تقارير

الفساد ينهش زراعة القطن في أسيوط: من 12 قنطار إلى 2 قنطار!

في محافظة أسيوط، حيث كانت تُعتبر زراعة القطن رمزًا للرخاء والازدهار، أصبحت الصورة قاتمة جدًا. انخفضت إنتاجية الفدان من 11 و12 قنطارًا في الأعوام السابقة إلى 4 و2 قنطار في عام 2024.

وما الذي حدث؟ كيف يمكن أن نبرر هذا الانحدار الكارثي الذي تراجع بنا إلى الوراء؟ من المسؤول عن هذا الوضع المأساوي؟

وهذا السياق موقع “أخبار الغد“، يرصد آراء المواطنين والمختصين والمهتمين، ونُسلط الضوء على قضايا الفساد التي تنخر في جسد الزراعة المصرية.

واقع زراعي مرير

تجولت في قرى محافظة أسيوط، حيث يسود جو من القلق والاستياء. يروي الفلاح المصري، محمد عبد الله، عن مأساته: “كنا نزرع القطن في مواعيد مناسبة، ولكن هذا العام لم نجد بذورًا.

زرعنا في أول مايو، وبتنا ننتظر السماد الذي لم يصل في الوقت المحدد. وكل شيء ساء، حتى الطقس لم يكن معنا.” تتجلى معاناته في عينيه، حيث يحمل آمالًا محطمة بمستقبل زراعي لا يبدو مبشرًا.

أسباب الأزمة

تأخر مواعيد الزراعة:
تعود معظم مشاكل الفلاحين إلى تأخر مواعيد الزراعة بسبب عدم توافر البذور في الوقت المناسب.

وفي السنوات السابقة، كانت البذور متاحة قبل مواعيد الزراعة المحددة، مما ساهم في تحقيق إنتاجية مرتفعة. لكن هذا العام، لم تكن هناك بذور متاحة إلا في مايو، مما أثر سلبًا على نمو النبات.

نقص الأسمدة:
كما أشار عبد الله إلى نقص الأسمدة في المراحل الأولى من نمو النبات. وقد كان هذا نقصًا غير مسبوق، حيث كان الفلاحون يعتمدون على الأسمدة لتغذية محاصيلهم في الوقت المناسب.

وبدلاً من ذلك، واجهوا تأخيرات غير مبررة في توفر الأسمدة، مما أثر على جودة وكمية الإنتاج.

العوامل الجوية:
لم تكن الظروف الجوية في صالح الفلاحين هذا العام. مع ارتفاع درجات الحرارة وعدم توفر المياه في الوقت المناسب، واجه القطن تحديات كبيرة.

ويقول المهندس الزراعي أحمد علي: “المناخ غير مستقر هذا العام، ولم يكن لدينا الوقت الكافي للتعامل مع التغيرات المفاجئة.”

آراء المواطنين

لم تقتصر الشكاوى على الفلاحين فقط، بل امتد الإحباط إلى الأهالي في القرى. تقول فاطمة محمود، ربة منزل: “نحن نعتمد على القطن كمصدر دخل أساسي.

وإذا انخفض الإنتاج، فإن العائلات ستعاني من الفقر والجوع. كيف سنعيش بدون القطن؟”

تتحدث آراء أخرى عن الفساد المستشري في إدارة الزراعة. يقول المواطن كريم عادل: “هناك فساد في كل مكان.

والحكومة تقول إنها تدعم الفلاحين، ولكن أين الدعم؟ نرى فقط الوعود، ولا شيء على أرض الواقع.”

المختصون يتحدثون

لم يكن من الممكن تجاهل آراء الخبراء والمختصين. يوضح الدكتور حسين فاروق، أستاذ زراعة، أن “الانخفاض الحاد في الإنتاجية يعود إلى تراكم عدة عوامل،

بدءًا من إدارة الفساد وانتهاءً بتقلبات المناخ. يجب على الحكومة أن تتدخل لحل هذه المشاكل، وإلا سنرى المزيد من الانحدار.”

كما أشار الدكتور فاروق إلى أهمية التعاون بين الفلاحين والجهات المعنية. “لا يمكن للفلاحين أن يعملوا بمفردهم. يحتاجون إلى دعم حكومي حقيقي، وليس مجرد وعود.”

الفساد في دوائر الزراعة

لا يمكن إنكار أن الفساد يلعب دورًا رئيسيًا في هذه الأزمة. يتحدث الكثير من الفلاحين عن الوساطات والمحسوبية في توزيع البذور والأسمدة. يقول الفلاح سامي حسين: “نرى أشخاصًا يحصلون على ما يحتاجونه من دون أي عناء، بينما نحن نعاني. أليس من حقنا الحصول على ما نستحقه؟”

تجسد هذه الشهادات صورة قاتمة للواقع الزراعي في أسيوط، حيث الفلاحون يشعرون بأنهم مغلوب على أمرهم أمام الفساد الذي ينخر في هياكل النظام.

نداء للمسؤولين

تتزايد الدعوات إلى المسؤولين لاتخاذ إجراءات فورية لحل هذه الأزمة. ينادي الفلاحون والمواطنون بضرورة مراجعة السياسات الزراعية وتقديم الدعم الكافي للفلاحين.

ويقول المهندس الزراعي علي: “يجب أن تُعاد هيكلة إدارة الزراعة، وتوفير البذور والأسمدة في المواعيد المحددة.”

الأسئلة المعلقة

تظل الأسئلة مطروحة: هل سيتدخل المسؤولون لحل هذه الأزمة؟ هل ستنجح الحكومة في استعادة ثقة الفلاحين والمواطنين؟ وما هي الخطوات الفعلية التي ستتخذ لإصلاح هذا الواقع المرير؟

نداء عاجل لإنقاذ زراعة القطن: المستقبل على المحك

مع تزايد الاحتجاجات والشكاوى، يبدو أن مستقبل زراعة القطن في محافظة أسيوط يواجه تهديدًا حقيقيًا. لقد حان الوقت ليأخذ المسؤولون الوضع على محمل الجد.

وإذا استمرت الأمور على هذا المنوال، فقد نرى أزمة زراعية تفوق ما شهدناه حتى الآن، وسيكون من الصعب على الأسر أن تعيش في ظل تراجع مستمر في الإنتاجية.

ندعو كل من يهمه الأمر، سواء كانوا مسؤولين أو مختصين أو مواطنين، إلى العمل معًا لإيجاد حلول عملية لهذه القضايا. فالوقت يداهمنا، والقطن لا ينتظر.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى