تقارير

أسيوط تحت العذاب: فساد الإسكان الاجتماعي يحول الأحلام إلى كوابيس

في محافظة أسيوط، تُعتبر مشاريع الإسكان الاجتماعي أملًا للكثير من الأسر الفقيرة ومتوسطة الدخل، لكن يبدو أن هذا الأمل يتلاشى تحت وطأة الفساد والإهمال.

وفي هذا السياق موقع “أخبار الغد” يسلط الضوء على حالة الفوضى والفساد التي تكتنف مشاريع الإسكان، مشيرًا إلى كيف أن العديد من الأسر المُنتظرة لوحداتها السكنية انتهى بها المطاف في كوابيس من التأخير والمعاناة. ومن خلال شهادات المواطنين وخبراء مختصين، نكشف معًا عن أبعاد تلك الأزمة.

الواقع المُرّ

وتبدأ القصة مع “علي حسام”، أحد المتقدمين للحصول على وحدة سكنية في مشروع الإسكان الاجتماعي، والذي يعبر عن معاناته: “قدمت طلبي منذ ثلاث سنوات، ورغم الوعود الكثيرة، إلا أنني لم أحصل على أي رد. هم يقولون إنه يوجد تأخير، لكني أشعر أن هناك شيئًا غير صحيح يحدث.”

تستند معاناة علي إلى واقع العديد من المواطنين، حيث تٌعتبر التسريبات حول الفساد في توزيع الوحدات السكنية منتشرة بين الناس، مما يدفعهم للشك في نزاهة العملية برمتها.

الفساد في التوزيع

تتحدث “سلمى فؤاد”، مُحامية مشهورة في مجال حقوق الإنسان، قائلة: “لقد تلقينا العديد من الشكاوى في مكتبي حول توزيع وحدات الإسكان.

وهناك من تم منحهم عدة وحدات رغم أن شركاتهم تعتبر وهمية، بينما تُستثنى الأسر التي تحتاج للمساعدة الحقيقية.”

إن ما يتحدث عنه آراء المواطنين والمختصين فصل كبير يُظهر كيفية انحراف النظام عن وظيفته الأصلية، وتحول الإسكان إلى منصة للفساد والمحسوبية.

شهادات الضحايا

التقت “منى جلال”، موظفة حكومية، بمواطنة أخرى تُدعى “عائشة نبيل” التي تبدي استيائها: “لقد كنت أنتظر وحدة سكنية منذ عامين، وعندما ذهبت للاستفسار، أخبروني أن الأسماء قد تم تغييرها. أشعر بأنني أعيش في كابوس.”

تُلقي عائشة الضوء على تجربة مريرة تعكس حالة الإحباط التي يُعاني منها الكثيرون. إن هنالك شعور متزايد بأن البيروقراطية أصبحت عقبة أمام الحياة.

خفايا الفساد

يتناول موقع “أخبار الغد” نماذج من الفساد الواضح، حيث تُشير “دكتورة هالة عماد”، خبيرة في الشؤون الاجتماعية، إلى أن “هناك علاقات مشبوهة تربط المسؤولين بالمقاولين، مما يؤدي إلى منحهم وحدات سكنية على حساب المواطنين.”

هذا الشك سيُزرع في نفوس الكثيرين، حيث يصبح من الصعب المصداقية فيما يتعلق بالمعايير التي تُعتمد عند توزيع الوحدات السكنية.

التأخير في التنفيذ

تعبّر العديد من الأسر عن إحباطها بسبب التأخيرات المستمرة في تنفيذ المشاريع. يقول “عبد الله جلال”، أحد المتأثرين: “كلما اتجهنا للاستفسار، قيل لنا إن هناك مشاكل في التمويل، لكننا نعلم جيدًا أنهم يعبثون بالأموال.”

هنا تُثار تساؤلات حول توجيه الأموال وكيفية استغلالها، مما يزيد من الغضب السائد بين المواطنين.

المطالبات بالإصلاح

تُشير “دكتورة رانيا علي”، ناشطة في حقوق الإسكان، إلى أن “المجتمع المدني يجب أن يلعب دورًا حاسمًا في هذا الشأن. يجب أن تُضاف مطالب الناس إلى جدول الأعمال، في إطار تسجيل الشكاوى والمطالبة بالتحقيق.”

تعتبر هذه الدعوة ضرورية لإعادة ترتيب الأولويات، حيث يجب أن يُستمع لصوت المواطن واستعادة الثقة المفقودة في العملية التوزيعية.

أبعاد الأزمة

تشير الأزمة الحالية في الإسكان الاجتماعي بأسيوط إلى فشل ملموس في تنفيذ رؤية الحكومة لتخفيف الضغط عن الأسر الفقيرة. وتقول “دكتورة سهى رياض”، أستاذة في التخطيط العمراني: “إذا استمر الفساد والإهمال، فإن بدلاً من توفير حلول سكنية، سنشهد المزيد من التوترات الاجتماعية.”

ويُنذر هذا المستقبل القاتم بتفاقم الوضع إذا لم يتحرك المعنيون لإصلاح القضايا العالقة.

الأمل في التغيير

رغم كل الأزمات والتحديات، يتبقى أمل في التحرك نحو العدالة. قال “صلاح الدين المنديل”، ناشط سياسي: “نحن بحاجة إلى تعزيز قوانين الشفافية والمحاسبة، ووقف عبث الفساد بمشاريع الإسكان. نحن نستحق الأفضل.”

إن هذا الشعور بالتغيير والقوة هو ما قد يساعد على إشعال الثورة ضد الفساد، ويطالب الجميع بتحقيق العدالة.

صوت الشارع

تسجل الشهادات المذكورة تحولًا ملحوظًا في آراء الشارع تجاه مشاريع الإسكان الاجتماعي. المُعاناة تتجلى في عيون المزارعين والموظفين الذين يسعون للحصول على حقوقهم.

“علي محمد”، يعمل كفني كهربائي، يؤكد: “لقد ذُكرت الأرقام بشكل مرارًا وتكرارًا ولكن لم يكن هناك أي تطور. إن محاسبة المسؤولين أمر بالغ الأهمية.”

وتبقى القضية مطروحة أمام الجميع: كيف يمكن للسكان أن يثقوا في نظام يتجاهل صوتهم ويُفشل آمالهم؟ سؤال يتطلب الاستجابة الفورية وإجراءات عملية للتغيير.

وإسكان قطاعي اجتماعي لا ينبغي أن يكون بُعدًا يُسجل في صفحات الأخبار، بل يجب أن يكون حقًا أساسيًا يُعزز الكرامة الإنسانية. دعونا نمضي قدمًا في توجيه صوت المواطنين إلى صانعي القرار دون تردد.

إن الهياج والغضب في أسيوط لا يجب أن يتلاشى، بل يجب أن يتحول إلى حوار فعّال يؤدي إلى التغيير. فالفساد في مشاريع الإسكان ليس مجرد قضايا فردية، بل هو تأكيد على الحاجة للتغيير والعدالة.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى