قوانين ضد الشعب وأداء مخيب: البرلمان المصري تحت مقصلة الانتقادات الشعبية
في خضم الجدل المتصاعد حول أداء مجلس النواب المصري الحالي، أظهر استطلاع رأي حديث أعده موقع “أخبار الغد” مدى تراجع ثقة الشارع المصري في قدرة ممثليهم على خدمة مصالح الشعب.
كشف الاستطلاع عن انتقادات لاذعة وجهت لأعضاء البرلمان بسبب تمريرهم لقوانين يرى كثيرون أنها تشكل عبئًا جديدًا على المواطن المصري وتكبل حرياته،
مما يثير تساؤلات حول التزام هؤلاء النواب بمسؤولياتهم التشريعية والرقابية في هذا التوقيت الحساس الذي تمر به البلاد.
انتقادات لقوانين غير شعبية
أظهرت نتائج الاستطلاع أن نسبة كبيرة من المشاركين يشعرون بالاستياء الشديد من القوانين التي أقرها البرلمان خلال هذه الدورة.
وفي مقدمة هذه القوانين، جاءت التشريعات التي وصفت بأنها تستهدف زيادة العبء المالي على المواطن العادي، من خلال رفع أسعار الخدمات والمرافق الأساسية التي تمس الحياة اليومية لكل فرد في المجتمع المصري.
علاوة على ذلك، أثارت قوانين أخرى جدلاً كبيرًا بسبب ما وصفه المشاركون في الاستطلاع بأنها قوانين “تقيد حرية التعبير” و”تكبل حقوق المواطنين”، مما خلق موجة من الغضب الشعبي تجاه النواب، إذ يرى المواطنون أن هذه القوانين لم تراعِ مصالحهم بقدر ما خدمت مصالح النخبة السياسية والحكومية.
الانتقادات لم تتوقف عند تمرير القوانين فحسب، بل امتدت لتشمل طريقة تعامل النواب مع مهامهم الدستورية.
وإذ أشار الاستطلاع إلى أن البرلمان قد أهمل بشكل كبير الدور الرقابي الذي يُعد من أهم أدواته. لم يتم استخدام هذه الأدوات بفعالية لمساءلة الحكومة أو الرقابة على أدائها، وهو ما أدى إلى تراجع الثقة في المجلس.
وبدلاً من ذلك، تم التركيز بشكل مبالغ فيه على تقديم خدمات فردية لبعض الدوائر الانتخابية، وهو ما انعكس سلبًا على الدور التشريعي والرقابي للمجلس.
ضعف التفاعل مع الشارع المصري
جاءت النتيجة الصادمة الأخرى للاستطلاع في عدم متابعة الجمهور المصري لأداء أعضاء مجلس النواب بشكل دائم. فقد أفاد 46.6% من المشاركين بأنهم يتابعون أداء النواب “أحيانًا” فقط، بينما 23.9% قالوا إنهم نادرًا ما يتابعون، و29.5% فقط أشاروا إلى أنهم يتابعون بانتظام.
وهذه الأرقام تثير تساؤلات جدية حول التواصل بين النواب والناخبين، فضلاً عن قدرة المجلس على التفاعل مع قضايا الرأي العام.
التراخي في التفاعل مع الشارع المصري، وعدم مراعاة الاحتياجات الملحة للمواطنين في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة، أدى إلى توجيه اتهامات خطيرة لأعضاء البرلمان بأنهم يمثلون الحكومة أكثر مما يمثلون الشعب.
وقد تكرر استخدام مصطلح “نائب الحكومة” لوصف النواب الذين بدوا وكأنهم يعملون لصالح السلطة التنفيذية، دون الاهتمام بالمطالب الشعبية الحقيقية.
تفاصيل الاستطلاع وأبعاده
استطلاع الرأي الذي اعتمد على عينة كبيرة بلغ حجمها 11,500 فردًا، غالبيتهم من الذكور (66%)، يمثلون شرائح مختلفة من المجتمع المصري، سواء من حيث التعليم أو المناطق الجغرافية.
وتراوحت أعمار المشاركين بين 18 و60 عامًا، وكان 66.9% منهم حاصلين على مؤهلات جامعية، فيما حصل 28.6% منهم على تعليم فوق الجامعي.
وشارك في الاستطلاع نسبة كبيرة من سكان الحضر بلغت 79.4%، بينما بلغت نسبة المشاركين من الريف 20.6%.
أهمية هذه العينة تتجلى في كونها تعكس توجهات المجتمع المصري في المدن الكبرى والريف، حيث تباينت وجهات النظر تجاه أداء البرلمان بشكل عام.
وقد أشار التحليل إلى أن الفئة الأكثر تعليمًا كانت الأشد نقدًا لأداء المجلس، وربطت بين القوانين الجديدة وانعكاساتها السلبية على الحريات الشخصية والوضع الاقتصادي المتردي.
التراجع في دور الرقابة والتشريع
أحد الجوانب المثيرة للقلق التي سلط عليها الاستطلاع الضوء هو التركيز المبالغ فيه من قبل النواب على تقديم الخدمات الفردية لبعض الدوائر الانتخابية على حساب الدور الرقابي والتشريعي.
فبدلاً من استخدام الأدوات الدستورية المتاحة لهم للرقابة على الحكومة، اختار العديد من النواب تبني سياسات تنموية جزئية ترتبط بمصالح ضيقة.
هذه الممارسة خلقت نوعًا من التذمر الشعبي، حيث شعر العديد من المواطنين بأن دور النواب الأساسي والذي ينبغي أن يكون في خدمة التشريع والرقابة وقد تم استبداله بتقديم خدمات فردية تعزز فرصهم في الانتخابات القادمة بدلاً من التركيز على القضايا الوطنية الكبرى.
مستقبل مجلس النواب في ظل تراجع الثقة
النتائج الكارثية التي أفرزها هذا الاستطلاع تعكس مستوى غير مسبوق من عدم الرضا عن الأداء البرلماني. هذا التراجع الواضح في شعبية المجلس قد يكون له تداعيات سياسية خطيرة، لا سيما إذا استمرت حالة الانفصال بين النواب والناخبين.
ومن المتوقع أن يواجه المجلس انتقادات أكبر في المستقبل إذا لم يتم اتخاذ خطوات ملموسة لتحسين دوره الرقابي والتشريعي واستعادة الثقة الشعبية.
تجدر الإشارة إلى أن هذه النتائج تشير إلى حالة من القلق العميق بين فئات كبيرة من المجتمع المصري تجاه مستقبل النظام السياسي بشكل عام.
فمع تزايد الشعور بأن البرلمان لم يعد يمثل تطلعات الشعب، قد تصبح المطالب بتغييرات جذرية في السياسات والتشريعات مطلبًا جماهيريًا لا يمكن تجاهله.
كما أن التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجه مصر اليوم تتطلب من المجلس البرلماني إعادة النظر في أولوياته، والعمل على تحقيق التوازن بين تقديم الخدمات الضرورية والتشريع الفعال الذي يحمي حقوق المواطنين.
البرلمان في مأزق: تراجع الثقة واتساع الفجوة مع الشعب
يبدو أن البرلمان المصري في مأزق حقيقي، إذ يواجه انتقادات حادة من الشارع المصري بسبب تقاعسه عن أداء دوره الرقابي والتشريعي بالشكل المطلوب.
وفي ظل هذه الظروف، تظل الحاجة ملحة إلى إعادة النظر في أداء المجلس واستجابته لاحتياجات الشعب، قبل أن تتفاقم الأوضاع وتزداد الفجوة بين المواطنين وممثليهم المنتخبين.