التعليم في أسيوط: قلة عدد المدرسين ومدارس متهالكة والفساد مستمر
تتناوب الأزمات لتطارد القطاع التعليمي في أسيوط، حيث يسجل مستوى التعليم تدهورًا متزايدًا على كافة الأصعدة.
تتعالت الأصوات، سواء من المواطنين أو الأكاديميين، لتنبه من واقع الفساد المستشري وقلة عدد المدرسين، مما ألقى بظلاله السلبية على العملية التعليمية.
وفي هذا السياق موقع “أخبار الغد“، يستكشف تفاصيل الوضع الراهن للتعليم في أسيوط، ويستعرض آراء متعددة تعبر عن الاستياء من الفساد الذي يعيق أي جهد لتحسين مستوى التعليم.
واقع التعليم المرير
تتجلى مظاهر التدهور في مدارس أسيوط بصورة واضحة؛ فالبنية التحتية متهالكة، والفصول مليئة بالطلاب الذين لا يجدون ما يكفي من الدعم التعليمي.
ويقول عادل مصطفى، ولي أمر أحد الطلاب: “أرسل ابني إلى المدرسة على أمل أن يتلقى التعليم الجيد، لكنه يعود دائمًا محبطًا. المعلمون ليسوا كافيين، والفصول مليئة، الوضع هنا لا يُطاق”.
مدرسة “التعليم الأساسي” في حي “الغربية” هي نموذج لمعيار التعليم المتدني. تقييمها يظهر الكارثة المتمثلة في تزايد أعداد الطلاب بالمقارنات مع نقل قليل وعدد معلمين ضعيف.
بينما يشير التقرير الصادر عن وزارة التربية والتعليم إلى أن نسبة عدد الطلاب إلى المدرسين تصل إلى 45:1 في بعض المدارس، مما يعكس أزمة حقيقية.
الفشل في تمويل التعليم
يتكرر التساؤل حول كيفية استنزاف ميزانية التعليم دون تحقيق نتائج ملموسة. دكتور جمال سلامة، أستاذ التربية، يقول: “من المؤلم أن نرى الحكومة تُخصص أموالًا ضخمة للتعليم، لكن منشآت التعليم متهالكة. يجب أن تكون هناك رقابة صارمة على كيفية إنفاق هذه الأموال”.
بينما أضافت دكتورة رانيا كامل، أستاذة التخطيط التعليمي، “الفساد المستشر في إدارة صندوق التعليم يمنع تسليم الأموال بالمكان الصحيح.
بدلاً من إنشاء مدارس جديدة وتحسين القائم منها، يتم تحويل الأموال لأغراض فساد مفاجئة”.
شهادات الطلاب والتجارب الشخصية
تظهر تجارب الطلاب حجم المشكلة بشكل جلي. تحدثت أماني أحمد، طالبة في الصف الثالث الإعدادي، عن معاناتها: “الفصول غير مهيأة، ومعدلات التعليم منخفضة.
ندرس أحيانًا مواد غير متناسقة. ليس لدينا إلا مواد أساسية فقط، بينما يتجه المدرسون إلى الدروس الخاصة فقط للأفضل”.
تشير تلك الكلمات إلى أن الوضع لا يقتصر على نقص المدرسين، بل يتعلق أيضًا بتدني مستوى المناهج الدراسية.
الفساد يعيق التحسينات
تؤكد البيانات المعلنة عن ميزانية التعليم وجودة العمل مع وجود شكاوى عديدة تعكس استمرار الفساد.
يتحدث أحمد زكريا، مهندس مختص في ادارة المشاريع، عن تجارب سابقة في التنمية التعليمية: “عند الشروع في مشاريع تحسين، كان يحدث دائمًا أن يتم تحويل الأموال. لقد شهدت مشاريع مُعدة للنهوض بالتعليم ولكن التصوير لم يُرَ إلى الواقع”.
خطط الحكومات السابقة وتأثيراتها
من الملفت النظر تجاهل الحكومات السابقة لتداعيات الفساد في القطاع التعليمي. يؤكد الدكتور طارق حسني، أكاديمي ومتخصص في الشؤون الحكومية، أن “إعادة هيكلة خطة التعليم تتطلب رؤية مستقبلية. الفساد يتطلب عواقب، وحالات تمويل المشاريع التعليمية تحتاج إلى تدقيق دقيق”.
تحركات المجتمع المدني
تسعى العديد من المنظمات الأهلية للضغط على الحكومة لتصحيح أوضاع التعليم. قالت دكتورة هالة نبيل، ناشطة في مجال حقوق التعليم: “نحن بحاجة إلى رفع وعي المواطنين حول حقوقهم التعليمية. الفساد في التعليم يحتاج لقوة حقيقية من المجتمع المدني للمطالبة بالتغيير”.
دور الإعلام في تسليط الضوء على الفساد
يقام دور هام للإعلام في كشف الفساد الإنشائي. يقول الصحفي وأحد المهتمين بالتعليم، حسام فودة: “يجب أن تُسلط الضوء على الفساد في التعليم. عندما يتحرك المواطنون للمطالبة بحقوقهم، يمكن أن نحدث تغييرًا حقيقيًا”.
البنية التحتية والتنمية المستدامة
تعتبر الأبنية التحتية واحدة من أكبر التحديات في أسيوط، ويؤكد المهندس محمد فرج، خبير تطوير البنية التحتية، أن غياب الأنظمة الجيدة في بناء المدارس بدلاً من الفوضى والتعطيل الذي يعانية الطور التعليمي هو السبب.
“إذا لم يتم استثمار أموال التعليم بحذر، فلن نركز فقط على الفساد ولكن على مستقبل الطلاب”.
الأثر على الطلاب والسكان
التأثيرات السلبية التي تعاني منها الطلاب تمتد إلى المجتمع ككل. يقول الدكتور حاتم ربيع، خبير نفسي، “التعليم السيء يؤذي نفسية الطلاب. في مدن مثل أسيوط، يفشل الأطفال في تحقيق أحلامهم بسبب عدم توفر فرص تعليم حقيقية. وهذا يؤثر في النهاية على كل شيء، من التواصل الاجتماعي إلى حالة المجتمع ككل”.
استجابة الحكومة وزيادة الضغط
يثار الجدل حول كيفية استجابة الحكومة للتحديات. يقول أحد المراجعين الحكوميين، المهندس عادل مرسي: “وزارة التعليم تعمل على إيجاد حلول. لكن يجب أن يكون هناك وقفة شجاعة ضد الفساد والتأكد من توريد الأموال لمكانها”.
نجح حديث نتبادل الرغبة في التغيير بين الحكومة والمجتمع المدني لخلق حركة اصلاحية.
مخططات المستقبل والتوجهات الجديدة
يجب أن تتضمن الخطط المستقبلية معايير ضغط على الموظفين. يتحدث الدكتور رامي المصطفى، خبير التعليم، عن دمج الابتكار في التعليم قائلاً: “يجب أن نتجه نحو تطوير المناهج وتطبيق الأساليب التعليمية الحديثة، وليس فقط كما كانت عليه الأمور في الماضي”.
تطوير برامج تدريب المعلمين
تدريب المعلمين يُعتبر نقطة حاسمة في تطوير العملية التعليمة. تقول دكتورة منى الرفاعي، المديرة العامة لأحد مراكز التدريب، “يعمل المركز على تقديم تعديل مناهج ورش تدريب دورية لتحسين مهارات المدربين وضمان تقديم تعليم متميز”.
دعوات الحس الوطني والإرادة الشعبية
الدعوات تعلو لتحقيق التعليم الأفضل في أسيوط. دعوات للمشاركة المجتمعية والعمل الجماعي تسعى للضغط على السلطات لتطبيق الإصلاحات المطلوبة.
“علينا أن نتكاتف من أجل تحقيق حقوق أبنائنا في تعليم جيد” تقول مريم منصور، ناشطة مجتمعية.
إيجاد حلول جذرية للنظام التعليمي في أسيوط
ويتعين على جميع الأطراف المعنية العمل معًا لإيجاد حلول جذرية للنظام التعليمي في أسيوط. هذا هو الوقت المناسب لإعادة التفكير في كيفية تعزيز التعليم وضمان أن الأموال تُستخدم بالغرض الذي تجلبت لأجله.
والتعليم هو الأساس الذي يمكن أن يبني مستقبل أفضل، والفساد لا يمكن أن يستمر في السيطرة. مع مرور الوقت، لابد لنا أن نترك أثرًا إيجابيًا لأجيالنا القادمة، ويجب أن نكون عازمين على التخلص من ظلم الفساد.