عُرفت بتزويدها برامج تجسس للأنظمة الديكتاتورية..شركة “ساندفين” توقف التعامل مع النظام المصري..ما السبب؟
في خطوة مفاجئة وكجزء من عملية إصلاح شاملة أوقف شركة ساندفين الكندية التي تبيع برامج مراقبة للأنظمة الاستبدادية تتيح لهم اختراق الإنترنت والتجسس على هواتف مواطنيها أنها ستوقف تعاملها مع 56 دولة “غير ديمقراطية”، من بينهم النظام المصري.
كان للشركة الكندية دورا كبيرا في مساعدة النظام المصري للتجسس على المعارضين البارزين مثل رئيس حزب غد الثورة د.أيمن نور والمرشح الرئاسي أحمد طنطاوي، وقد كشفت صحف ومنظمات حقوقية تلك الاختراقات بمساعدة الشركة ما تسبب في تشويه، صورتها وخسارتها اقتصاديا وحقوقيا.
تجسس على معارضين
الشركة لم تحدد الدول الـ56، التي سوف توقف التعامل معها لكنها ذكرت على وجه التحديد”مصر”، حيث وعدت بوقف التعامل معها والرحيل منها بحلول نهاية مارس/آذار 2025، دون تحديد مصير ما باعته لها من أجهزة تجسس ومراقبة على المصريين.
ربما جاءت تلك الخطوة عقب الإعلان في 2023 عن ربط الشركة بمحاولة اختراق هاتف البرلماني السابق، المسجون حاليا، أحمد الطنطاوي، خلال سباق الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وتبين تورط إحدى شركتي الاتصالات المصريتين: فودافون أو المصرية للاتصالات، في جريمة التنصت على موبيل “طنطاوي” كأحد عملائهما.
وجرى هذا الاختراق من خلال وضع جهاز تصنعه شركة ساندفاين، يقوم بحقن البرمجيات الخبيثة التي اشترتها الحكومة المصرية من شركة “NSO” الإسرئيلية لاختراق هاتف الطنطاوي.وكان معمل “سيتيزن لاب” في جامعة تورنتو قام بتحقيق موسع حول تجسس جهات أمنية مصرية على آيفون “الطنطاوي” في 14 سبتمبر 2023، بسلسلة هجمات باستخدام برمجية تجسس بريداتور (Predator).
ولم يسلم الدكتور أيمن نور زعيم حزب غد الثورة الليبرالي المعارض من التجسس عبر تلك الأجهزة ليؤكد ما نشره مُختبر “سيتيزن لاب”، الذي يراقب أمن الإنترنت، أن هاتف أيمن نور تعرض للاختراق عام 2021 وقال المُختبر، إن برنامجين منفصلين في شبكة تجسس تشغلها حكومة اخترقا هاتف المعارض المصري البارز.
صفقات رابحة وحجب مواقع
في عام 2020 تم الكشف عن استخدام السلطات المصرية لتكنولوجيا أنتجتها شركة ساندفين الكندية لحجب المواقع الإلكترونية. وفي 26 سبتمبر 2023 ذكرت “بلومبرغ” أن ساندفاين حققت مبيعات تزيد قيمتها عن 30 مليون دولار في مصر، من بيع تقنياتها في الحجب والمراقبة لجهات مختلفة، منها الهيئة القومية لتنظيم الاتصالات، وفودافون مصر، ووزارة الدفاع.
وأوضحت أن إحدى أكبر مبيعات الشركة على الإطلاق كانت صفقة بقيمة إجمالية تزيد عن 10 ملايين دولار أبرمتها عام 2020 مع “الشركة المصرية للاتصالات” الحكومية، وفقا للوثائق.
كما زودت شركة “فودافون مصر” بمعدات “فحص الحزم العميق (DPI)”، قامت الشركة أيضا بين عامي 2020 و2021 بتدريب موظفي الاتصالات المصريين على كيفية استخدام هذه التكنولوجيا، (في التجسس على العملاء) وفق وثائق الشركة الداخلية.
وأكد باحثون من مؤسسة “كوريوم ميديا”، وهي منظمة للحقوق الرقمية، في سبتمبر 2020، أن تقنيات “ساندفاين” تم استخدامها لمساعدة الحكومة المصرية في حجب أكثر من 600 موقع إلكتروني، بما في ذلك 100 موقع إخباري وإعلامي.
عقوبات أمريكية
في 26 فبراير 2024، أدرجت الولايات المتحدة شركة ساندفين على قائمة قيود التجارة بسبب مساعدتها للحكومة المصرية في استهداف نشطاء حقوق الإنسان والسياسيين، وفق وكالة “رويترز”.
واتهمت وزارة التجارة الأميركية شركة ساندفين ببيع منتجاتها للحكومة المصرية، لـ”مراقبة الويب والرقابة الجماعية لمنع الأخبار واستهداف الجهات السياسية ونشطاء حقوق الإنسان”، ووضعتها على قائمة “الكيانات المحظورة”
وقالت “ساندفين”تعليقا على قراراها إنها استندت في بالانسحاب من عشرات الدول إلى مراجعة عملياتها على أساس “مؤشر الديمقراطية” الصادر في فبراير 2023 لوحدة الاستخبارات الاقتصادية، والذي يصنف البلدان على أساس “نوع النظام”.
وفي بيانها حول التوقف عن التعامل مع الأنظمة الاستبدادية، قالت “سندفاين”، إنها اتخذت هذا القرار “بالتشاور مع وزارة التجارة الأميركية ووزارة الخارجية الأميركية وأعضاء رئيسين آخرين في الحكومة الأميركية”.وهو ما يعني أنها رضخت للضغوط الأميركية كي يتم رفع العقوبات الأميركية عليها وتعاود نشاطها الاقتصادي بعد تعثره بسبب هذه العقوبات، بالتزامن مع إعلانها عن هذه الإصلاحات في مجال عملها.