غياب معظم الجامعات المصرية عن قمة الإبداع العلمي: صدمة قائمة ستانفورد
في خطوة أثارت الكثير من التساؤلات والقلق، أصدرت جامعة ستانفورد الأمريكية قائمة بأسماء أعلى 2% من العلماء الأكثر استشهادًا في العالم عبر مجموعة متنوعة من التخصصات العلمية.
لكن المفاجأة الكبرى كانت في غياب معظم الجامعات المصرية والمراكز البحثية عن هذه القائمة المرموقة، مما يثير علامات استفهام حول الوضع العلمي في البلاد وقدرتها على المنافسة العالمية.
تصدر المركز القومي للبحوث القائمة المصرية، حيث جاء في المرتبة الأولى بوجود 100 باحث، متجاوزًا بقية الجامعات التقليدية التي اعتدنا على اعتبارها رائدة في المجال الأكاديمي.
تلاه جامعة القاهرة بعدد 76 باحثًا، وجامعة المنصورة بـ 60 باحثًا، وجامعة عين شمس التي حققت 58 باحثًا.
وفي حين أن هذه الأرقام قد تبدو مريحة على السطح، فإن الإحصائيات تكشف عن حقيقة أكثر تعقيدًا، حيث أن العدد الكلي للباحثين المتواجدين في هذه القائمة من الجامعات المصرية لا يعكس مستوى البحث العلمي في البلاد.
فبالنظر إلى الأرقام، نجد أن جامعة الزقازيق ومنطقة الغربية تتساويان مع جامعة المنصورة بـ 51 باحثًا، في حين حققت جامعة طنطا 48 باحثًا.
ومن جهة أخرى، كانت جامعة الأزهر أقل بكثير مما هو متوقع، حيث تواجد بها 43 باحثًا فقط.
وجامعة بني سويف وجامعة بنها، كذلك لم تخرجا عن نطاق الـ 29 و25 باحثًا، على التوالي. ومع هذه الأرقام، يبقى السؤال: كيف يمكن تفسير هذا الغياب الملحوظ للجامعات الكبرى والمراكز البحثية الأخرى؟
تؤكد القائمة أنه تمت الإشارة إلى 24 باحثًا من مركز بحوث وتطوير الفلزات، و11 باحثًا من جامعة السويس، و10 باحثين من جامعة الفيوم.
وهذه الأرقام تشير إلى أن معظم الجامعات التقليدية لم تحقق المستوى المطلوب، مما يعكس مشاكل هيكلية في النظام التعليمي والبحثي في مصر.
فالتحديات التي تواجهها الجامعات المصرية لا تقتصر فقط على عدم التواجد في القائمة، بل تمتد إلى مشكلات تتعلق بالتمويل، وتطوير المناهج، وعدم التركيز على البحث العلمي كجزء أساسي من العملية التعليمية.
تعتمد جامعة ستانفورد في تصنيفها على قاعدة بيانات Scopus، وهي منصة موثوقة تتيح الوصول إلى مؤشرات متعددة تعكس جودة البحث العلمي.
وتشمل هذه المؤشرات عدد الاستشهادات التي تلقاها الباحثون من مؤلفين آخرين، بالإضافة إلى مؤشر H الذي يقيم تأثير الأبحاث.
وبالرغم من أن أكثر من 210 ألف عالم من 167 دولة حول العالم تم تضمينهم في هذه القائمة، فإن استبعاد معظم الجامعات المصرية يطرح تساؤلات جدية حول فعالية المناهج التعليمية والقدرات البحثية.
يمكن أن يعود هذا الغياب إلى عدة أسباب، منها نقص التمويل الحكومي للبحث العلمي، وتوجه الجامعات نحو الأبحاث التجارية بدلاً من الأبحاث التي تعود بالنفع على المجتمع.
بالإضافة إلى ذلك، يبدو أن هناك نقصًا في التوجيه والإرشاد للباحثين الشباب، مما يؤثر سلبًا على قدرتهم على المنافسة في الساحة الدولية.
عندما ننظر إلى مجمل الوضع، نجد أن التحديات لا تقتصر فقط على الأرقام، بل تعكس أيضًا واقعًا مريرًا يحتاج إلى إعادة تقييم شامل.
وتتطلب الحاجة الملحة إلى إصلاحات جذرية في كيفية تمويل وتعزيز البحث العلمي في الجامعات المصرية، وإعادة توجيه التركيز نحو البحث الذي يحقق فائدة للمجتمع بدلاً من الأبحاث التي تخدم الأغراض التجارية فقط.
في ظل هذه الظروف، يبرز سؤال أساسي: كيف يمكن للجامعات المصرية أن تعيد بناء سمعتها على المستوى الدولي؟ الإجابة ليست بسيطة،
ولكنها تتطلب إرادة سياسية حقيقية، وخطط عمل واضحة، واستراتيجيات شاملة تهدف إلى تعزيز البحث العلمي، وتوفير بيئة ملائمة للابتكار.
ويجب على الجميع من أكاديميين وصناع قرار ومؤسسات تعليمية أن يتكاتفوا للعمل على إعادة بناء الثقة في النظام التعليمي والبحثي في مصر.
وإذ أن الغياب عن قائمة ستانفورد ليس مجرد فشل فردي، بل هو فشل جماعي يعكس أزمة حقيقية في الفكر العلمي المصري.
وإن الأمل في تحسين هذا الوضع يتطلب العمل الجاد والمستمر، والخروج من حالة الركود إلى رحابة الإبداع والابتكار.