قوات الأمن تُعرّض وزير العدل السابق للعنف الشديد والتعذيب
(24 سبتمبر 2024، نيويورك): دعت منظمة “DAWN” اليوم الحكومة التونسية إلى إنهاء سجنها التعسفي وسوء معاملتها لوزير العدل السابق نور الدين البحيري فورًا، مشيرة إلى أن حياته في خطر بسبب الإهمال الطبي والإصابات التي تعرض لها على يد قوات الأمن.
وقالت المنظمة إن محاكمة البحيري بناءً على أدلة مزيفة بوضوح لدعم تهمة تتعلق بحرية التعبير تعتبر تعسفية وغير قانونية، حتى لو كانت التهمة صحيحة، وتعكس نمطًا واسعًا من الهجمات السياسية الانتقامية ضد قادة المعارضة السياسية في البلاد.
وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لمنظمة “DAWN”: “حتى إذا كانت الأدلة المزيفة التي قدمتها النيابة صحيحة – وهي مجرد منشور على فيسبوك يدعو إلى المقاومة ضد الانقلاب – فهي لا تقدم أي أساس قانوني لسجن البحيري،
ناهيك عن التعذيب الجسدي الوحشي الذي تعرض له على يد قوات الأمن التونسية. سجن البحيري لا يدل سوى على مدى استخدام ديكتاتورية قيس سعيّد لسلطة الدولة في اضطهاد خصومها السياسيين”.
محاكمة تعسفية وغير قانونية
اعتقلت قوات الأمن التونسية البحيري في 23 فبراير 2023 دون مذكرة توقيف، وتم احتجازه أولاً في مكان غير معترف به للاحتجاز في ثكنة بوشوشة، ثم في سجن المرناقية، حيث لا يزال مسجونًا.
وفي محاكمته المستمرة، وجهت إليه النيابة تهمة محاولة الإطاحة بالحكومة عبر منشور على فيسبوك تقول إنه مزيف، وهو ما ينفي البحيري كتابته أو صحة المنشور. أجرت “DAWN” مقابلات مع أفراد من عائلة البحيري وفريقه القانوني في 5 أغسطس وراجعت ملفات المحكمة المتاحة والأدلة.
وقالت ويتسن: “من الواضح تمامًا أن التهم الموجهة إلى البحيري مفبركة من قبل نظام قيس سعيّد الاستبدادي في محاولة أخرى لاستهداف من يعتبرهم أعداء للرئيس. حتى إن الدولة لم تحاول أن تجعلها مقنعة”. وأضافت: “حتى لو لم يكن المنشور على فيسبوك ملفقًا،
فإن احتجازه بسبب هذا المنشور المزعوم يعد انتهاكًا للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وميثاق الاتحاد الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، وهما اتفاقيتان صادقت عليهما تونس”.
في 16 أبريل 2024، وجهت الدائرة الجنائية بمحكمة النقض التونسية تهمًا رسمية إلى البحيري بمحاولة “تغيير شكل الحكومة؛ أو تحريض الناس على حمل السلاح ضد بعضهم البعض؛
أو إثارة الفوضى أو القتل أو النهب على الأراضي التونسية”، وهي جرائم يعاقب عليها بالإعدام وفقًا للمادة 72 من قانون العقوبات. كدليل على اتهامهم، ادعت المحكمة التونسية أن البحيري نشر منشورًا تحريضيًا على فيسبوك.
وقد نفى البحيري مرارًا تأليفه لهذا المنشور، كما خلص الخبير الفني الذي طلبته المحكمة نفسها إلى أن البحيري لم يكتب المنشور.
في مقابلة مع “DAWN” في 5 أغسطس، قالت سعيدة العكرمي، زوجة البحيري ومحامية عضو في فريقه القانوني: “لقد قدموا فقط لقطة شاشة؛ قالوا، ها هو، لقد كتبه.
على الرغم من أن البحيري أكد عدة مرات أنه لم ينشر أي منشور من هذا القبيل، فإن قاضي التحقيق لم يقبل هذا”. وأكدت أن لقطة الشاشة للمنشور وترجمته إلى الإنجليزية، المنشورة أدناه، لا تبدو بشكل واضح مثل منشور مباشر على فيسبوك.
في 5 يونيو 2024، عقدت المحكمة الابتدائية جلسة محاكمة حيث أشار فريق الدفاع عن البحيري، الذي يتألف من أكثر من 70 محاميًا، بمن فيهم زوجته، إلى المخالفات الإجرائية في المحاكمة وإخفاق السلطات في إثبات أي جريمة ضد البحيري.
في نهاية الجلسة، صادرت المحكمة الابتدائية ملف القضية، مما جعل الأدلة غير متاحة للمراجعة. وستعقد الجلسة التالية في 27 سبتمبر، حيث ستنظر المحكمة في الشكاوي المقدمة من البحيري المتعلقة بالتعذيب.
العنف الجسدي وسوء المعاملة في السجن
خلال اعتقاله، تعرض البحيري للتعذيب والعنف الجسدي الشديد على يد ضباط الأمن التونسيين، مما أدى إلى كسر عدة عظام وزيارات متكررة إلى المستشفى وخضوعه لعدة عمليات جراحية، كما أكدت الهيئة الوطنية التونسية للوقاية من التعذيب في تقريرها عن سوء معاملته.
وقالت ويتسن: “إن التعذيب والعنف الذي تعرض له البحيري على يد قوات الأمن التونسية صادم وغير معقول، ويجب محاكمة وسجن المسؤولين عن هذه الجرائم البشعة”. وأضافت: “لقد وصلت حكومة قيس سعيّد إلى مستوى غير مسبوق من الوحشية في الانتقام السياسي البسيط ضد وزير العدل السابق”.
الإهمال الطبي والتدهور الصحي المستمر
يتعرض البحيري للإهمال الطبي المستمر في السجن، حيث يعاني من مضاعفات صحية خطيرة بسبب التعذيب وإضرابه عن الطعام. في أكثر من مناسبة، رفضت السلطات توفير الرعاية الطبية اللازمة له، مما أدى إلى تفاقم حالته الصحية.
“يتعرض البحيري لخطر كبير، وكل يوم يُترك فيه دون علاج طبي مناسب يزيد من خطر فقدان حياته”، قالت ويتسن. “يجب على السلطات التونسية أن توفر الرعاية الطبية الفورية للبحيري وأن تفرج عنه فورًا”.