تقارير

البحر الأحمر: استثمار فاشل أم فساد ممنهج .. مئات الملايين تُهدر في مشاريع زراعية وهمية

في قلب البحر الأحمر، حيث الطبيعة الخلابة والمياه الفيروزية، يظهر الوجه الآخر لهذه الجنة السياحية. مشاريع زراعية ضخمة تتحدث عنها الصحف الحكومية، لكن ما الذي يحدث حقاً في تلك الأراضي التي يُفترض أن تُنتج الغذاء وتعزز التنمية؟

وفي هذا السياق موقع “أخبار الغد” يكشف عن إهدار مئات الملايين في مشاريع زراعية غير مجدية، تُنفذها شركات وهمية، ويؤكد أن الفساد في هذا القطاع قد أصبح واقعاً يعيشه المواطنون.

حيث تستهدف الحكومة المصرية، منذ سنوات، تطوير القطاع الزراعي في البحر الأحمر كجزء من خطط التنمية المستدامة.

ومع ذلك، تكشف الأدلة المتزايدة عن عكس ذلك تماماً. المواطنون، المختصون، والناشطون البيئيون يتحدثون بوضوح عن الفساد المستشري وإهدار المال العام.

الفساد في عيون المواطنين

أشار أحمد حسام، مزارع إلى أن المشروعات الزراعية التي تم الإعلان عنها لم تحقق أي نتائج ملموسة. يقول: “لقد استثمرت كل مدخراتي في مشروع زراعي يُفترض أن يُدعم المزارعين، لكن للأسف، وجدته فاشلاً.

والأرض التي خصصت لنا لم تُزرع، وأرى كل يوم كيف يتم إهدار الأموال. نحن نحتاج إلى دعم حقيقي وليس وعوداً فارغة”.

وأوضحت سارة محمد، ربة منزل من سفاجا، أن الفساد يؤثر على حياة الأسر في المنطقة بشكل كبير. تقول: “عائلتي تعتمد على الزراعة كمصدر دخل، لكن المشاريع التي تم الإعلان عنها لم تفدنا بشيء. نحن نشعر بالاحباط ونخشى من المستقبل، حيث أصبحت الحياة هنا صعبة في ظل هذه الأوضاع”.

وأضاف حسام عبد العزيز، خبير زراعي، أن الفشل في المشاريع يعود إلى عدم وجود خطط واضحة. يقول: “لقد رأينا أموالاً تُستثمر في شركات وهمية. يجب أن تُخصص ميزانيات للمشاريع الحقيقية بدلاً من توزيع الأموال على شركات غير مؤهلة. الحلول موجودة، لكن الفساد يعوق التقدم”.

وأكدت مريم لطفي، ناشطة بيئية، أن هذه المشاريع تتسبب في تدهور البيئة المحلية. تقول: “الاهتمام بالزراعة يجب أن يكون مصحوباً بحماية البيئة. المشاريع الزراعية التي تنفذ بدون دراسات جدوى تضر بالمناطق الطبيعية وتؤدي إلى تفشي الأمراض. يجب أن نفكر في الأجيال القادمة”.

وأشار جمال السيد، ناشط متخصص في الشأن الزراعي، إلى أن الفساد أصبح جزءًا من النظام. يقول: “هناك تقارير تتحدث عن فساد في التعاقدات، لكن لا يتم التحقيق في أي منها. الإعلام يجب أن يلعب دوراً في كشف هذه الحقائق بدلاً من مجرد الترويج للنجاحات الوهمية”.

أوضحت فاطمة عبدالرحمن، موظفة بإحدي الجمعيات الزراعية، بأن المشاريع الزراعية الحالية لا تلبي احتياجات المزارعين. وتقول: “نحتاج إلى مشروعات توفر لنا تقنيات حديثة وتساعدنا في تسويق منتجاتنا. للأسف، الحكومة تركز على المشاريع الكبرى دون النظر إلى احتياجاتنا الأساسية”.

نظرة على الشركات الوهمية

أكد محمد فاروق، مزارع من منطقة القصير، أن بعض الشركات التي تُعهد إليها المشاريع ليست سوى واجهات. يقول: “من الواضح أن هناك تواطؤاً بين بعض المسؤولين وهذه الشركات. المشاريع تُعلن، لكننا لا نرى شيئاً على أرض الواقع. يجب التحقيق في هذه الشركات ومعاقبة المتورطين”.

أوضحت الدكتورة ليلى شريف، أستاذة البساتين في كلية الزراعة، أن التعليم والبحث يجب أن يلعبا دورًا في تطوير الزراعة. تقول: “نحتاج إلى استراتيجيات علمية وتطبيقية لتحسين الزراعة في البحر الأحمر. التعليم هو المفتاح، لكن الفساد يعوق تلك الجهود”.

دعوات للشفافية

أشار أحمد رفعت، ناشط سياسي، إلى أهمية الشفافية في المشاريع الحكومية. يقول: “يجب على الحكومة أن تكون أكثر شفافية بشأن كيفية صرف الأموال. علينا أن نكون جزءًا من العملية، ونعرف كيف تُدار المشاريع”. يطالب أحمد بأن يُفتح المجال للمواطنين لمراقبة هذه المشاريع.

أوضحت سميحة يحيى، محامية متخصصة في قضايا الفساد، أن هناك حاجة ملحة لمساءلة المسؤولين. تقول: “يجب أن يتحمل المتسببون في هذا الفساد مسؤولياتهم. لا يمكن أن يستمر هذا الوضع دون عقاب. الفساد ليس مجرد جريمة، بل هو خيانة للناس”.

أكد علي عادل، موظف حكومي، أن الفساد هو نتيجة ضعف الرقابة. يقول: “يجب أن يكون هناك نظام رقابي قوي لمتابعة المشاريع، ولكن للأسف، غالبًا ما تُغض النظر عن المخالفات. على الحكومة أن تُعيد النظر في كيفية إدارة هذه المشاريع”.

أوضحت نهى حسنين، رائدة أعمال في مجال الزراعة المستدامة، أن هناك إمكانيات كبيرة للاستثمار في هذا القطاع. تقول: “إذا تم توجيه الأموال بشكل صحيح، يمكن أن تكون هناك فرص عمل وتحسينات حقيقية. يجب أن يُمنح الدعم للمشاريع الصغيرة والمبتكرة”.

البحر الأحمر: الفساد الزراعي يهدد التنمية ويهدر الأموال العامة

إن الفساد في مشاريع التنمية الزراعية في البحر الأحمر يمثل تحديًا كبيرًا يتطلب جهوداً متكاملة من جميع الأطراف.

ومأساة إهدار المال العام في البحر الأحمر ليس مجرد حالة فردية، بل هو نظام يحتاج إلى مواجهة. المواطنون يرفضون هذا الواقع، وينادون بالتغيير. المستقبل في أيديهم، وعليهم أن يتكاتفوا للكشف عن الفساد والعمل من أجل تنمية حقيقية.

وإذا لم يتم اتخاذ خطوات فعالة، فإن الأموال العامة ستظل تُهدر، وسنظل نشهد فشلًا في تحقيق التنمية المستدامة.

ومستقبل الزراعة في البحر الأحمر يحتاج إلى تغيير جذري، وهذا يتطلب من الحكومة والمواطنين العمل معًا من أجل مستقبل أفضل.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى