تقارير

الصرف الصحي في أسيوط: مشروع المليارات الغائب والفساد الحاضر

تُعد مشروعات الصرف الصحي واحدة من أهم استثمارات الدولة في تحسين صحة المواطنين وظروف حياتهم.

ولكن في محافظة أسيوط، يبدو أن المشروع الذي تم الإعلان عنه بأنه سيحدث ثورة في البنية التحتية قد تحول إلى كابوس مزعج.

رغم إنفاق مليارات الجنيهات، إلا أن المواطنين ما زالوا يعانون من الواقع المرير المتمثل في ضعف الخدمات وشبكات الصرف المتداعية.

وفي هذا السياق موقع “أخبار الغد” يستعرض تفاصيل فشل مشروع الصرف الصحي في أسيوط، بينما نكشف الستار عن فساد يعصف بكل آمال التنمية.

واقع مرير في شوارع أسيوط

تجاوزت مشكلات شبكة الصرف الصحي كل الحدود في أسيوط، حيث تسببت تسريبات المياه المسرّبة في اكتظاظ الشوارع بالبرك والمياه الآسنة.

ويقول محمد بهاء، أحد سكان الأيواء حي “عرب المدابغ”: “عانينا من رائحة الصرف مياه الصرف الصحي رويحة مريعة، ونحن نعيش يوميًا مع ذلك. نحن نرى المعاناة كل يوم، وللأسف، لا يبدو أن الأمور تتحسن”.

الفساد في عمل المشروع

تتحدث العديد من الشهادات والأسواق عن الفساد المستشري في المشروع. دكتور أحمد جلال، خبير في إدارة المياه،

يروي لنا قصة مثيرة: “كان من المفترض أن يكون هناك تقديم واسع للموارد، لكن العديد من الشركات تورطت في كسب الأموال من خلال عدم الالتزام بالمواصفة، مما أضعف النظام بشكل كامل”.

أين تذهب الأموال؟

تساؤلات كثيرة تُثير القلق حول مصير الأموال الضخمة المرصودة للمشروع. تشير التقارير إلى أن نسبة كبيرة من الميزانية قد ذهبت إلى جيوب الفاسدين.

تقول نجلاء سمير، ناشطة بيئية: “مع وجود ميزانية تُقدر بمليارات الجنيهات، يجب أن نشهد تغييرات محسوسة. لكن عندما نستقي المعلومات، نجد أن الأرقام غير متطابقة والنتائج مخيبة للآمال”.

حكايات المعاناة اليومية

تتجلى المعاناة الحقيقية في حياة المواطنين. تشير لميس يوسف، ربة منزل، إلى تدهور الوضع: “انتقلت إلى هذا الحي لأجد نفسي محاطة بأكوام من القمامة والمياه الآسنة. اعتقدت أنني أعيش في منطقة متطورة، لكن الأمور أصبحت أسوأ”.

الشهادات الطبية والتحذيرات الصحية

يُلاحَظ ارتفاع حالات الأمراض المرتبطة بضعف الصرف الصحي، مما يُدق ناقوس الخطر.

دكتور حاتم الفقي، أخصائي الصحة العامة، يؤكد: “الأطفال وغيرهم من المواطنين يتعرضون لمشكلات صحية مثل الالتهابات المعوية والأمراض الجلدية نتيجة تلوث المياه”.

وتضيف إحدى الطبيبات، دكتورة شذى حسني: “المسؤولون يجب أن يكونوا أكثر وعيًا بالآثار الصحية الناتجة عن هذا الوضع”.

دعوات للإصلاح والمحاسبة

خطوط التطوير لم تجد طريقها إلى أسيوط بعد، إذ يرتفع صوت المطالبين بالتحقيق مع المسؤولين.

يقول عادل زكريا، أحد أعضاء حزب الوفد، “يجب أن نتحرك بسرعة لترتيب أوضاع الفساد. لا يمكن أن نتسامح مع حكومات وشركات تأخذ الأموال ثم تُهمل الخدمات”.

المسؤولون والاعتذارات المستمرة

في مقابل كل هذا، يظهر المسؤولون في موقع رد الفعل دائمًا. يتحدث أحد المسؤولين في هيئة الصرف الصحي، المهندس عماد يحيى، حول مشكلات تأخر العمل، “نحن نعمل بجد لحل المشاكل، لكن العقبات كثيرة.

لدينا ميزانية ونحتاج إلى وقت لتنفيذ جميع المشاريع”. بينما يتساءل المواطنون أين ذهبت هذه الميزانية؟

صوت الإعلام والمجتمع المدني

تتمتع وسائل الإعلام بعلاقة وثيقة مع القضايا المختلفة، وهي تلعب دورًا حاسمًا في تسليط الضوء على الظلم والإصلاحات الضرورية.

ويقول الناشط الحقوقي أحمد سمير: “نحن نعمل على توعية المواطنين حول حقوقهم ومتابعة أداء الحكومة. هناك حاجة ملحة لتسليط الضوء على تلك القضايا”.

التكنولوجيا كأداة لتحسين الخدمات

اعتبر العديد من الخبراء أن استخدام التكنولوجيا الحديثة كفيل بمساعدة التنمية. يقول المهندس سامي العربي: “يمكن أن تسهم تقنيات إدارة النفايات والصرف الصحي الحديثة في رفع كفاءة الخدمات. لدينا تكنولوجيا تستطيع تحويل الوضع بالخدمات التي تُقدم”.

خطة التحرك للأمام

يحتاج السكان والشخصيات العامة إلى الخروج بخطة عمل فعّالة. المشاريع يجب أن تُنفذ بشفافية، ويجب أن يتم التعويض من الفاسدين.

دكتور شريف الغزالي، خبير في تطوير المجتمع، يعبر عن رأيه: “إن الوعي الجماعي للشعب سيكون مفتاح التحول. يجب أن يطالب الجميع بنظام للتحقق ومنع الفساد”.

دعوات الشركات النزيهة للاستثمار

يجب أن يُفتح التحول على الاستثمارات العامة، مع التأكيد على ضرورة مشاركة الشركات النزيهة.

يقول رئيس أحد الجمعيات التنموية، حسام عفيفي: “إذا جُعلت المعايير واضحة، يمكننا استقطاب شركات تعمل بأمانة لإنجاز المشاريع”.

فشل مشروع الصرف الصحي في أسيوط يمثل جرس إنذار

في النهاية، فإن فشل مشروع الصرف الصحي في أسيوط يمثل جرس إنذار. الأمر لم يعد يتعلق بمشكلة بنيوية فقط، بل هو قضية تعكس حجم الفساد والتجاوزات التي تؤثر على حياة المواطنين بشكل مباشر.

ويجب أن يسعى المجتمع إلى رسم ملامح جديدة لنظام يُحسن مستوى الحياة، إن لم يكن اليوم، فغدًا ليكون غدًا أفضل للأجيال القادمة.

نحتاج إلى صرخات مدوية تطالب بالتغيير، ليس من أجل المياه النظيفة والصحية فقط، بل من أجل بناء مجتمع قوي ومتوازن.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى