال التعليم والتنمية. الدكتور سامي الجمل، أستاذ جامعي، يشير إلى أن “التطوير الحقيقي يحتاج إلى رؤية استراتيجية طويلة الأمد، وليس مجرد جولات تفقدية من المسؤولين. يجب أن يتم تخصيص الأموال بطريقة واضحة وشفافة، ويتم مراقبة استخدامها.”

كما أضافت الدكتورة ليلى عبد الله، خبيرة في التنمية المحلية، أن “الفجوة بين التمويل والمخرجات التعليمية تتسع.

ويجب أن يُفتح النقاش حول آليات صرف هذه الأموال وكيفية متابعة المشاريع. لا يمكن أن نستمر في إهدار الموارد بينما يعاني الأطفال من نقص في التعليم الجيد.”

قصص واقعية

أحد الأمثلة المؤلمة هو ما حصل في إحدي مدارس الابتدائي في قنا، حيث تم تخصيص مبلغ كبير لتطويرها، لكن النتائج كانت مخيبة.

وتقول أم محمد، وهي إحدى الأمهات: “جاء المقاول لأخذ القياسات، ولكن بعد ذلك لم يحدث شيء. ابنائي يتلقون تعليمهم في ظروف سيئة، ولا أحد يهتم.”

وفي مدرسة ثانوية، اختفى مبلغ كبير كان مخصصًا لصيانة المبنى. يقول طارق سعيد، أحد أولياء الأمور: “هل يعقل أن تستمر المدرسة في هذا الوضع بينما الأموال موجودة؟! أشعر بالخذلان، فالتعليم هو مستقبل أولادنا.”

إحصائيات مقلقة

بحسب التقارير الصادرة عن وزارة التربية والتعليم، فإن حوالي 60% من المدارس الحكومية في قنا تعاني من نقص حاد في المرافق الأساسية.

وبالرغم من الميزانيات الضخمة، إلا أن 75% من الأسر تقول إن هناك تأخيرًا في تنفيذ المشاريع المعلن عنها. كيف يمكن أن يُفسر ذلك إلا بوجود فساد إداري ومالي واضح؟

تحقيق في الفساد

للتحقق من هذه القضايا، قمنا بالبحث عن مستندات تتعلق بالمشاريع المنفذة في المدارس. وجدت أن هناك العديد من العقود المبرمة مع مقاولين محليين، ولكن العديد منها لم تُنفذ بشكل كامل.

وتم التواصل مع بعض هؤلاء المقاولين، ورفضوا الإدلاء بأي تصريحات، مما يعكس مستوى من الخوف والتهرب من المسؤولية.

لماذا يحدث كل هذا؟

تكمن المشكلة في غياب الرقابة الفعالة. تُظهر العديد من التقارير أن الفساد في المشاريع التعليمية يعود إلى عدة عوامل، منها المحسوبية والرشوة، إضافة إلى عدم الشفافية في إدارة الأموال.

ويقول الدكتور سامي الجمل: “إذا استمرت هذه العقلية، فلن نتقدم. يجب أن يتكاتف الجميع من أجل وضع حد لهذا الفساد.”

الآراء الشعبية

خلال فترة التحقيق، تواصلنا مع مجموعة من الناشطين الشباب في قنا. يقول أحمد سعيد، أحد النشطاء: “لا يمكننا الصمت بعد الآن. يجب أن نرفع أصواتنا ونطالب بتغيير حقيقي. الفساد لا يمكن أن يستمر على حساب تعليم أولادنا.”

كذلك، أضافت فاطمة الزهراء، ناشطة في حقوق التعليم، “نحن بحاجة إلى تحرك جماهيري. يجب أن نضغط على الحكومة لإجراء تحقيقات في الأموال المهدرة. يجب أن يشعر المسؤولون بأننا نراقبهم.”

دعوة للتحرك

إن الفساد في تطوير المدارس في محافظة قنا ليس مجرد قضية محلية، بل هو قضية وطنية تتطلب تدخلاً عاجلاً.

ويجب على الحكومة اتخاذ خطوات حاسمة لضمان أن يتم استخدام الأموال المخصصة للتعليم كما ينبغي. يجب على المواطنين أن يكونوا أكثر وعياً وأن يشاركوا في هذه المعركة من أجل حقوقهم.

مستقبل التعليم تحت التهديد: آن الأوان للتغيير!

قصة الفساد في تطوير المدارس في قنا هي دعوة للتغيير. يجب أن نعمل جميعًا، من مواطنين ومسؤولين ومختصين، على بناء نظام تعليمي يعكس طموحاتنا وأحلامنا.

فالتعليم هو أساس مستقبل أي أمة، ولن نسمح بأن يُهدر بسبب الفساد وسوء الإدارة. حان الوقت لنُحدث الفرق، ونطالب بالتغيير الحقيقي.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى