تقارير

مستنقع الفساد في نقابة المعلمين بالإسكندرية: كيف فقد المعلمون حقوقهم في أراضيهم

أكد عدد من المعلمين المتضررين وأعضاء من مجلس إدارة ملاك الأرض الخاصة بتقسيم المعلمين شرق، بالإسكندرية، أن نقابة المعلمين تورطت في ممارسات وصفت بـ”الفساد المالي والإداري”، بعدما تم الكشف عن مخالفات خطيرة تتعلق ببيع وتنازل غير مشروع عن أراضي المعلمين.

ويأتي هذا في ظل صراع مستمر بين الملاك والنقابة، التي يزعم أنها قامت بتوقيع عقود مع شركات استثمارية دون الرجوع إلى الملاك الشرعيين، مما أثار جدلًا واسعًا في الأوساط التعليمية والقانونية.

المعلمون المتضررون يتحدثون:

أوضح المعلم “ي. س.”، أحد الملاك المتضررين، أن نقابة المعلمين باعت الأرض الخاصة بهم بشكل قانوني منذ سنوات، وأشار إلى أن العقود التي حصل عليها المعلمون تُثبت ملكيتهم للأراضي، لكن النقابة عادت لاحقًا للتصرف في الأرض دون وجه حق. “نحن ندفع الثمن الآن.

لقد استلمنا العقود الرسمية، وبعد ذلك تم تقسيم الأرض بين الملاك بشكل واضح، لكن النقابة بدأت في إجراءات غير شرعية لتسليم الأرض لشركات استثمارية”. وأكد أن هذه الإجراءات جاءت دون علم الملاك، مما يضعهم في موقف صعب حيث باتوا مهددين بفقدان ممتلكاتهم.

الشكاوى القانونية وصراع الملاك:

أشار المعلم “م. أ.” إلى أن الملاك قاموا برفع دعاوى قانونية ضد نقابة المعلمين بعدما اكتشفوا أن النقابة بدأت في تصرفات غير مشروعة. “لقد تقدمنا بشكاوى عدة للجهات الحكومية، ولكن لم نجد استجابة فعلية حتى الآن.

نحن نواجه مافيا فساد تتلاعب بمصيرنا”، وأضاف: “النقابة لم تعد تملك أي حق قانوني في هذه الأراضي بعد أن تم بيعها وتسليمها للملاك، فلماذا إذن تتصرف بهذه الطريقة؟”.

المختصون يدقون ناقوس الخطر:

الدكتور فاروق عباس مكي، أحد الملاك، أكد أن ما يحدث يمثل كارثة حقيقية تهدد حقوق المعلمين. “نحن لا نتحدث فقط عن مسألة مالية، بل عن حقوق مئات الأسر التي تعتمد على هذه الأراضي كاستثمار مستقبلي”،

مشددًا على أن “النقابة تجاوزت كل الخطوط الحمراء عندما بدأت في التعامل مع شركات مقاولات ومستثمرين من دون الرجوع إلى الملاك”. ورأى أن هناك مؤامرة تهدف إلى تحويل هذه الأراضي إلى مشروعات استثمارية تخدم مصالح أشخاص مجهولين.

الفساد المؤسسي في النقابة:

أشار “ع. ر.”، معلم آخر متضرر، إلى أن الفساد داخل النقابة لم يكن محصورًا في هذه القضية فقط، بل هو جزء من منظومة فساد أوسع داخل النقابة على مستوى المحافظات.

وقال: “لقد عانينا لسنوات من فساد النقابة، والآن أصبحنا أمام كارثة حقيقية تهدد ممتلكاتنا”. وأضاف: “نحن لا نملك سوى اللجوء للقضاء لاستعادة حقوقنا”.

الخبراء القانونيون يحللون الموقف:

المحامي والخبير القانوني أحمد حسن أكد أن القضية تحمل أبعادًا قانونية معقدة. “بمجرد بيع الأراضي من قبل النقابة إلى المعلمين، تفقد النقابة الحق في التصرف في الأرض”،

موضحًا أن “أي تصرفات تمت بعد ذلك تعتبر غير قانونية ويمكن الطعن عليها في المحاكم”. كما أشار إلى أن توقيع العقود مع شركات استثمارية دون علم الملاك يعتبر انتهاكًا مباشرًا للقانون.

سعيد رمضان محمد بدوي، ممثل الجمعية العمومية لملاك الأراضي سابقا، تحدث عن دوره في محاولات الحفاظ على حقوق الملاك:

“لقد تم انتخابي من قبل الملاك لأكون الممثل القانوني لهم في هذه القضية. مهمتي الآن هي تقديم جميع المستندات التي تثبت ملكية المعلمين للأراضي، والوقوف ضد أي محاولات لانتزاع حقوقهم”. وأضاف: “لقد تواصلنا مع الجهات المختصة ورفعنا دعاوى قضائية لوقف هذه التجاوزات”.

الجانب الاقتصادي من الفساد:

أوضح الخبير الاقتصادي محمد عبد الله أن ما يحدث في هذه القضية هو مثال حي على الفساد المؤسسي الذي يضر بمصالح المواطنين. “عندما نتحدث عن فساد في مؤسسة نقابية مثل نقابة المعلمين، فإن التأثير يتجاوز الأفراد إلى الاقتصاد المحلي ككل.

فالأراضي التي يمتلكها المعلمون هي جزء من الثروة العقارية للإسكندرية، والتلاعب بها يعني ضرب الاقتصاد المحلي”، وقال: “إذا استمر هذا الوضع، فسيؤدي إلى خسارة كبيرة في حقوق الملاك، وربما انهيار سوق العقارات في هذه المنطقة”.

النقابة في مرمى الانتقادات:

أشارت المعلمة “ه. ع.”، إلى أن النقابة لم تكن في يوم من الأيام شفافة في تعاملاتها. “نحن كمعلمين دائمًا نشعر بأن هناك طبقة من الفساد داخل النقابة.

واليوم، مع قضية الأراضي، بات الفساد واضحًا تمامًا. كيف يمكن للنقابة أن تتصرف في أرض لا تملكها؟”. ورأت أن المعلمين بحاجة إلى تشكيل لجان رقابية مستقلة لمحاسبة النقابة.

الأمر لم يتوقف هنا:

الخبير العقاري كريم إسماعيل أوضح أن هناك علامات واضحة على أن الأرض قد تم تحويلها إلى مشروعات استثمارية بشكل غير قانوني.

“لقد تم تسليم الأرض لشركات استثمارية كبيرة، وهذا يعني أن هناك تواطؤًا بين النقابة وبعض الجهات الرسمية لتسهيل هذه العمليات غير المشروعة”. كما أكد أن “المستفيد الأكبر من هذا كله هم المستثمرون الذين حصلوا على هذه الأراضي بأسعار زهيدة”.

موقف هيئة المجتمعات العمرانية:

وأكد مصدر رفيع المستوي في هيئة المجتمعات العمرانية “رفض ذكر أسمه”، بأن الهيئة لم تكن على علم بكافة التفاصيل المتعلقة بالقضية. “لقد تلقينا توكيلًا من النقابة بخصوص الأرض، ولكن لم نكن نعلم أن النقابة لا تملك الحق في التصرف في هذه الأرض. إذا ثبت أن النقابة لا تملك الأرض، فسنقوم بإلغاء جميع العقود المبرمة”.

الإعلام والضغط المجتمعي:

أوضحت الناشطة الحقوقية، ليلى منصور، بأن القضية أثارت اهتمامًا واسعًا في الأوساط الإعلامية. “لقد بدأت وسائل الإعلام المحلية في تغطية هذه القضية، وهي تسعى إلى تسليط الضوء على الفساد داخل نقابة المعلمين.

ولكن هذا ليس كافيًا، نحتاج إلى ضغط مجتمعي أكبر لتصعيد القضية”. وأضافت: “القضية ليست فقط قضية قانونية، بل قضية مجتمعية تمس حقوق آلاف المعلمين”.

الإحباط بين المعلمين:

المعلم “س. د.” اختتم قائلًا: “لقد فقدنا الثقة في النقابة تمامًا. نحن نعلم الآن أن الفساد داخل النقابة أعمق مما كنا نتخيل. لكننا لن نصمت. سنواصل الدفاع عن حقوقنا حتى النهاية، وندعو كل معلم إلى الوقوف معنا في هذه المعركة”.

حيث يبدو أن قضية أراضي المعلمين في الإسكندرية قد أصبحت نقطة محورية في مواجهة مستنقع الفساد داخل نقابة المعلمين.

وبات من الضروري التحقيق في هذه التجاوزات بشكل شفاف وحاسم. ومع دخول القضاء على الخط، قد تكون هذه القضية مجرد بداية لكشف سلسلة من الممارسات الفاسدة التي أضرت بالمعلمين وأهدرت حقوقهم.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى