تقارير

الاستيلاء على أملاك الدولة في الوادي الجديد: مَن يقف وراء تفويت الأراضي العامة

تدور في الأفق في الوادي الجديد ظلال فساد تهدد الأراضي العامة بالانهيار تحت وطأة انعدام النزاهة.

ومن خلال تجاوزات وإجراءات مشبوهة، نجد أن مسؤولين ورجال أعمال يتحكمون في أراضي الدولة كأنها ملك خاص بهم، مما يجعل المجتمع في حالة من الغضب والاستنكار.

وفي هذا السياق موقع “أخبار الغد“، يستعرض مشاكل الاستيلاء على أملاك الدولة، ونسلط الضوء على تصريحات المواطنين والمختصين، لنتعرف على الأطراف المعنية ومن يقف خلف هذا العبث.

حقائق مقلقة

يعد الاستيلاء على أراضي الدولة واحدة من أكثر القضايا شائعة في الوادي الجديد، حيث شهدت الأراضي المشتركة تحولًا كارثيًا.

ويقول عبد الله بيومي، مزارع من “قرية الديبا”، “لقد أصبحت تتعرض أراضينا للاحتلال من قبل رجال أعمال وأقارب لمسؤولين. نحن هنا نعاني من ضياع حقوقنا بينما هم ينهبون الأراضي”.

أصبحت البدائل المطروحة لمواجهة هؤلاء المتجاوزين أمرًا صعبًا، حيث يخشى المواطنون من ردود أي فعل في حال تحدثوا عن القضايا المثارة.

وتناقشنا مع رياض أسامة، محامي حقوقي، الذي أكد: “إن انعدام الثقة بالأجهزة القانونية يجعل من الصعب إيجاد حلول لمشاكل مثل الاستيلاء على أملاك الدولة. وبدون إرادة سياسية حقيقية، لن نرى أي تغيير”.

الأرقام تتحدث

تتحدث التقارير المحلية عن زيادة ملحوظة في نسبة الاستيلاء على أراضي الدولة خلال السنوات الأخيرة.

حيث تشير التقديرات إلى أن حوالي 20% من الأراضي الزراعية العامة في الوادي الجديد تم الاستيلاء عليها، مما يُسجل سابقة خطيرة في تاريخ المنطقة. يشعر المجتمع بأن هناك تواطؤًا واسع النطاق، مما جعل المسألة تأخذ أبعادًا أكبر.

فساد في الموقع

إحدى القضايا المثيرة للاهتمام هي الاستيلاء على الأراضي في منطقة “الفرافرة”، التي شهدت تحولات متسارعة، حيث قام بعض الشخصيات العامة بتحويل أراضٍ زراعية إلى أراضٍ مستصلحة بطريقة غير قانونية.

تؤكد عايدة طلعت، ناشطة بيئية، على قلقها: “هؤلاء الأشخاص يفكرون فقط في الأرباح، ولا يهمهم المستقبل أو الأجيال القادمة، لقد دمروا البيئة وهم لا يشعرون بذلك”.

تقصير الحكومة واستجابة المواطنين

من الواضح أن الحكومة تعاني من التقاعس في استعادة حقوق الدولة. يقول محمد رشاد، أحد أهالي المنطقة، “ياترى مَن المسؤول في النهاية؟ لقد قمنا بتقديم شكاوى كثيرة لكن لا حياة لمن تنادي”.

بينما أشار معاون وزير الزراعة سابقًا، دكتور علي محفوظ، إلى وجود خيوط فساد عميقة تجعل تحقيق العدالة أمرًا صعبًا: “لا يمكن أن نبني ثقة إذا لم يتم التعامل مع قضية الاستيلاء بحزم”.

دور القانون وغياب الرقابة

الأمر الأكثر إثارة للدهشة هو أن القانون يُستخدم كأداة لتبرير هذا الاستيلاء بدلاً من مرجعية للمعاقبة. تتحدث ابتسام سرور، خبيرة قانونية، فقالت: “هناك ثغرات قانونية كبيرة يتم استغلالها، وعادة ما يتم تحييد القانون لصالح أصحاب النفوذ”.

ويُشير ذلك إلى وجود حلقات مفقودة في النظام القضائي لا تدين ممارسات تجاوزات الأراضي.

أصوات النواب والمختصين

لم ينقص من الموضوع أهمية البرلمانيين الذين يعتبرون دورهم حيويًا في تحقيق العدالة. يقول النائب حسن جودة، “نحن في البرلمان سنقوم بمسؤوليتنا، للمطالبة بتعديل القوانين وتضييق الثغرات المستغلة، لكن مطالبنا تحتاج إلى دعم الشعب”.

بينما دعم النائب ناصر كمال فكرة التواصل بين المواطنين والسلطات لمعالجة هذا الهم: “المواطنون هم أعيننا على الأرض، ويجب أن يعرفوا أن صوتهم مسموع”.

الفساد الاقتصادي واعتقال كبار المسؤولين

بالتزامن مع تلك الانتهاكات، عززت السلطات جهودها لمحاربة الفساد المالي، مع اعتقال عدد من المسؤولين الذين تم اتهامهم بالاستيلاء على الأراضي العامة.

دكتور طارق السيد، خبير في الشؤون الاقتصادية، قال: “عندما نرى اعتقالات، يمكن أن يكون هذا بداية لتطهير المناخ الفاسد. لكن يجب ألا نكتفي بالعقوبات الرمزية”.

الأثر على المجتمعات المحلية

مع تزايد الفساد، فقد أصبح تأثير ذلك واضحًا على المجتمعات المحلية. تظهر العديد من الأسر في الوادي الجديد مُحاصَرة بسبب فقدان أراضٍ تاريخية، وفي حالات عديدة، تم قطع سبل عيشهم.

يقول سعيد إسماعيل، مزارع، “لا أستطيع المضي قدمًا، قد قمت بنقل عائلتي إلى هنا، والآن نحن بلا أرض”. ويُبرز غياب الهوية الثقافية المرتبط بالأرض كأحد التحديات الكبيرة.

دعوات المواطنون إلى التغيير

يتصاعد الغضب الشعبي ليعيد الأمور إلى نصابها الصحيح. داعون بحملة ضد الفساد، حيث أظهر عزيز مطاوع، أحد المنظمين، أن الفساد يُعد بمثابة خنجر في ظهر المجتمعات.

“لن نقف مكتوفي الأيدي، بل سنتحرك معًا لإيجاد حلول جذرية والتصدي لتجاوزات المسؤولين”.

مقترحات لإصلاح الوضع

ينادي الخبراء لإصلاح الجوانب القانونية وتعزيز الشفافية. دكتور طارق أحمد، أكاديمي، يقترح إنشاء هيئة مستقلة تتولى مسؤولية مراقبة الأراضي العامة، كوسيلة لمحاربة الفساد.

“نحتاج إلى آلية ملموسة لإدارة الأراضي، وعند بناء آلية فعالة، يمكننا الحد من تجاوزات المتنفذين”.

المستقبل: مواجهة وتغيير

ببساطة، هذه القضية ليست مجرّد صراع على الأراضي، بل هي مصلحة دافعة لحياة كريمة والعدالة الاجتماعية.

يبقى أمام الوادي الجديد فرصة للتغيير، وعليه تحقيق هذا التغيير من خلال الثقة الشعبية.

هل يُمكن للوادي الجديد أن يتخلص من براثن الفساد

ونستدعي دائمًا السؤال الأساسي: هل يُمكن للوادي الجديد أن يتخلص من براثن الفساد ويعيد الهوية لأراضيه العامة؟ الأمل موجود، والناس عازفون على إعادة بناء واقع يتناسب مع أحلامهم وطموحاتهم.

وإن المجتمع المدني، بمؤسساته وأفراده، يجب أن يتوحد لمواجهة هذه الانتهاكات، والعمل بشكل جماعي لتحقيق مستقبل أفضل للجميع.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى