تقارير

الرعاية الصحية الخاصة بأسيوط: المستشفيات بين جشع المستثمرين وفساد الرقابة

في السنوات الأخيرة، شهدت محافظة أسيوط ارتفاعًا ملحوظًا في عدد المستشفيات الخاصة، لكن هذا التوسع لم ينسف حقيقة مرعبة: جشع المستثمرين وفساد الرقابة.

ومشهد الكوادر الطبية المعلبة في مباني مبهرة يقابله واقع مرير من الخدمات السيئة والأجور المرتفعة، مما يُظهر انعدام العدالة في توزيع الخدمات الصحية.

ويعدّ هذا التحقيق محاولة لفتح نقاش واسع حول تلك الأزمة، من خلال عرض آراء المواطنين والمختصين حول وضع الرعاية الصحية الخاصة في أسيوط.

واقع الرعاية الصحية الخاص

خلال جولتنا في بعض المستشفيات الخاصة، تبيّن أن معظمها لا يعبأ بتوفير الرعاية الصحية الكافية وفقًا للمقاييس المطلوبة.

وتتحدث هالة محمود، مريضة تعاني من مشاكل صحية مزمنة، قائلةً: “ذهبت إلى مستشفى خاص انتظارًا للعلاج، لكنهم عرضوا علي أسعارًا مبالغ فيها، ثم تم إخباري بأنه لا يوجد طبيب متوفر. مستشفيات تغرق في الفوضى بينما يتقاضى الأطباء أجرًا مرتفعًا”.

تظهر تلك الشهادات بشكل واضح المعاناة التي يعانيها المرضى بسبب نقص الرقابة وعدم كفاية الخدمات.

جشع المستثمرين في القطاع الصحي

علّقت دكتورة سارة عزمي، خبيرة في الاقتصاد الصحي، على واقع المستشفيات الخاصة في أسيوط: “الكثير من المستشفيات أصبحت تعمل كأدوات لجني الأرباح فقط. لا تُعتبر صحة المواطنين أولوية في نظر أصحاب الاستثمارات. نراهم يسعون للحصول على أكبر قدر من العائدات على حساب جودة الخدمات”.

توضح هذه التصريحات أن الغرض من وجود بعض المستشفيات الخاصة أصبح ماديًا فقط، مما يؤثر سلبيًا على تقديم الرعاية المناسبة للمواطنين.

المسؤولية الحكومية: ضعف الرقابة والفشل في المحاسبة

يُعتبر دور الحكومة غائبًا في هذا السياق. يقول الدكتور حمدي النمس، أستاذ جامعي في الطب: “الرقابة على المستشفيات الخاصة ضعيفة، وغالبًا ما تتجاهل المؤسسات الصحية وجود انتهاكات واضحة. يجب على الحكومة أن تتدخل بشكل حاسم، لكن الأمور تبقى كما هي، مما يؤكد الفساد الموجود”.

تُحذر هذه التحذيرات من تفشي الفساد، مع غياب الرقابة الفعالة.

آراء المواطنين: صرخات ضد الظلم

تتزايد أصوات المواطنين المطالبة بتحسين وضع الرعاية الصحية. تقول سمية الجزار، ربة منزل، “وزعت أموالي على أدوية باهظة الثمن، لكنني كنت أضطر لتكرار الذهاب إلى المستشفى بسبب عدم تشخيص حالتي بشكل جيد. ليست لدي القدرة على دفع أموال طائلة مرة بعد مرة”.

تشير تلك التعليقات إلى معاناة يومية يعيشها المواطن بسبب وضع الرعاية الصحية.

تأثير الجشع والفساد على صحة الفئات الضعيفة

تتجلى آثار هذا الفساد بشكل كبير على الفئات الضعيفة التي لا تمتلك القدرة المالية، مما يؤثر على حياتهم اليومية وصحتهم.

ويقول الدكتور مراد جمال، طبيب عام، “نرى أن المرضى الذين لا يتمكنون من دفع تكاليف العلاج يُهملون ويتعرضون لمخاطر صحية. هذه مسألة أخلاقية قبل أن تكون مسألة مالية”.

يؤكد ذلك على ضرورة إعادة تقييم النظام الأساسي للرعاية الصحية.

تحقيقات حول الفساد المستشري

يعتبر كل هذا بمثابة دعوة للقيام بتحقيقات رسمية حول قضايا الفساد داخل المستشفيات.

ويدعو عادل الفطناسي، ناشط حقوقي، إلى ضرورة إشراك المجتمع المدني في تلك التحقيقات. “لا يكفي إلقاء اللوم فقط، بل يجب استخدام الأدلة والشهادات من الداخل للقيام بتوثيق الانتهاكات”.

تؤكد هذه الدعوة على أهمية إشراك المجتمع المدني في جميع مجالات الرعاية الصحية.

التوجه نحو الإصلاح:. نماذج ناجحة من الخارج

بغض النظر عن الوضع الحالي في أسيوط، تُظهر نماذج دولية عدة إمكانية تحقيق التغيير.

ويقول دكتور يوسف الشرقاوي، خبير في السياسات الصحية: “بعض الدول تمكنت من تحسين نظامها الصحي من خلال تطبيق استراتيجيات تشمل زيادة الشفافية وتفعيل الرقابة والمساءلة”.

تعتبر هذه الدروس المستفادة الزاد المعنوي الذي يمكن أن يُستخدم نحو تحقيق الإصلاح.

إدراك المجتمع لأهمية تغيير النظام

يستشهد العديد من النشطاء بأهمية أن يكون للمواطنين صوت في عملية التغيير. تقول ليلى توحيد، ناشطة اجتماعية: “يجب على المواطنين أن يُرفعوا أصواتهم. الرعاية الصحية ليست مجرد خدمة، بل هي حق لكل إنسان. نحتاج للحفاظ على كرامة المرضى وصحتهم”.

هذه الرسالة تنطوي على قوة بعد إغفال الفترة الماضية.

صوت المسؤولين: الحاجة للمساءلة

تدعو العديد من الأصوات داخل الحكومة لتفعيل أدوات الرقابة والمراقبة. يقول الدكتور مصطفى جلال، مسؤول حكومي: “نحن نقوم بالعمل على وضع استراتيجيات جديدة لتحسين الرقابة، ويجب ألا نوفر الجهد في مجال الرعاية الصحية لضمان حصول المواطنين على حقوقهم”.

هذا التصريح يمثل أهمية كبيرة لتحقيق تجاوب فعلي.

تحسين الجودة: خطوة ضرورية

المستقبل يعتمد على تحسين الجودة حتى تُلبى الاحتياجات. يقول الدكتور عبد العزيز مجدي، خبير الجودة في المؤسسات الصحية: “الاستثمار في التدريب وتعليم الممارسين يمكن أن يؤدي إلى تحسين كبير في خدمات المستشفيات. يجب أن يصبح التصحيح هدفًا وطنيًا”.

تُعد تلك الخطوات جزءًا من الرحلة نحو الإنجاز الحقيقي.

العتبة الأخيرة: الانتقال إلى الحلول

والخطة يجب أن تشمل الحكومة، والمجتمع المدني، والمواطنين. يقول دكتور أحمد عبد اللطيف، أستاذ إدارة الأعمال، “ليس من الصعب إيجاد حلول مبتكرة. علينا شحذ همم الجميع لنكون جزءًا من عملية الانتقال لنظام عادل”.

يؤكد ذلك الحاجة إلى التركيز على الانسجام والتعاون.

تُظهر حالة الرعاية الصحية الخاصة في أسيوط وجود فساد متفشي

وتُظهر حالة الرعاية الصحية الخاصة في أسيوط وجود فساد متفشي يحرم المواطنين من الحصول على حقوقهم.

ومن الضروري أن يتحد الجميع حول رؤية خالية من الفساد، حيث تكون صحة المواطن ذات أهمية قصوى.

والإنصاف والعدالة الصحية هما السلاح الأقوى في وجه الجشع والتحايل. إن صوت كل فرد يُعَدّ ضروريًا من أجل التغيير، ويجب أن يتحول هذا الصوت إلى قوة دافعة نحو تحسين الأوضاع نحو الأفضل.

ومن خلال التكاتف والمشاركة، يمكن بناء نظام صحي يُعتمد عليه، حيث تحظى صحة كل مواطن بالاهتمام الذي تستحقه.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى