عربي ودولى

صُناع الأزمات والصورة الجديدة للشرق الأوسط

تغيب وتخبو الوكالة الدولية للطاقة الذرية والقوى الغربية طويلا ثم تفاجئنا بتصريح ناري يتعلق بتقدمٍ مرعب في البرنامج النووي الإيراني،

وأخر التصريحات أن عمائم إيران باتت لديهم القدرة على إنتاج أربعة قنابل ذرية في أي وقت..
وماذا إن أنتجوا أو لم ينتجوا لطالما امتلكوا تقنيات وبنية تحتية نووية هائلة تمكنهم من إنتاج سلاح وقدرات نووي هذا إن لم يكونوا قد أنتجوا فعلا هذه القنابل التي أشار إليها الغرب ومنظمتهم للطاقة الذرية.

تصريحاتٌ جاءت بعد مقتل إسماعيل هنية المُنسق والمُتفق عليه.. وبعد صمت طويل وتغاضٍ مؤسف للتلويح بأن إيران نووية قادمة كأمرٍ واقع على دول المنطقة تقبله والانصياع للواقع السياسي الجديد الذي سيفرضه الغرب من خلال النظام الحاكم في إيران.

عشرات مليارات الدولارات الأمريكية وصفقات جانبية سرية وعلنية جانبية بين نظام الملالي الحاكم في إيران والغرب تارة ترعاها سلطنة عُمان بمفردها وتارة بالتعاون مع العراق ودول عربية أخرى متأزمة ترضخ للتطبيع مع النظام الإيراني للتخفيف من حدة أزماتها..

وبالمحصلة مئاتٌ من مليارات الدولارات العراقية المبوبة بعدة أشكال، وغير تلك التي لا تبويب لها.. كانت جميعها ركيزة أساسية لخلق الشكل السياسي الجديد للمنطقة ودخول ملالي طهران النادي النووي، وقد كان إبادة غزة وتشريد أهلها ورأس إسماعيل هنية وفؤاد شُكر وحسن نصر الله وقادة حزب الله قرابين لصفقة دخول عمائم إيران إلى النادي النووي وتركيع منطقة الشرق الأوسط.

كان على الغرب ونظامه العالمي أن يمهدوا الطريق منذ عام 2003 للنظام الحاكم في إيران ليصبح القوة الإقليمية المهيمنة في المنطقة انطلاقاً من تمكين هذا النظام من العراق والتغاضي عن دوره في سوريا واليمن
في ظل ترقبهم وقلقهم منذ تسعينيات من الدور التركي المرتقب لتركيا بلا قيود في العقد الثالث بعد الألفية،

ومن هنا جاءت أهمية إحياء صراع قديم جديد ليتجدد بين هويتين تاريخيتين بالمنطقة (إيران وتركيا) وصراعهما التاريخي،
وبتمكين الغرب للنظام الإيراني من الهيمنة على العراق وسوريا ولبنان وفلسطين،

وإتاحة الفرصة لهذا النظام منذ تسعينيات القرن الميلادي الماضي بالتحكم في ميليشيات كردية يستخدمها الغرب كشوكة في خاصرة دول المنطقة وخاصة تركيا التي لا يريد النظام الإيراني لها قائمة أو حضوراً، وفور احتلال العراق عام 2003 دعمت إيران كافة الموالين لها بما في ذلك ميليشيات شيعية وسُنية وكردية عراقية وكردية تركية وكردية سورية منبثقة عن الـ بي كي كي،

وأوصلت تياراً منبثقاً عن الـ بي كي كي إلى البرلمان العراقي بعد أن تمكنوا من هدم الدولة العراقية ومؤسساتها بدعم غربي وحولوا العراق من دول إلى كيان هش.. والحال في سوريا أسوأ وأدل.


إن فقدان الدول العربية لإرادتها أمام الغرب ورضوخها للأمر الواقع المتعلق بإيران التوسعية وبرنامجها، ومساعدة الغرب لملالي إيران بالتمدد في المنطقة على حساب تركيا سيؤدي في النهاية إلى كسر وتركيع الدول العربية والمزيد من مشاريع التفتيت الطائفي في المنطقة..

خاصة بعد ترك الفضاء لـ إيران لتتحكم في مسارات القضية الفلسطينية وإسقاط هيبة القوى الوطنية الفلسطينية وشق صفوفها وتحقيق مآرب العدو بشكل أو بآخر.


بالنهاية هناك حقيقة مُرة يجب الاعتراف بها وهي أن لإيران فكرها ونهجها وأدواتها في المنطقة، وعلى الرغم من هشاشة نظام ملالي إيران وأدواتهم في المنطقة إلا أنهم يحققون تقدما يجب الإقرار به،

وسبب هذا التقدم عدم وجود جبهة أو تيار مواجهة باردة يتحرك وفق تنسيق استراتيجي دقيق يعمل على تقليم أظافر النظام الإيراني وقطع الطريق على القوى الغربية الأمر الذي يتطلب التسويق لنمطية فكرية سياسية وتعبوية جديدة بالمنطقة خاصة في ظل التصدع القائم داخل النظام الإيراني والرفض الشعبي الشديد لهذا النظام.


أوضاع الدول العربية تتجه منحدرة نحو التفسخ وفقدان السيادة بعد فقدان الإرادة، وأحد أسباب ذلك غياب الدور الإقليمي الرائد وظهور النظام الإيراني كنظام مهيمن في المنطقة بعد هدم الدولة العراقية عام 2003.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button