من أين لك هذا؟ أزمة رسوم الطرق تفجر الغضب في الشارع المصري
تعيش مصر في هذه الأيام حالة من الاستياء العام والغضب الشعبي بسبب الزيادة المفاجئة في رسوم استخدام الطرق، حيث قفزت الرسوم الخاصة بالسيارات الملاكي والأجرة الصغيرة من 10 جنيهات إلى 15 جنيهًا، وارتفعت رسوم الأتوبيسات من 20 جنيهًا إلى 40 جنيهًا، في حين زادت رسوم النقل من 50 جنيهًا إلى 100 جنيه.
وهذه الزيادة الكبيرة تثير تساؤلات عدة حول أسبابها وآثارها المحتملة على حياة المواطن المصري، حيث تعد الشركة الوطنية لإنشاء الطرق، إحدى الشركات التابعة لجهاز خدمات القوات المسلحة، هي المسؤولة عن هذه الزيادة.
في شوارع القاهرة، لم يكن هناك حديث يعلو فوق الحديث عن الزيادة الجديدة. محمد عبد الرسول، سائق سيارة أجرة صغيرة، عبر عن استيائه قائلاً: “الزيادة بلا سبب واضح، نحن نعاني من ارتفاع تكاليف المعيشة،
وليس لدينا المزيد لننفقه على رسوم الطرق. الناس في الشارع تتحدث عن كيفية توفير لقمة العيش، والآن تأتي زيادة جديدة فوق أعبائنا”.
من جهة أخرى، يتعلق الغضب الشعبي، وفقًا لبعض الخبراء، بفشل الحكومات المتعاقبة في تحسين البنية التحتية للطرق. الدكتورة سارة فهمي، أستاذة النقل في كلية الهندسة بجامعة القاهرة،
أشارت إلى أن “زيادة الرسوم تشير إلى غياب رؤية واضحة لتطوير خدمات النقل في مصر. إذا كان يتم زيادة الرسوم، فكان الأجدر أن تُستخدم هذه الأموال لتحسين الطرق الحالية وتطويرها”.
أيضًا، يتساءل المواطنون عن كيفية استخدام هذه العائدات. أحمد سامي، أحد المواطنين الذين يعتمدون على وسائل النقل العامة،
قال: “الأوضاع في الشوارع لا تعكس المعايير التي يُفترض أن تتبعها الدولة. يجب أن نرى تغييرًا حقيقيًا بدلاً من مجرد رفع الرسوم.”
وفيما يشير إلى غليان الشارع المصري بشأن هذه الزيادات، صرح أحد النشطاء الحقوقيين، عماد سعيد، قائلاً: “هذه الزيادة ليست مجرد أرقام،
بل هي تعبير صارخ عن الفساد الإداري والمالي الذي يعاني منه المجتمع. كيف تُرفع الرسوم دون أن تُقدم الدولة مبررات أو بدائل؟”.
العديد من المواطنين عبروا عن مشاعر عدم الثقة تجاه الحكومة في ظل هذه الزيادة، حيث اعتبروا أن الدولة تستغل الظروف الصعبة لفرض المزيد من الأعباء عليهم.
وأحمد جبر، خريج حديث، قال: “إذا كانت الحكومة غير قادرة على تحسين خدمات النقل، فعليها أن تستمع لشكاوى الناس بدلاً من زيادات غير مبررة.”
وفي حين أن الحكومة تصر على أن هناك حاجة لتحسين الجانب المالي للطرق السريعة، فإن انتقادات المواطنين والمحللين تزداد حدة. تؤكد تقارير مختلفة عن أن جودة الطرق في مصر لا تتناسب مع التكلفة التي يتحملها المواطنون.
وتتجه الأنظار الآن إلى الحكومة وعدد من البرلمانيين، حيث يتوقع المواطنون أن يتم التساؤل عن مبررات هذه القرارات. عادل هاشم، أحد الناشطين السياسيين،
ذكر: “يتوجب على الحكومة أن تكون شفافة وتوضح كيف سيتم استخدام الأموال التي يتم جمعها من زيادة الرسوم. الناس هنا لا سيما الطبقات الفقيرة والمتوسطة تحتاج إلى طمأنة.”
زيادة الرسوم تفتح النار على جدل كبير حول الاقتصاد المصري، حيث يرى العديد من الاقتصاديين أن ذلك قد يؤدي إلى موجة ثانية من الغضب الشعبي بعد الاحتجاجات التي شهدها الشارع في السنوات السابقة.
الدكتورة أماني هلال، أستاذة الاقتصاد، أكدت أن “هذا النوع من الزيادات يعد بمثابة جرس إنذار للحكومة. إذا استمرت الأمور بهذا الشكل، فسوف نشهد تداعيات خطيرة على الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي”.
التحقيقات حول أسباب هذه الزيادة ليست بجديدة، حيث من الملاحظ أن تاريخ مصر مليء بمثل هذه القرارات التي أثارت الجدل والاحتجاجات.
لكن يبدو أن الوضع الحالي يسلط الضوء على احتياجات المواطن الأساسية، والتي تتعارض مع القرارات التمويلية الحكومية.
والواقع اليوم في مصر يدعو إلى التفكير فيما إذا كانت الحكومة على دراية كاملة بالواقع الذي يعيشه المواطن، ومتى ستقوم باتخاذ خطوات حقيقية لتحسين الوضع بدلاً من فرض المزيد من الأعباء.
حديث المواطنين والمختصين اليوم يكشف عن صورة غير مطمئنة لمستقبل الخدمات في مصر، ويبقى السؤال متزايدًا: هل ستستجيب الحكومة لصوت الشعب، أم ستستمر في سياسة الكيل بمكيالين؟