صرخة من أعماق الكارثة: دعوة لإعادة هيكلة علم المناخ
تتوالى التحذيرات من عواقب تغير المناخ، وتظهر الأصوات المنددة بفشل السياسات الحالية في التصدي لهذه الظاهرة المتزايدة الخطورة.
وفي هذا السياق، دعا مجموعة من العلماء والخبراء في مجال المناخ إلى “إصلاح شامل” للجنة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC)، مؤكدين على ضرورة منح العلماء صلاحيات للتأثير في السياسات الوطنية للدول. هذا التحذير يعكس واقعاً مريراً يتطلب خطوات جريئة قبل فوات الأوان.
من هم المتحدثون؟
خمس شخصيات بارزة من مؤلفي تقارير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ اتفقوا على أن دور العلماء يجب أن يتجاوز تقديم التقييمات العلمية إلى التدخل المباشر في صياغة السياسات.
وهؤلاء العلماء، الذين يمثلون مجموعة من الخبراء في مجال المناخ، يرون أن الوضع الحالي لا يمكن أن يستمر. فالهياكل القائمة باتت غير قادرة على مواجهة التحديات المتزايدة، وهو ما يتطلب تغييراً جذرياً.
تزايد المخاطر والواقع المرير
تزداد حدة تأثيرات تغير المناخ يوماً بعد يوم، وأصبح من الواضح أن التحذيرات التي أطلقها العلماء لم تجد صدى في الأروقة السياسية.
وسونيا سينيفيراتني، نائبة رئيس الهيئة، أبدت قلقها من عدم وجود “توجيه ملزم” للسياسات المناخية، مشيرة إلى ضرورة تحرك الدول نحو التخلي التدريجي عن الوقود الأحفوري. فالعلماء يشعرون بأن جهودهم تضيع في فوضى التناقض بين ما يوصون به وما يتم تنفيذه على أرض الواقع.
الحاجة إلى إعادة التقييم
تستند منهجية عمل الهيئة الحكومية الدولية إلى تقديم تقارير علمية تقييمية، والتي عادة ما تكون ضخمة ومعقدة. ومع ذلك، فإن هذه التقارير، رغم أهميتها، لم تحقق تأثيراً حقيقياً على صناع القرار. جيرت جان نابورس، أحد المؤلفين الرئيسيين، تساءل عن جدوى استمرار إنتاج هذه التقارير، في وقت تعرف فيه الدول الموقعة على اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ حجم التحدي الماثل أمامها. فمع استمرار ارتفاع الانبعاثات، تبقى المخرجات العلمية مجرد كلمات تُقرأ، دون أن تكون لها نتائج ملموسة.
مساعي التغيير
وفقاً للتقارير، فإن الهيئة توصي بخفض الانبعاثات الكربونية بنسبة 43% بحلول عام 2030 مقارنة بعام 2019، للوصول إلى هدف الحد من ارتفاع درجات الحرارة عند 1.5 درجة مئوية. هذا الهدف يبدو بعيد المنال، خاصة في ظل الإحصائيات التي تشير إلى أن الدول الكبرى مثل الصين والهند تساهمان بأكثر من 50% من الزيادات العالمية في الانبعاثات.
الخلط في المعلومات
المشكلات تتفاقم عندما يتم حذف بعض البيانات الحيوية من الملخصات السياسية، مثل الإشارة إلى دور الصين والهند في زيادة الانبعاثات. هذا يثير تساؤلات حول مصداقية الهيئة وقدرتها على التأثير الفعلي في التوجهات السياسية. غلين بيترز، المؤلف الرئيسي، أشار إلى ضرورة توضيح أسباب الزيادات في انبعاثات غازات الدفيئة في الدول المختلفة، وضرورة تقديم أمثلة ناجحة عن كيفية التخفيف من هذه الانبعاثات.
حاجة ملحة للتغيير
الوضع الراهن يتطلب إجراء تغييرات جذرية في كيفية عمل الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، والاعتراف بأن السياسات الحالية لم تعد كافية. إن التحذيرات المتزايدة من العلماء تدعو إلى تبني نهج جديد يتجاوز حدود البحث العلمي إلى اتخاذ إجراءات فعالة على الأرض. إن الخطر الذي يتهدد كوكبنا يتطلب منا جميعًا، علماء وصناع قرار، التكاتف للبحث عن حلول شاملة ومستدامة. الوقت ينفد، والعالم بحاجة إلى قرارات شجاعة الآن أكثر من أي وقت مضى.