الأزمة تنفجر: البيض خارج الثلاجات والاحتجاجات على ارتفاع الأسعار تشتعل
في ظاهرة غير مسبوقة، اشتعلت الأوضاع في عدد من المحافظات المصرية مع بداية مقاطعة البيض، حيث بدأ المواطنون في اتخاذ موقف جماعي ضد الأسعار المرتفعة.
وبعد أن ارتفعت سعر طبق البيض إلى مستويات قياسية، قرر عدد من المواطنين والمزارعين والمختصين البدء في مقاطعة شرائه لمدة أسبوع كامل، الأمر الذي أثار ضجة كبيرة وأدى إلى نقاشات حادة حول الأسباب الحقيقية وراء هذا الارتفاع.
بداية الأزمة
يواجه المواطن المصري في هذه الأيام معضلة حقيقية تمثلت في التضخم الكبير في أسعار البيض، والذي تجاوز سعره الـ 100 جنيه للطبق، في وقت كان المواطنون فيه يأملون في الحصول على منتجات غذائية بأسعار معقولة.
وتُعتبر البيضة من المصادر الأساسية للبروتين، لكن ارتفاع أسعارها جعل العديد من الأسر تعيد التفكير في كيفية تنظيم ميزانيتها الغذائية.
أحمد محمود، أحد المواطنين من محافظة الجيزة، يعبر عن استيائه قائلاً: “لم يعد لدينا خيار. البيض لم يعد طعامًا متاحًا لنا.
كلما ذهبت إلى السوق، أجد الأسعار قد ارتفعت بشكل جنوني. يجب على الدولة أن تفعل شيئًا، فنحن نحتاج إلى البيض في نظامنا الغذائي”.
المزارعون أيضًا يعانون
المفارقة في هذه الأزمة هي أن المزارعين، الذين يعتبرون مصدر البيض، يعانون أيضاً من نفس المشكلات. محمد عوض، مزارع من محافظة البحيرة، يرى أن ارتفاع الأسعار يرجع إلى زيادة تكاليف الإنتاج، حيث يضطر المزارعون إلى شراء الأعلاف بأسعار باهظة.
ويقول: “نحن لا نملك خيارًا. الأسعار تحلق في السماء، والتكاليف تزداد بشكل يومي. نحن نحب عملنا ولكننا نحتاج لدعم حقيقي من الحكومة”.
الموقف يتفاقم مع عدم القدرة على تخزين البيض بشكل فعال، حيث أن البيض مادة قابلة للتلف، ويتطلب ظروف تخزين محددة.
لذا، فإن أي ارتفاع في الأسعار يؤدي إلى تفاقم المشكلة، حيث يضطر المنتجون إلى بيعها بأسرع ما يمكن، مما يؤدي إلى تراكم الخسائر.
الحكومة تحت الضغط
مع تفاقم الأزمة، بدأت الاحتجاجات تخرج من نطاق مواقع التواصل الاجتماعي إلى الشوارع. وقد أبدى كثير من المواطنين استيائهم من تقاعس الحكومة في التعامل مع هذا الأمر.
ترى الدكتورة نجلاء خالد، خبيرة الاقتصاد الزراعي، أن الوضع يتطلب استجابة فورية من الحكومة. تقول: “ينبغي أن تكون هناك استجابة سريعة من الحكومة، سواء من خلال دعم المزارعين أو تنظيم السوق، لأن ترك الوضع هكذا قد يؤدي إلى فقدان العديد من الأسر لدخلها الأساسي”.
تداعيات المقاطعة
في إطار نقاشات المواطنين حول المقاطعة، أعرب الكثيرون عن تفاؤلهم حيال هذا الإجراء. سعاد بهجت، ربة منزل، تقول: “المقاطعة هي الوسيلة الوحيدة لإيصال صوتنا للحكومة. يجب على الحكومة أن تفهم أننا لا نستطيع الاستمرار في دفع أسعار غير معقولة لنفس المنتج”.
الارتفاع غير المبرر في الأسعار دفع النشطاء والمواطنين إلى استخدام وسائل التواصل الاجتماعي للتعبير عن احتجاجاتهم والمطالبة بخيارات بديلة.
ودشّن حسابات عديدة على “فيسبوك” و”تويتر” لحث الناس على التوجه نحو مقاطعة البيض كخطوة أولى لتحقيق تغيير حقيقي.
دعوات للتغيير
بعد مرور أكثر من يومين على انطلاق المقاطعة، بدأت تتعالى الأصوات المطالبة بضرورة تدخل الحكومة. حسن علي، ناشط مدني، أكد أن “الأمر لا يتعلق فقط بالبيض، بل بالأوضاع الاقتصادية العامة التي يعاني منها المواطن. نحن بحاجة إلى رؤية واضحة من الحكومة، وليس مجرد وعود فارغة”.
التصريحات كانت تتوالى. الدكتورة منى طه، أستاذة الاقتصاد في جامعة القاهرة، علقت على الوضع قائلة: “الأزمة الحالية هي نتيجة لفشل السياسات الاقتصادية وعدم وجود خطة استراتيجية لضبط الأسواق. يجب أن تكون هناك رؤية واضحة للتجارة الداخلية، لضمان استقرار الأسعار”.
الأزمة المتعلقة بأسعار البيض ليست مجرد أزمة غذائية
الأزمة المتعلقة بأسعار البيض ليست مجرد أزمة غذائية بل هي تعبير عن أعمق المشاكل الاقتصادية التي تواجه المجتمع المصري. من الضروري أن تستمع الحكومة لصوت الشعب وتتخذ إجراءات فورية لحل هذه المشكلة.
حركة المقاطعة، على الرغم من أنها غير محصورة فقط في البيض، إلا أنها تحمل رسالة قوية للقائمين على إدارة البلاد بضرورة احترام حقوق المواطنين وتقدير معاناتهم. ويبقى السؤال: هل ستستجيب الحكومة لهذا الضغط الشعبي، أم ستظل الأمور كما هي دون تغيير؟
إن النقاش حول الأزمة الحالية سيبقى مفتوحًا، من المؤكد أن هناك حاجة ماسة لإيجاد حلول جذرية تعيد الأمل للمواطنين وتضمن لهم حقهم في الغذاء بأسعار مناسبة.