اغتيالات حزب الله: قائمة متجددة وآخرهم حسن نصر الله وأسرار التصعيد الإسرائيلي
شهدت المنطقة موجة متصاعدة من الأحداث المتلاحقة والصدامات التي تحولت إلى مواجهات مفتوحة بين “حزب الله” اللبناني والاحتلال الإسرائيلي منذ أكتوبر 2023.
وقد أسفرت هذه المواجهات عن اغتيالات نوعية طالت قيادات بارزة في صفوف الحزب، وهو ما ألقى بظلال من الغموض حول مستقبل التنظيم وقيادته، وتحدياته الاستراتيجية في ظل الضربات الموجهة له.
أثارت هذه الاغتيالات تساؤلات جدية حول مصير الحزب وإمكانية أن تكون سلسلة الاغتيالات الأخيرة مجرد البداية لمرحلة جديدة من التصعيد الإسرائيلي ضد حزب الله، ومحاولة منه لإضعاف الجناح العسكري والسياسي للحزب.
آخر هذه العمليات التي هزت الرأي العام الإقليمي والدولي كانت استهداف حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله،
والذي يعد من أبرز الشخصيات القيادية للحزب منذ تأسيسه. يعكس هذا التطور تحدياً غير مسبوق، قد يعيد تشكيل المشهد الجيوسياسي في المنطقة.
الاغتيالات المستهدفة: منهجية متكررة أم تصعيد نوعي؟
منذ اندلاع الأحداث في أكتوبر 2023، بدأت سلسلة من الاغتيالات المنهجية التي استهدفت رموز حزب الله، وكان على رأس هذه القائمة حسن نصر الله.
ومع أن نصر الله هو الأبرز، إلا أن استهداف قيادات أخرى في الحزب كانت له دلالات أخرى، تشير إلى رغبة الاحتلال في شل المنظومة الاستراتيجية للحزب.
فؤاد شكر .. رئيس المنظومة الاستراتيجية:
يعد فؤاد شكر من الشخصيات البارزة في قيادة حزب الله. كرئيس للمنظومة الاستراتيجية، كان له دور محوري في تطوير القدرات العسكرية والتكتيكية للحزب، خاصة فيما يتعلق بالصواريخ والقذائف.
وتُشير التقارير إلى أن اغتيال شكر لم يكن مجرد ضربة تكتيكية، بل كان جزءاً من خطة أوسع لإضعاف قدرات الحزب على الردع الاستراتيجي.
الاحتلال كان يدرك جيدًا أن شكر يمثل العقل المدبر لعدد من المشاريع العسكرية الكبرى، وعلى رأسها تعزيز القدرات الدفاعية للحزب.
لذلك، كان اغتياله في هذا التوقيت مؤشراً على تصعيد نوعي، يهدف إلى قطع خطوط القيادة والسيطرة داخل الحزب.
إبراهيم قبيسي .. قائد منظومة الصواريخ والقذائف:
كان إبراهيم قبيسي، قائد منظومة الصواريخ والقذائف في حزب الله، هدفًا آخر لهذه الحملة. الاغتيال الذي استهدف قبيسي جاء على خلفية دوره البارز في تطوير ترسانة الحزب الصاروخية، والتي تعتبر إحدى أدوات القوة الرئيسية التي يعتمد عليها حزب الله في مواجهة الاحتلال.
قبيسي لعب دوراً محورياً في نقل الحزب من مرحلة الاعتماد على صواريخ قصيرة المدى إلى امتلاك ترسانة صاروخية متوسطة وبعيدة المدى،
وهو ما شكل تهديداً مباشراً للمواقع الحساسة داخل إسرائيل. ولذلك، كان استهدافه محاولة واضحة لإفراغ الحزب من إحدى أبرز أدواته الاستراتيجية.
إبراهيم عقيل .. قائد قوة الرضوان:
إبراهيم عقيل هو القائد العسكري لقوة “الرضوان”، وهي وحدة النخبة في حزب الله، والمعروفة بتنفيذ العمليات الخاصة والمعقدة خلف خطوط العدو.
وتعتبر هذه القوة بمثابة العمود الفقري للقوة القتالية للحزب، حيث شاركت في العديد من العمليات النوعية في سوريا ولبنان.
استهداف عقيل يعني بشكل مباشر إضعاف القدرة الهجومية لحزب الله، لا سيما أن “قوة الرضوان” كانت تعتبر إحدى الأدوات الحاسمة في أي مواجهة محتملة مع إسرائيل.
واغتيال عقيل يعتبر ضربة استراتيجية للحزب، حيث يُعد من أبرز القادة الذين يمتلكون الخبرة العسكرية والتكتيكية اللازمة لتنفيذ المهام المعقدة.
علي رضا .. نائب قائد قوة الرضوان:
علي رضا، نائب قائد قوة الرضوان، هو الآخر كان هدفاً لهذه الحملة. يأتي اغتياله في إطار الجهود الإسرائيلية المتواصلة لتفكيك القوة القتالية لحزب الله، والتخلص من قياداتها العليا.
وعلاوة على ذلك، يُعد رضا من الشخصيات البارزة التي ساهمت في وضع خطط المواجهة مع إسرائيل، واغتياله يشير إلى أن إسرائيل تستهدف الآن ليس فقط القادة المباشرين، بل أيضًا الشخصيات التي تشرف على التخطيط الاستراتيجي داخل الحزب.
علي كركي .. قائد الجبهة الجنوبية:
علي كركي كان القائد العسكري للجبهة الجنوبية في حزب الله، التي تعتبر الجبهة الأكثر حساسية والأقرب إلى الحدود مع إسرائيل.
ويُعتبر كركي من القادة البارزين الذين نجحوا في تعزيز مواقع الحزب على الحدود، وضمان جاهزية القوات في حال نشوب أي تصعيد.
استهداف كركي يأتي في وقت حرج، حيث كانت الحدود الجنوبية تشهد توتراً غير مسبوق، واغتياله يعني أن إسرائيل تسعى إلى تعطيل قدرة الحزب على إدارة المواجهة المحتملة على هذه الجبهة الحساسة.
وسام الطويل .. المشرف على ملف التصنيع العسكري:
وسام الطويل كان يشرف على ملف التصنيع العسكري في حزب الله، وهو الملف الذي يعتبر من أكبر التحديات التي تواجه إسرائيل.
ويسعى الحزب منذ سنوات إلى تطوير قدراته الذاتية في التصنيع العسكري، بغية تحقيق الاكتفاء الذاتي في هذا المجال، والاستغناء عن الاعتماد على الخارج في تأمين الأسلحة.
اغتيال الطويل يُظهر بوضوح أن إسرائيل تدرك أهمية هذا الملف، وتسعى إلى تعطيل جهود الحزب في تحقيق تفوق تقني يمكن أن يغير موازين القوى.
كما أن اغتياله يعتبر ضربة كبيرة للقدرات التصنيعية للحزب، لا سيما في ظل تزايد الحديث عن تطوير أسلحة نوعية مثل الطائرات بدون طيار والصواريخ الدقيقة.
أحمد وهبي .. المسؤول عن وحدة التدريب المركزي:
كان أحمد وهبي المسؤول عن تدريب كوادر الحزب، وهو الذي أشرف على العديد من برامج التدريب المتطورة التي استهدفت إعداد مقاتلي الحزب لمواجهة الاحتلال. اغتيال وهبي يعني أن إسرائيل تسعى إلى تدمير القدرات البشرية للحزب، وليس فقط ترسانته العسكرية.
التدريب الذي كان يشرف عليه وهبي شمل مختلف أنواع الأسلحة والتكتيكات، من العمليات الخاصة إلى الحروب غير النظامية.
وبالتالي، فإن اغتياله يمثل ضربة مزدوجة لقدرة الحزب على إعداد مقاتليه بشكل جيد، وقدرته على تنفيذ عمليات نوعية في المستقبل.
محمد حسين سرور .. قائد العمليات العسكرية الجوية:
محمد حسين سرور كان مسؤولاً عن العمليات العسكرية الجوية في حزب الله، وهو الذي أشرف على تطوير قدرات الحزب في هذا المجال، بما في ذلك الطائرات بدون طيار.
وفي السنوات الأخيرة، اعتمد حزب الله بشكل متزايد على الطائرات بدون طيار في تنفيذ عمليات الاستطلاع وحتى الهجمات المباشرة.
اغتيال سرور يعني تعطيل قدرة الحزب على استخدام هذا النوع من التكنولوجيا العسكرية المتطورة، والتي أصبحت جزءًا أساسيًا من استراتيجياته الهجومية والدفاعية. كما أن استهدافه يشير إلى أن إسرائيل تعتبر هذا المجال أحد أكبر التهديدات التي يجب التعامل معها.
سامي طالب .. قائد قوة نصر:
سامي طالب كان يقود “قوة نصر”، وهي وحدة قتالية أخرى داخل حزب الله تتخصص في تنفيذ عمليات معقدة ومتقدمة.
واستهداف طالب يعتبر جزءًا من محاولة إسرائيل تفكيك الهياكل التنظيمية للحزب، والقضاء على القادة الذين يمتلكون الخبرة في تنفيذ العمليات الحساسة.
قوة نصر كانت تعتمد على عنصر المفاجأة والقدرة على التكيف مع الظروف المختلفة، واغتيال قائدها يعني أن إسرائيل تسعى إلى تقويض قدرة الحزب على تنفيذ العمليات الخاصة التي تعتبر جزءًا أساسياً من استراتيجياته.
محمد ناصر .. قائد قوة عزيز:
محمد ناصر كان قائد “قوة عزيز”، وهي وحدة أخرى داخل حزب الله تُركز على العمليات النوعية. اغتياله يأتي في سياق محاولات إسرائيل المستمرة لاستهداف القادة العسكريين للحزب، والقضاء على وحداته القتالية. قدرة ناصر على قيادة عمليات نوعية في ظروف صعبة جعلته هدفاً بارزاً.
هل تتوقف سلسلة الاغتيالات؟
تأتي هذه الاغتيالات في سياق تصاعد التوترات بين حزب الله وإسرائيل، لكنها تطرح تساؤلات حول مدى قدرة الحزب على الاستمرار في ظل هذه الضربات المتكررة.
ومن الواضح أن إسرائيل تعتمد على استراتيجية استهداف القادة الرئيسيين للحزب، بهدف إضعاف قدراته القيادية والتكتيكية.
في الوقت نفسه، يبقى السؤال الأبرز: هل ستتوقف سلسلة الاغتيالات عند هذا الحد، أم أن الاحتلال سيواصل استهداف المزيد من القيادات البارزة في الحزب؟
يعتمد الجواب على عدة عوامل، منها مدى قدرة الحزب على التكيف مع هذه التحديات، ونجاحه في إعادة بناء قدراته القيادية والعسكرية.
فمن الواضح أن إسرائيل تسعى إلى تحقيق أهداف بعيدة المدى من خلال سلسلة الاغتيالات الأخيرة، حيث تهدف إلى إضعاف قدرات حزب الله وخلق حالة من الفوضى داخل صفوفه.
وفي المقابل، يبقى التحدي الأكبر أمام الحزب هو مدى قدرته على الصمود والتكيف مع هذه التحديات، خاصة في ظل المت